تستعد
ساحل العاج لتنظيم انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وسط أجواء من التوتر والاحتقان، فيما يبدي متابعون مخاوفهم من عودة التمرد والحرب الأهلية لهذا البلد الغرب أفريقي المثقل بذكريات أزمات انتخابية دامية، أبرزها أحداث 2010-2011 التي خلفت نحو 3 آلاف قتيل، وأحداث 2020 التي أودت بحياة 85 شخصا.
وانطلقت الحملة الانتخابية التي يتنافس فيها 5 مترشحين يوم الجمعة الماضي، وينتظر أن يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الـ25 من الشهر الجاري.
وتعتبر هذه
الانتخابات مفصلية في تاريخ البلد الذي شهد تاريخا مضطربا من الأزمات السياسية ومُثقلا بالانقلابات العسكرية والصراع على السلطة، ويشتهر بالعنف الانتخابي الذي يحدث في مع كل اقتراع رئاسي.
خمس مرشحين
رسميا نشر المجلس الدستوري القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، حيث قبل ملفات 5 مترشحين من أصل 60 مترشحا.
وتضمنت قائمة المترشحين، كلا من الرئيس منتهي الولاية والطامح للفوز بولاية رئاسية رابعة
الحسن واتارا، وهنرييت لاغو، وهي مترشحة سابقة لرئاسيات 2015، ووزير التجارة السابق جان لوي بيلون، كمترشح عن تنسيقية "المؤتمر الديمقراطي" المكونة من 8 أحزاب سياسية.
اظهار أخبار متعلقة
كما تضمنت القائمة أهوا دون ميلو وهو ناشط في "حزب الشعوب الإيفوارية" الذي يرأسه غباغبو، وقد أعلن الحزب تبرأه منه بعدما أعلن نفسه مترشحا احتياطيا في حال رفض ترشح الرئيس السابق، بالإضافة إلى سيمون غباغبو.
رفض ملفات 55 مترشحا
في المقابل رفض المجلس الدستوري 55 ملفَّ ترشح، من أبرزها ملفُّ الرئيس السابق لوران غباغبو.
ويعتبر لوران غباغبو أحد أبرز السياسيين في ساحل العاج ويرأس حاليا "حزب الشعوب الإفريقية" المعارض، حيث تولى رئاسة ساحل العاج لنحو عقد من الزمن، وهزم في الانتخابات التي جرت 2010 لكنه رفض الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات وأشعل أزمة سياسية انتهت باعتقاله في العام الموالي في مقر إقامته من قبل القوات التابعة لخصمه الحسن وتارا المدعومة من قوات فرنسية خاصة.
وضمن القائمة التي تم رفضها أيضا تيجان تيام رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري وغيوم سورو الوزير الأول الأسبق، إضافة إلى الوزير الأسبق شارل بليه غوديه.
وبرّرت السلطات في ساحل العاج، استبعاد، تيام وهو رئيس أكبر أحزاب المعارضة، من الترشح، بازدواجية الجنسية، حيث إنه يحمل الجنسيتين الإيفوارية والفرنسية، أما بالنسبة لكل من غباغبو وبليه غوديه وسورو، فبررت اللجنة استبعادهم بإدانتهم بأحكام سجنية.
لكن هذه المبررات لم قنع طيفا واسعا من السكان، حيث يتفاعل قرار الاستبعاد من الترشح بشكل واسع.
قلق من عودة التمرد
وابدى متابعون للشأن الأفريقي قلقهم من عودة التمرد للبلاد، خصوصا بعد مقتل مظاهر خلال احتجاجات رافضة لترشح الرئيس الحالي الحسن واترا لولاية رئاسية رابعة.
فقد أعلنت الشرطة الإيفوارية مقتل شاب بالرصاص على يد مجهولين في جنوب البلاد، خلال احتجاجات مناهضة لترشح واترا.
