هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
على
غير العادة مع أزمات الصحفيين والنظام العسكري الحاكم في مصر؛ أنهت السلطات
الأمنية أزمة موقع "مدى مصر"، التي بدأت بتقرير صحفي حول نجل السيسي،
نتج عنه اعتقال الصحفي شادي زلط، ثم اقتحام الأمن لمقر الموقع واعتقال ثلاثة من
طاقمه، ثم الإفراج عنهم بعد مرور ساعات قليلة، بعدما أحدثت الأزمة ضجة إعلامية
عالمية.
واعتقلت
قوات الأمن المصرية، فجر السبت 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، الصحفي شادي زلط، المحرر
بـ"مدى مصر"، على خلفية تقرير للموقع يكشف عن إبعاد محمود النجل الأكبر
لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، من جهاز المخابرات العامة، وإلحاقه للعمل كملحق
عسكري في روسيا.
ولم
تكتف السلطات الأمنية في محاولتها الكشف عن المصادر التي تحدثت للموقع عن إبعاد
نجل السيسي، بالقبض على "زلط"، ولكنها قامت قبل يومين باقتحام مقر
"مدى مصر"، واحتجاز الصحفيين به، ومصادرة أجهزتهم وهواتفهم، واعتقال
ثلاثة من محرري الموقع، وذلك في حضور اثنين من مراسلي قناة "فرانس24"، واللذان
قاما بإبلاغ السفارة الفرنسية بالقاهرة التي تدخلت بدورها على الفور.
وبرغم
اعتقال عشرات الصحفيين المصريين النقابيين وغير النقابيين لمدة سنوات على خلفية
عملهم الصحفي، دون استجابة من النظام للمناشدات الحقوقية ومن الصحفيين للإفراج
عنهم، إلا أن النظام وفي واقعة غير مسبوقة أفرج عن جميع المعتقلين من موقع
"مدى مصر"، بعد حوالي 3 ساعات من اعتقالهم.
وروى
الناشط الحقوقي والصحفي المصري حسام بهجت تفاصيل اقتحام قوات أمن الانقلاب لمقر
"مدى مصر، الأحد، مشيرا عبر صفحته على "فيسبوك"، إلى أنه من حسن حظ
العاملين بالموقع وجود مراسلين فرنسيين معتمدين في مصر من قناة "فرانس24"،
لعمل مقابلة عن القبض على شادي زلط، مؤكدا أنهم أبلغوا سفارتهم وحضر نائب السفير
الفرنسي والملحق الصحفي للسفارة لمقر الموقع.
"علاقات قوية بالخارج"
وحول أسباب خضوع نظام السيسي، للضغوط الخارجية والإفراج عن طاقم "مدى مصر"، بهذه السرعة، أكد الكاتب الصحفي حسن حسين، أن "هناك سببين لا ثالث لهما، الأول: وجود صحفيين فرنسيين داخل مقر مدى مصر، والثاني: هو التدخل السريع لنشر الخبر والتنديد به على قناة (CNN)".
وأضاف
لـ"عربي21"، أنه "من المعروف أن حسام بهجت، مدير الموقع له علاقات
خارجية قوية جدا، ولديه أصدقاء نافذون داخل لجنة حقوق الإنسان بالأمم
المتحدة".
اقرأ أيضا: مكرم محمد أحمد: السيسي بنى مصر الحديثة وحاصرنا إعلام الإخوان
من
جانبه، قال الكاتب الصحفي خالد الشريف، إن "طريقة تعامل السيسي، مع الصحافة
والإعلام لم تتغير منذ الانقلاب العسكري 2013، فهو يعتبر نشر الصحافة للحقيقة
جريمة، وأي رصد للواقع، جريمة".
الشريف،
بحديثه لـ"عربي21"، أوضح أنه "يتم اعتقال ومطاردة الصحفيين لمجرد
نشر أخبار لا تروق للسلطة؛ بل يقوم باقتحام وتأميم الصحف والمواقع الإلكترونية
المعارضة والمهنية".
"الإعلام الدولي"
وأشار
إلى أن الأمر تطور حتى "انتقل للصحافة الأجنبية؛ فتم إغلاق مكتب (BBC) عقب أزمة المعتقلة (أم
زبيدة) وابنتها، ولكن الجديد هذه المرة اقتحام مقر موقع (مدى مصر) بالقاهرة
واعتقال أفراد من طاقمه".
