هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمقررة الخاصة في الأمم المتحدة في قضايا القتل الفوري والإعدام خارج القانون أغنيس كالامار، تقول فيه إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لا يمكنه تحمل "المسؤولية" في مقتل جمال خاشقجي، ثم إلقاء اللوم على أتباعه.
وفيما يأتي النص الكامل للمقال، الذي ترجمته "عربي21":
إن ادعاءات السلطات السعودية بأن عملية مارقة هي التي أدت إلى مقتل الصحافي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي لا تدعمها الأدلة التي كشف عنها، فقد توصل تحقيق جرى على مدى ستة أشهر أنه وخلافا لما زعمته السعودية، فإن خاشقجي كان ضحية قتل خارج القانون، وهي جريمة قتل تتحمل المملكة العربية السعودية المسؤولية عنها.
وظلت السلطات السعودية تنفي هذا الأمر لمدة عام، حتى لقاء في الأسبوع الماضي، عندما أخبر محمد بن سلمان صحافيا عن مسؤوليته عن الجريمة، وقال في برنامج "ستون دقيقة" على قناة "سي بي أس": "عندما يرتكب مسؤول يعمل لدى الحكومة السعودية جريمة ضد مواطن سعودي فأنا مسؤول عنها".
وبالتأكيد، فإن مسؤولية الدولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ليست متعلقة بأي مسؤول في الدولة أمر بالاغتيال، أو أن الذين قاموا بالجريمة تصرفوا بناء على قرارهم الخاص، فالدولة مسؤولة عن أفعال ارتكبها مسؤولون تصرفوا تحت غطاء وضعهم الرسمي، واستخدموا أرصدة الدولة المتوفرة لديهم.
إن رجل الدولة "المسؤول" لا يتورط لمدة 12 شهرا في عملية إنكار ومحاولات تضليل عن المسؤولية، وأي زعيم "مسؤول" لم يكن ليتسامح وعلى مدى 12 شهرا مع استمرار السياسات غير المتسامحة والقمع، التي قادت إلى اغتيال خاشقجي.
ولا يزال الأمر، ففي الذكرى الأولى على وفاة خاشقجي، وبعد ثلاثة أشهر من صدور تقريري، الذي قدمت فيه التفاصيل من أنه يجب التعامل مع مقتله على أنه جريمة ارتكبتها الدولة، لدينا هذا الاعتراف الرسمي، وذهب ولي العهد للقول: "هذا خطأ ويجب علي اتخاذ الخطوات كلها لتجنب أمر كهذا في المستقبل".
وإذا وضعنا جانباً حقيقة أن قتل خاشقجي لم يكن "خطأ"، فإن هناك عدة خطوات يجب على ولي العهد اتخاذها.
وهذه هي بعض العناصر الأساسية: اعتراف كامل بالمسؤولية للشعب السعودي، اعتذار رسمي من الحكومة السعودية لعائلة خاشقجي وخطيبته خديجة جنكيز، ويجب ألا تتوقف التزاماته عند الكلمات فقط، ويجب عليه الإفراج فوريا عن المعتقلين والمعتقلات كلهم، الذين سجنوا لأسباب تتعلق بالنشاط السلمي ولآرائهم، ويجب تقييم الظروف والمؤسسات التي ساعدت في قتل خاشقجي بطريقة شفافة، ويجب الإعلان عن إعادة تأهيل وإصلاح لوكالات الاستخبارات السعودية: طريقة اتخاذ القرار والتدريب وقواعد السلوك، وكيف نعرف أن هذا حدث؟ زعيم "مسؤول" يتأكد من أن هذا حصل.
إن اعتراف ولي العهد يثير قضية أخرى، وهي التسلسل القيادي، ومن هو "العقل المدبر" للجريمة؟ فقد أصر في المقابلة أنه لم يصدر الأمر للعملية، مشيرا بدلا من ذلك إلى طبقات من المسؤولين الذين يقفون بينه وبين من ارتكبوا الجريمة، وعلى ما يبدو فهو يعتقد أن هذا يحميه من الإدانة الشخصية، ولا يعمل القانون بهذه الطريقة وكذلك القانون الدولي.
وفي الحقيقة أثبت تحقيقي، وبناء على أدلة موثوقة، وجود علاقة وثيقة بين من نفذوا القتل وولي العهد، وهي علاقة أوثق مما اعترف به، وتظهر الأدلة أن التخطيط لعملية قتل خاشقجي استخدمت فيها مصادر وأرصدة الدولة، وعلى مدار أسبوعين بعد العملية، ذهب السعوديون أبعد من هذا، وقاموا بتدمير الأدلة على الجريمة وأنكروا حتى وفاته، ولم يكن هذا ليحدث دون أمر من ولي العهد.
وبموجب القانون الدولي، فإن مسؤولية ولي العهد الجنائية لا تقوم على مسألة أمره بالقتل أم لا، بل إن مسؤوليته الجنائية تقوم على كونه عضوا في السلسلة القيادية التي نفذت العملية، ويتم استحضار المسؤولية القانونية لو تجاهل المعلومات بشكل يشير إلى ارتكابه للجريمة في المستقبل أو فشله للتحرك بقوة لمنعها، أو أنه اتخذ خطوات للتستر عليها بعد ارتكابها.
وعلاوة على هذا، فإن جريمة مقتل خاشقجي ارتكبت وسط عمليات قمع منظمة ضد المعارضين في السعودية، وارتكبت فيها عمليات تعذيب غير قانونية واعتقالات تعسفية، وأشرف ولي العهد على جرائم أخرى وتصعيد، ولم يتخذ خطوات لمنع الجريمة، وهذا كله يعرضه للمسؤولية.
ومنا هنا فإن مسؤولية ولي العهد تتعلق فيما قام به ولم يرتكبه، ولا يمكن تحقيق العدالة في هذه الأعمال لخدمة الذات، وتفصيل العدالة لخدمة مصالحه الشخصية، وهذا لا يعد عدالة ولا تحملا للمسؤولية.
إن تحقيقا جنائيا مناسبا في المسؤولية الجنائية لمسؤول بارز في التسلسل القيادي الذي أشرف على قتل خاشقجي سيحدد المسؤولية الشخصية لولي العهد، وفقط عندما يتخذ الخطوات كلها لمنع أمور كهذه في المستقبل.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)