هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب سايمون تيسدال، يقول فيه إن ترامب يهمه تحقيق الصفقات، بغض النظر عمن يموت بسببها.
ويقول تيسدال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21": "كم من المزعج أن يتفاخر دونالد ترامب اليوم بإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لواحدة من أكبر المعارك في العالم، إلى درجة أنه يخاطر ببدء حرب أخرى قد تكون أكبر منها، وقد تسأل ما الذي يمكن أن يكون بهذه الخطورة، والجواب هو بيع الخبرة النووية الأمريكية للسعودية دون ضمانات قوية بأنها لن تستخدم لتصنيع قنابل نووية".
ويشير الكاتب إلى أن "التأكيد جاء متأخرا هذا الأسبوع بأن وزارة الطاقة الأمريكية أصدرت سبعة تصاريح منفصلة تسمح بنقل التكنولوجيا الذرية إلى الرياض، وجاء متأخرا لأنه تم حجب تلك المعلومات عمدا حتى أصر الديمقراطيون على رؤيتها، ومتأخرا أيضا لأن ترامب وعائلته والأشخاص المرتبطين به، هم دون شك على علم بالشكوك بأنهم قد يستفيدون ماديا من تلك المبيعات والمبيعات المستقبلية".
ويؤكد تيسدال أن "حقيقة أن رخصتين تم إصدارهما بعد قتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، الخريف الماضي، ليست أسوأ الأمور، فبدلا من معاقبة النظام على ارتكابه تلك الجريمة، كما تتطلب الأخلاق، مضى ترامب في صفقاته بغض النظر عن أي اعتبارات، ولا حتى حقيقة أن السعودية تقوم بأشنع حرب ضد الشعب اليمني منعت إدارة ترامب من المضي قدما في الصفقات".
ويجد الكاتب أن "الأسوأ من ذلك كله، هو أن من الواضح أن إمداد السعودية بخبرات نووية سيدفع بإيران، الخصم اللدود والمنافس الإقليمي للسعودية، إلى تطوير قدراتها النووية، ومن المفترض أن تكون حملة ترامب من التهديدات والعقوبات لطهران تستهدف ردع إيران عن فعل ذلك، فإثارة إيران لفعل ذلك هي أمر في غاية الغباء والنفاق".
ويقول تيسدال: "ببساطة لا يكفي القول بأن المفاعلين السعوديين المخطط لهما، اللذين ستبدأ المناقصات لبنائهما العام المقبل، يهدف منهما الاستخدام المدني وليس العسكري، فإلى الآن على الأقل، ترفض الرياض أن تقدم ضمانات بأنها ستتجنب تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم، وهما طريقان معروفان للأسلحة النووية، أو قبول التفتيش المستقل".
ويلفت الكاتب إلى أنه "منذ توقيع إيران على اتفاقية صادقت عليها الأمم المتحدة عام 2015 لكبح أنشطتها النووية، يقال إنها التزمت بشروط الاتفاقية، بما في ذلك السماح بالتفتيش في أي وقت وفي أي منطقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد ينتهي التعاون الكامل قريبا، بسبب قرار ترامب الغبي بالانسحاب من الاتفاقية، ومع ذلك فإن احتمال التصعيد في قنبلة نووية سعودية سيدفع بإيران نحو سباق محموم كامل نحو تسليح نفسها".
ويرى تيسدال أنه "ليس من الجيد أن نقول مثل، وزير الطاقة في إدارة ترامب، ريك بيري، إن لم تعط واشنطن للسعوديين ما يريدون فإن آخرين سيفعلون ذلك، فتلك حجة مبتذلة لطالما استخدمها تجار السلاح في أنحاء العالم كله، وادعى بيري بأن الصين وروسيا لا تعيران اهتماما لمنع انتشار الأسلحة النووية، وحتى لو كان ذلك حقيقيا فهل يعتقد أنه بإمكان أمريكا، أو أنه يجب عليها أن تهمل قوانينها وقوانين الأمم المتحدة والحلفاء النوويين، مثل بريطانيا وفرنسا؟".
ويفيد الكاتب بأن "ناقدي الكونغرس يعتقدون بأن البيت الأبيض يستخدم أسلوب المصادقة على رخصة لمرة واحدة؛ لتجاوز ما يسمى عملية الحماية 123، ويشيرون أيضا إلى العلاقة بين عائلة ترامب والسعوديين، وقال السيناتور الديمقراطي تيم كين: (لدي أسئلة جادة حول ما إذا كانت القرارات بشأن نقل الخبرة النووية تم اتخاذها بناء على علاقات عائلة ترامب المالية بدلا من مصالح الشعب الأمريكي)".
ويقول تيسدال، "إن لم يكن هذا كله كافيا لإقناع أي شخص منطقي بأن صفقات ترامب مع السعوديين هي فكرة غير مسؤولة تماما، فلتفكر في الآتي: لقد توعد ولي العهد السعودي المتهور محمد بن سلمان، العام الماضي، بأنه إن قامت إيران بتطوير قنبلة نووية (فسنفعل ذلك في أقرب فرصة)، ولأن المسؤولين السعوديين والإسرائيليين يقولون إن إيران تفعل ذلك، فإن النتيجة تصبح واضحة".
ويعتقد الكاتب أن "صفقة ترامب النووية مع السعودية ليست سوى جزء من التملق للسعودية، وهي عبارة عن سداد للسعودية لإبقائها أسعار النفط متدنية، وهناك ناتج آخر عن هذه العلاقة السامة، وهو قيام ترامب بإلغاء المنع الذي فرضه الكونغرس على بيع الأسلحة التقليدية للسعودية، وعكس المنع القلق تجاه اليمن، وارتبط أيضا بتدخل النظام الاستبدادي بشكل فج في الشأنين الليبي والسوداني، واضطهاد الناشطات الحقوقيات، وقضية خاشقجي التي لم تحل، وهذا القلق الذي لا تتم مشاركته مع المكتب البيضاوي".
ويجد تيسدال أن "ترامب والسعوديين مزيج سيئ، أما ترامب والأسلحة النووية فهو مزيج أسوأ، فبتوصية منه، تم تمزيق اتفاقيات نووية رئيسية، مثل معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، أو اتفاقية (بداية جديدة) التي سيسمح لها بأن تنتهي (دون تجديد)، وفي وقت يقترب فيه موعد مؤتمر مراجعة اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1968 لا تقدم أمريكا سوى مجرد مزيد من المفاوضات حول المفاوضات، بدلا من الالتزام بالاتفاقية والوعد بنزع السلاح النووي".
ويختم الكاتب مقاله بالقول بأن "ترامب يدعي بأنه يريد أن يتخلص من الأسلحة النووية، لكن هذا كلام مزدوج صادر عن رجل ذي وجهين، فالتوافق بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية في العالم في حالة انهيار؛ وما علينا إلا النظر لكوريا الشمالية لرؤية ذلك، وأمريكا، مثل روسيا والصين، تقوم بتحديث ترسانتها النووية، وتسعى لتطوير أسلحة جديدة، وقد تقوم دول أخرى بالسير في الطريق ذاته، وكما تظهر الصفقات الغامضة مع السعودية فإن ترامب يهمه تحقيق صفقات، بغض النظر عمن يموت بسببها".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)