وأوضحت الشرطة في بيان أن الشاب البالغ من العمر 22 سنة "توفي متأثرا بجروحه الناجمة عن طلقات نارية بعدما أصيب في الفك بمقذوف أطلقه مجهولون كانوا يستقلون سيارة رباعية الدفع"، خلال مظاهرات في "بونوا"، معلنة فتح تحقيق في هذه الحادثة.
واستخدمت الشرطة العنف لتفريق مظاهرات قبل أيام دعت إليها أحزاب المعارضة في أبيدجان، واعتقلت عشرات المشاركين فيها، وذلك بحجة عدم ترخيصها من طرف السلطات.
كما توقفت الدراسة ببعض المدارس جراء احتجاجات طلابية رفضة لترشح واترا، وأقامت الشرطة العديد من الحواجز الأمنية تحسبا لتصاعد أعمال الشغب والعنف في شوارع البلاد.
ومع تصاعد حدة الأزمة السياسية في هذا البلد الغرب أفريقي، تزايدت المخاوف من عودة البلاد إلى سنوات الجمر إبان
الحرب الأهلية.
وعرفت ساحل العاج حروبا أهلية بسبب أزمات سياسية كانت أشدها الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في الفترة من 2002 إلى 2005 وأحداث 2011 والتي كان للسياسيين دور كبير في تأجيجها، حيث قتل في هذه الحرب المئات، وطيلة هذه الحرب كانت البلاد منقسمة إلى جزأين، الشمال الخاضع لسلطة المتمردين، والجنوب الخاضع لسلطة الحكومة.
اظهار أخبار متعلقة
وضع حساس
ووصف الرئيس الحالي المنتهية ولايته الحسن واترا، الظروف الحالية التي تسبق موعد الانتخابات الرئاسية بالحساسة ويسودها القلق والخوف.
والتقى واترا الثلاثاء الماضي مدينة ياموسوكرو، بعدد من الوجهاء، وشدد على ضرورة ضبط النفس وتهدئة الوضع.
يأتي ذلك بعد ما لوّح قادة المعارضة باللجوء للشارع، رفضا لقرار منع معارضين بارزين من الترشح، وتنديدا بترشح واترا لولاية رئاسية رابعة.
ونظمت الجبهة المشتركة في ساحل العاج المكونة من "حزب الشعوب الإفريقية - كوت ديفوار" برئاسة لوران غباغبو، و"الحزب الديمقراطي الإيفواري" برئاسة تيجان تيام، خلال الفترة الأخيرة عدة مظاهرات رافضة لولاية رئاسية رابعة للرئيس الحسن واتارا.
"حملات تضليل واسعة"
وفي سياق حالة الاحتقان والتوتر انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شائعات وأخبار وصفت بالمضللة، فيما تحدثت الوكالة الوطنية لأمن أنظمة المعلوماتية ومقرها أبيدجان عن حسابات قالت إنها ترمي إلى "إثارة الفوضى" تُدار بينها بوركينافاسو.
وقالت الوكالة الوطنية لأمن أنظمة المعلوماتية في ساحل العاج إن السلطات العسكرية في بوركينا فاسو تستعين بمجموعة قوية من الناشطين يروّجون شائعات مضللة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحمل هذه المجموعة اسم "وحدة التدخل السريع للإعلام".
وسبق أن اتّخذ الرئيس الحالي والمرشح الأبرز في ساحل العاج الحسن وتارا مواقف مناهضة للانقلابات العسكرية في ثلاث من دول الساحل، هي مالي وبوركينافاسو والنيجر، كما أنه مقرب من فرنسا التي توترت علاقاتها مع القادرة العسكريين الممسكين بالسلطة في دول الساحل الثلاثة.
وتقع ساحل العاج في غرب أفريقيا وتحدها شرقا غانا، وغربا غينيا وليبيريا، وشمالا مالي وبوركينا فاسو، وتطل على البحر من الجنوب عبر خليج غينيا والمحيط الأطلسي. تعد من بين الدول الأفريقية الغنية بالنفط والغاز الطبيعي بالإضافة إلى مجموعة من المعادن على رأسها الحديد، النحاس.