ملفات وتقارير

ضباط مصر يتربعون على عرش البطولة في "دراما رمضان"

هشام عبد الله: الحكم العسكري يرسخ في وجدان الشعب أن البطل والمثالي دائما هو الرجل العسكري- جيتي
هشام عبد الله: الحكم العسكري يرسخ في وجدان الشعب أن البطل والمثالي دائما هو الرجل العسكري- جيتي

أفسحت خطة المخابرات العامة في مصر الاستحواذ على غالبية الفضائيات المصرية الشهيرة من خلال شركة إعلام المصريين، الطريق أمام شركة "سنرجي" للإنتاج الفني للمنتج "تامر مرسي" لاحتكار إنتاج المسلسلات، وعرضها حصريا على شاشات تلك القنوات التي يرأس مجلس إدارتها.

وكشفت ملامح الدراما في مصر عن دور جديد للنظام وتحديدا للمخابرات العامة في تحديد ملامح سوق الدراما المصرية؛ حيث أخذت الدراما منحى جديدا بعد تدخل المخابرات في رسم خريطة المسلسلات بإبراز صورة ضابط (الجيش أو الشرطة) البطل ومنحه مساحات واسعة أو مؤثرة.

واحتكر تامر مرسي صاحب شركة (سينرجي للإنتاج الفني) ورئيس مجلس إدارة (إعلام المصريين) التابعة للمخابرات العامة هذا العام إنتاج 15 مسلسلا من أصل 23، واختفت شركات إنتاج كبرى مثل "العدل جروب"، و"فنون مصر"، و"ماجنوم"، وباقي المسلسلات من إنتاج أفراد.

وقال فنانون ونقاد لـ"عربي21" إنه لم تعد أي شركة إنتاج قادرة على منافسة شركة "سنرجي" لأن جميع القنوات الكبرى التي تعرض المسلسلات آلت ملكيتها إلى "إعلام المصريين"؛ وبالتالي لا توجد قنوات ستعرض أعمال أي منتجين آخرين إذا رفضت "إعلام المصريين" عرضها على شاشاتها".

 

اقرأ أيضا: "كود أخلاقي".. سلاح لتجميل وجه عسكر مصر بدراما رمضان

"قمع المسلسلات"


وفي نيسان/ أبريل 2019، نشرت مجلة "إكسبريس" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سعي السيسي لإحكام قبضته على كل شيء في مصر، حتى وصلت مجال المسلسلات التلفزيونية.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السيسي الذي وضع يده على السياسة وأرهب وسائل الإعلام وطارد معارضيه، يتجه الآن نحو تعزيز رقعة سياسته القمعية تجاه المجتمع المصري عبر التدخل في إخراج المسلسلات التلفزيونية.

ووفقا للصحفي الأمريكي المتخصص في الشأن المصري، ديكلان والش، فإن "قمع المسلسلات يعتبر بمثابة رأس حربة الاستبداد المتجذر في مصر من أجل الهيمنة على الثقافة".

وفي الشهر ذاته من نفس العام، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن السيسي يوسع قبضته الحديدية الآن لتصل إلى منطقة جديدة في المجتمع المصري، وهي المسلسلات التلفزيونية.

وكشفت الصحيفة "مخرجون وممثلون يقولون إن مسؤولين محسوبين على السيسي يملون عليهم نصوصاً تلفزيونية معينة ويخفضون الأجور، بينما تولت شركة إنتاج مرتبطة بالجيش مسؤولية عدد من أكبر المسلسلات، وأبلغوهم بضرورة أن يواصلوا الإشادة بالجيش والشرطة".

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن الحملة ضد المسلسلات التلفزيونية "هي الجانب الثقافي للنسخة الاستبدادية بعيدة المدى والمتسلطة التي ترسخت في مصر في عهد السيسي".

 

اقرأ أيضا: ملامح دراما رمضان.. غياب الزعيم والشرطة ورانيا وحلا بالحجاب

ترسيخ نظام العسكر

وعن أسباب دخول المخابرات المصرية على خط احتكار الدراما في مصر، قال الإعلامي والسيناريست، حسام الغمري، إن الهدف "هو إعادة تشكيل الشارع المصري بعد ثورة يناير والانقلاب عليها، وضد عمل قنوات المعارضة التي تبث من إسطنبول التي ساهمت في إعادة تشكيل الوعي المصري؛ وذلك باستخدام إمكانيات الدراما ذات التأثير العميق في وجدان المشاهد".

وأوضح لـ"عربي21": أن "الاهتمام (بتبيض) صورة الضابط يهدف إلى ترسيخ الجمهورية العسكرية الثانية التي بدأت بانقلاب 3 يوليو، تلك الجمهورية التي تمنح السيادة المطلقة للضباط، وللقشرة المدنية الرقيقة التي تتعاون معها مثل شريحة القضاة".

وأضاف أن "نظام السيسي يريد أن يستلهم تجربة عبد الناصر الذي أسس مؤسسة السينما في القرن الماضي لتأميم صناعة السينما، وإخضاعها للقواعد التي تناسب نظامه الدكتاتوري، وقبل ذلك استطاع أن يسيطر على سوق التوزيع وتأميم شركات مثل شركة (مصر فون) التي أسسها الراحل محمد فوزي"، مشيرا إلى أن "هذا الاستنساج للتجربة يفعله بمساعدة شركة "سنرجي المخابراتية " التي تسيطر على سوق إنتاج الدراما في مصر".

إعادة إنتاج "عهد ناصر"

ويرى الفنان المصري هشام عبدالله أن دخول النظام على خط العمل الفني في مصر قديم وليس بالجديد، قائلا: "طوال فترة الحكم العسكري وهم يرسخون فى وعي ووجدان الشعب أن البطل والمثالي دائما هو الرجل العسكري، وبدأت من فيلم (رد قلبي) مرورا برأفت الهجان وجمعة الشوان والثعلب وغيرها من المسلسلات المخابراتيه؛ لترسيخ الحكم العسكري، وسواعده مثل القضاء".

 

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "جزءا من هذا التدخل هو من أجل تزييف التاريخ والحقائق مثلما فعلوا مع حقبة الملك فاروق، ونحن أقرب ما نكون لإعادة مرحلة عبد الناصر وصلاح نصر التي استمرت بأشكال مختلفة إلى أن عادت لسيرتها الأولى والبناء عليها لكن هذه المرة لتغيير العقيدة لدى الجيش والشعب بأن إسرائيل ليست عدوا، والأفظع هو هدم العقيدة الدينية".

ووصف من يحكم مصر "بالصهيوني الذي يفرط فى مقدرات مصر ومواردها وبيع أراضيها وتغيير التركيبة السكانية والاجتماعية، وهدم الثوابت وإفقار مصر وشعبها وتركيعه، ومنح إسرائيل سيطرة مطلقة دون إطلاق رصاصة واحدة، وضياع ريادة مصر للعالم العربي وبمساعدة من دول مثل الإمارات والسعودية واستخدام أموالهم في السيطرة على الإعلام والفن والرياضة".

التعليقات (0)