وقال
الكاتب الصحفي إن هذه الحملة كانت بهدف "البحث عن مصدر خبر استبعاد محمود
السيسي، من المخابرات ونقله إلى روسيا؛ لكشف خصوم السيسي ونجله بالمخابرات
العامة"، مشيرا إلى أن "الطريقة كانت غاشمة للغاية وطالت عدة جنسيات
أجنبية بين أمريكان وفرنسيين وإنجليز، ومصريين لا ينتمون لأي اتجاه معارض".
ويعتقد
الشريف، أن طريقة البطش الغاشمة تلك "سببت حرجا للدول الداعمة لمصر، خاصة ما
تم من اقتحام واعتقال ومصادرة للأجهزة بحثا عن مصدر الخبر ما يعد جريمة بحق
الصحافة".
وأكد
أن "تعليمات تلك الدول صدرت بالإفراج عن رعاياها والبحث داخل الجهاز
المخابرات، وأن هذه مشكلة لا يتحملها الصحفيون أو (مدى مصر)".
وأشار
إلى "دور التضامن الصحفي الدولي مع الصحفيين المحتجزين واحتجاجا على واقعة
الاقتحام وما سببه من ردود فعل دولية غاضبة"، موضحا أنه "ولذلك كان
التراجع سريعا".
وأكد
الصحفي المصري أن "سياسة نظام السيسي مع الإعلام كما هي لم تتغيير، ولا زالت
حالة العداء الجنونية تُمارس ضد الصحفيين والإعلاميين بسبب رصدهم الحقيقة وعدم
سيرهم في طابور التطبيل والنفاق والتملق".
وختم
الشريف حديثه بالقول إن "الصحافة حاليا في مصر أصبحت مهنة غير آمنة في ظل
استبداد وبطش السلطة الحالية".
"ضغوط خارجية"
وأرجع
الكاتب الصحفي المعارض محمد منير، بحديثه لـ"عربي21"، تراجع النظام
المصري عن حملته الأمنية ضد موقع "مدى مصر" بأنها "ضغوط
خارجية"، مشيرا إلى أن إرادة وسطوة السيسي محلية وليست دولية.
وحول
نوع تلك الضغوط، أشار إلى أنها متعددة من "الأمم المتحدة بعد مراجعة ملف مصر
الحقوقي بجنيف 13 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ومن منظمة العفو الدولية وغيرها من
الجهات الحقوقية، وإعلامية من الصحافة العالمية، وسياسية من الدول المؤيدة من النظام".
وأعلن
الصحفي اليساري، تضامنه مع الكاتب الصحفي المعتقل رئيس موقع "مصر
العربية"، عادل صبري، مشيرا لما تعرض له من اعتقال لمدة 3 سنوات لنشره تقريرا
منقولا من صحيفة أجنبية عن انتخابات الرئاسة بمصر، ومعلقا بقوله: "ليس
له ظهر".
وناشد
منير الجماعة الصحفية للمطالبة بالإفراج عن زملائهم المحبوسين، مؤكدا أنه من كثرة
عدد المعتقلين صرنا ننسى أسماءهم.
وعبر
مواقع التواصل الاجتماعي، سخر الكاتب الصحفي سليم عزوز، من رضوخ السيسي، للضغوط
الغربية وكتب عبر صفحته بـ"فيسبوك": "عزيزي الكائن السيساوي، ما هو
شعورك، و(الدكر) بتاعك يخضع للأوامر الأجنبية في موقعة موقع (مدى مصر)؟".
وانتقد
الناشط محمد نبيل، ما أسماه بالغزوة الميمونة ضد "مدى مصر"، مؤكدا عبر
"فيسبوك"، أن احتجاز صحفيين فرنسيين وأمريكيين بمقر جريدة مقننة فضيحة
دولية، وأنه نتيجة لها فإن المقال الذي تكلم عن محمود السيسي، تم نشره آلاف المرات
بالعربية والإنجليزية.
وأضاف
أن "إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين من الجريدة يؤكد المعلومات التي ذكرها
المقال، وأن ما تم دفعه من أموال للدعاية الإعلامية عن احترام حقوق الإنسان
والفيديوهات التي تم تصويرها من السجون، ذهبت سدى".