صحافة دولية

ناشونال إنترست: هل يقود تدهور غزة لحرب جديدة مع إسرائيل؟

ناشونال إنترست: تراجع الأوضاع في غزة يهدد بحرب جديدة مع إسرائيل- عربي21
ناشونال إنترست: تراجع الأوضاع في غزة يهدد بحرب جديدة مع إسرائيل- عربي21

نشر موقع "ذي ناشيونال إنترست" مقالا لكل من العميد في الجيش الإسرائيلي رام يافني، والمحلل السياسي في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، آري سيكيوريل، يقولان فيه إن المراقب العابر لا يلام إن ظن أن إسرائيل وحركة حماس تقفان مرة أخرى على شفير حرب، عندما يرى الصواريخ تطير فوق تل أبيب، وفي المقابل تستهدف إسرائيل قيادات في حركة حماس كرد فعل. 

 

ويستدرك الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "بالرغم من الوضع المتقلب في غزة على مدى العام الماضي، إلا أن الطرفين يبحثان التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بدلا من التصعيد لحرب رابعة خلال عقد، فقد تشكل هناك شكل من الردع المتبادل يمكن، بل إنه يشجع، الطرفين على الحد من العنف وتجنب الحرب الشاملة".

 

ويقول الكاتبان إنه "مع أنه يعطي وميضا من الأمل للاستقرار، إلا أن هذا التوازن الهش بين ديمقراطية ليبرالية ومجموعة إرهابية قد ينهار في المستقبل القريب، بسبب وضع غزة الإنساني، والقابلية الكبيرة للخطأ في الحسابات بين العدوين".  

 

ويشير الكاتبان إلى أن "الحافز الحالي للجانبين للحد من العنف ناتج عن عوامل عسكرية وسياسية على مدى الأعوام الأخيرة، وعلى المستوى العملياتي، فإن تمكن إسرائيل من اعتراض الصواريخ واكتشاف الأنفاق التي تعبر الحدود ساعد على التخفيف من حاجتها للرد بقوة وبسرعة قبل أن تصبح هذه الوسائل الدفاعية متوفرة".

 

ويرى الكاتبان أن "تطور الإمكانيات الاستخباراتية التقنية الآن يمكن إسرائيل من استهداف حركة حماس بدقة أكبر، وهو ما يقلل من احتمال وقوع ضحايا مدنيين قد يؤدي إلى انتقام عنيف من حركة حماس، بالإضافة إلى أن الجيش الإسرائيلي منع حركة حماس من النجاح في استغلال مسيرات العودة لاختراق السياج الحدودي ومهاجمة المجتمعات الإسرائيلية القريبة، وهو ما كان سيضطر إسرائيل لاستخدام قوة للدفاع عن الحدود أكبر مما تفعل الآن".

 

ويلفت الكاتبان إلى أنه "في الوقت ذاته فإن شبكة أنفاق حركة حماس داخل غزة تساعد في ردع أي تصعيد عسكري إسرائيلي على الأرض، فكما كان واضحا من حرب عام 2014 تعطي هذه الأنفاق لحركة حماس وللمنظمات الأخرى مرونة عملياتية وعنصر المفاجأة التكتيكية لفرض تكلفة عالية وإعاقات لأي اجتياح بري للجيش الإسرائيلي، حتى لو كان محدودا".

 

ويجد الكاتبان أن "المخاوف الاستراتيجية تساعد على إقناع إسرائيل بعدم التصعيد في غزة، حتى عندما تستمر حركة حماس في هجماتها العشوائية، فحرب أخرى على حدود إسرائيل الجنوبية ستشغلها عن همها الرئيسي: التهديد الأكبر من حزب الله وإيران على الحدود الشمالية، لكن مع كونه التهديد الأقل، إلا أن حربا أخرى مع غزة قد تتسبب بتكلفة اقتصادية باهظة لإسرائيل".

 

ويبين الكاتبان أن "عملية اجتياح كامل واحتلال لغزة ستترك إسرائيل تتحمل المسؤولية التي لا تريدها عن منطقة تترنح باتجاه أزمة إنسانية، وحتى في 2014، عندما لم يكن الوضع الاقتصادي بالحالة البائسة ذاتها اليوم، كان احتمال تصعيد الحرب للقضاء على حركة حماس ينطوي على تكاليف سياسية وعسكرية، بما في ذلك إعادة احتلال غزة، وهو أكثر مما يمكن للزعامة الإسرائيلية أن تتحمله، بالإضافة إلى أن إبقاء حركة حماس (عنوان عودة) يعطي الأخيرة شيئا يمكن أن تخسره إن تصاعدت الهجمات بشكل كبير من غزة".

