هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف تعميم منسوب لمصلحة الشهر العقاري بوزارة العدل المصرية، عن قرار لرئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، بمنع إجراء أية معاملات متعلقة ببيع الأراضي والممتلكات الواقعة في زمام شبه جزيرة سيناء، إلا بعد العرض على رئيس الجمهورية، وصدور موافقته الشخصية على إتمام عمليات البيع من عدمها.
وحسب التعميم الذي صدر في 16 من تموز/ يوليو الماضي، فإن رئاسة الجمهورية خاطبت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من أجل تنفيذ هذا الإجراء، باعتبار أن كل أراض سيناء مملوكة للدولة.
ويؤكد برلمانيون وقانونيون ونشطاء سيناويون، أن القرار الذي تم تعميمه على مكاتب الشهر العقاري بكل المحافظات، يتواكب مع سلسلة إجراءات يقوم بها السيسي، للضغط على أبناء سيناء لترك قراهم ومدنهم، في إطار سياسة التهجير التي يقوم بها لخلق مساحة عازلة تحمي حدود إسرائيل من ناحية مصر.
سلسة إجراءات
ويوضح الناشط السيناوي فراج العريشي لـ"عربي21" أن القرار الأخير، تزامن مع قرار تخصيص حرم الطريق الدائري بعرض 2 كم على طول الطريق للقوات المسلحة، وهو الطريق الذي يمر بمعظم قرى ومدن شبه جزيرة سيناء، ما يعني منح الجيش سلطة انتزاع الأراضي من الأهالي بحجة متطلبات الأمن القومي.
ويضيف العريشي:" خلال الثلاثة أشهر الماضية زادت إجراءات النظام لتفريغ سيناء على أرض الواقع، بدءا من قرار نقل تبعية مطار العريش الدولي للجيش، ثم مطالبة الأهالي باتخاذ إجراءات تقنين وضع اليد للأراضي والمزارع التي يعيشون فيها منذ مئات السنين، مع اشتراط إثبات الجنسية المصرية، ووجود عقود إيجار أو تمليك لهذه الأراضي حتى يتم السماح للأهالي بالحصول على تعويضات إذا خرجوا من أراضيهم، وهي إجراءات في مجملها شبه مستحيلة".
اقرأ أيضا: هل يفضح إضراب سيناء خطة "الرصاصات الطائشة" للجيش؟
ويشير العريشي لإجراءات أخرى تصب في نفس الاتجاه، منها نقل كثير من المصالح والهيئات الحكومية وخاصة السجل المدني والشهر العقاري إلى القنطرة شرق، وصدور تعليمات للسجلات المدنية بعدم إصدار بطاقات الرقم القومي لكل أهالي سيناء حتى لو كان يتم تجديدها وليس استخراجها للمرة الاولى، ومنع صيادي سيناء، من الصيد في البحرين المتوسط والأحمر، بينما يتم السماح لقوارب أجنبية للصيد في نفس الأماكن.
ووفق الناشط السيناوي، فإن أهداف العملية العسكرية "سيناء 2018"، أصبحت معروفة الآن، وهي استخدام قوة الجيش المصري وسلاحه، لإرهاب الأهالي والتنكيل بهم، وإخافتهم، لتنفيذ ما يريده السيسي بترك أراضيهم ومزارعهم، وإلا تعرضوا للقتل أو الاعتقال.
حماية إسرائيل
من جانبه يؤكد وكيل لجنة الإسكان السابق بمجلس الشعب المصري عزب مصطفى لـ"عربي 21" أن قرار رئيس نظام الإنقلاب العسكري، بعدم إجراء أية عمليات بيع لأراض أو ممتلكات بسيناء إلا بموافقته الشخصية، باعتبارها ملكا للدولة، يعني أن أبناء سيناء ليس لهم مكان هناك، وأن من حق النظام طردهم.
ويوضح مصطفى أن أبناء شمال سيناء هم المعنيين بهذا الإجراء، خاصة وأن جنوب سيناء تعتمد على القرى السياحية والمنتجعات المملوكة لأشخاص وشركات محلية وعالمية، وبالتالي فإن تطبيق هذا القرار عليهم سوف يؤدي لانتكاسة سياحية واقتصادية، وإلا لماذا استثناهم السيسي قبل عامين من قانون المناطق الاقتصادية بسيناء، وبالتالي فإن القرار خاص بأبناء شمال سيناء، الذي يعاملهم السيسي وكأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة.
اقرأ أيضا: الداخلية المصرية تقتل 11 مسلحا بالعريش وتزعم الاشتباك معهم
ويضيف مصطفى:" دائما كان الحديث خلال حكم مبارك، عن ظلم أهالي سيناء، موضوع شائك داخل البرلمان، وكانت الدولة تتحجج بمتطلبات الأمن القومي، وأطماع إسرائيل في سيناء، وهو ما يجعل الدولة حريصة على تعليق حرية تعامل أبناء المحافظة في أراضيهم وممتلكاتهم، ولكن رغم ذلك فإن الحكومة كانت تسمح لهم بالتعامل مع أراضيهم ومزارعهم بحرية، وليس بهذا التضييق المتعمد الذي يحدث الآن".
ويشير البرلماني السابق إلى أن وسائل الإعلام نشرت مؤخرا عن إخلاء آخر قرية بمدينة رفح من أهلها، ما يجعل الدور على المدن التي تقع بين العريش وبئر العبد، ثم المدن التي تقع بين بئر العبد والقنطرة، في إطار تهجير وإخلاء كل شمال سيناء للضفة الأخرى من قناة السويس، حتى تكون سيناء في النهاية عبارة عن صحراء مهيئة لتنفيذ مخططات السيسي الداعمة لإسرائيل.
غياب ثقة
ويوضح الخبير الدستوري أحمد الكومي لـ"عربي21"، أن كل النظم العسكرية بمصر، تعتبر شبه جزيرة سيناء، مناطق مملوكة لها، وليس من حق المواطنين مشاركتهم فيها، رغم أن الدساتير المختلفة، لم تنص على ذلك، وإنما منحت أبناء سيناء حقوقهم كمصريين دون تفرقة.
ويضيف الكومي: "تحت شعار متطلبات الأمن القومي، يتم التلاعب بالدستور والقانون، وهو التجاوز الذي يستخدمه نظام السيسي بتوسع، وفي بعض الأوقات يستخدم هذا التجاوز في الشيء وضده، ما يؤكد أن الأمور لا تخضع لأي متطلبات أمن قومي، وإلا كان من باب أولى عدم التفريط بجزيرتي تيران وصنافير باعتبارهما يمثلان عمقا استراتيجيا للأمن القومي المصري والعربي".
ويوضح الخبير الدستوري أن القرار الأخير باشتراط موافقة رئيس الجمهورية على عمليات البيع والشراء لأراضي سيناء، يعكس غياب الثقة بين السيسي وقيادات القوات المسلحة، لأنه وفقا للتفويض الذي يمنحه رئيس الجمهورية لوزير الدفاع بولايته على الأراضي الاستراتيجية والحدودية، فإن الأخير هو صاحب التصرف فيما يتعلق بسيناء، كما حدث من السيسي أثناء رئاسة الدكتور محمد مرسي، عندما أصدر قراره الشهير بمنع تملك غير المصريين للأراضي بسيناء.