 

وينوه الكاتبان إلى أن "حاجة حركة حماس لمنع الانهيار الاقتصادي التام في غزة هي أمر أكثر إلحاحا من هدفها طويل الأمد المتمثل في تدمير إسرائيل، فبالتأكيد يصبح الهدف الأخير أكثر صعوبة إن وقع الانهيار، وفي الحقيقة فإن حركة حماس، التي تخشى تدهورا أكبر في اقتصاد غزة، التي تعاني من نقص الماء والكهرباء، ردت بعنف على المتظاهرين المطالبين بإصلاحات، وزاد من الأزمة لحركة حماس قرار أمريكا وقف المساعدات للفلسطينيين، وقرار السلطة الفلسطينية التوقف عن دفع الكهرباء لغزة، وهو ما يزيد من ورطة حركة حماس". 

 

ويقول الكاتبان: "إلى الآن، فإن هذا يشجع حركة حماس على التحريض على ما يكفي من العنف، بما في ذلك من خلال مسيرات العودة؛ للفت النظر دوليا لوضع غزة الداخلي المأساوي، وفي الوقت ذاته تجنب إثارة رد فعل قوي من الجيش الإسرائيلي قد يقوض قبضة حركة حماس على غزة، وإلى الآن استطاعت حركة حماس أن الاستفادة من مسيرات العودة لتحقيق مكاسب صغيرة، مثل توسيع مناطق صيد الأسماك".

 

ويرى الكاتبان أن "من المساعد أن إسرائيل وحركة حماس بدأتا في التفاوض معا بشكل أكثر إنتاجية، وتسمح خطوط الحوار غير المباشر عبر مصر وقطر للجانبين بأن تكون لهما خلافاتهما المعلنة، وفي الوقت ذاته الإبلاغ عن الظروف التي يمكن في ظلها التصعيد، ولذلك عملت حركة حماس تحت المستوى الذي لا يترك خيارا للقيادة الإسرائيلية إلا التصعيد دفاعا عن النفس".

 

ويفيد الكاتبان بأن "الظروف العملياتية والاستراتيجية لتعزيز مظهر استقرار تجمعت، لكن لا يوجد سلام، وبالمقارنة مع الاستمرار في الصراع الذي ساد من عام 2008-2014، فإن المستوى الأقل لتبادل الضربات ونشوب المناوشات والضربات المنفردة قد يستمر، ويكون هذا هو العادي، حيث يفتقر كلا الجانبين لأي حافز حقيقي للتصعيد للوصول إلى حرب شاملة".

 

ويقول الكاتبان: "لعلم حركة حماس بأن القيادة الإسرائيلية الحالية مترددة في الذهاب إلى تلك الحرب -مع البقاء على جاهزية للرد بما يتناسب مع الاستفزازات الأقل- فإنه يمكنها أن تزن استخدامها للعنف للحصول على اهتمام وتنازلات دولية لتعزيز موقعها في غزة". 

 

ويستدرك الكاتبان بأن "عدة متغيرات قد تقوض هذا الاستقرار النسبي، وترفع من مخاطر صراع كبير آخر، وأهم تلك المتغيرات هي الظروف المتدهورة في غزة، مع قرب انتهاء الدعم المالي القطري للكهرباء في غزة التي قد تكون هي سبب الاشتعال، أي أن الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة قد تصل إلى نقطة تصبح فيها مخاطرة حركة حماس في خوض معركة كبيرة مع إسرائيل أكثر تحملا من ثورة شعبية".

 

ويقول الكاتبان إن "الردع المتبادل قد ينهار من خلال تصعيد غير مقصود، كما حصل عدة مرات في عدة أماكن من قبل، واستمرار مهاجمة السياج الحدودي ليلا، حيث يقوم المتظاهرون بإشعال النيران وإطلاق العبوات الحارقة داخل إسرائيل يشير إلى أن حركة حماس تحاول سبر الحدود العليا لتحمل إسرائيل للعنف، ولذلك تستطيع حركة حماس أن تفي بالتفويض الذي منحته لنفسها بصفتها حركة مقاومة فلسطينية، دون الحاجة للجوء لإطلاق الصواريخ، الذي قد يستدعي انتقاما كبيرا من الجيش الإسرائيلي، الذي بدوره قد يؤثر على شعبية حركة حماس، وتمكنها من حكم غزة، لكن يمكن أن تقوم حركة حماس بسهولة، وحتى دون قصد، بدفع هذا التحمل (الإسرائيلي) إلى حد أبعد".

 

ويقول الكاتبان إن "حركة حماس تتنافس مع منظمات فلسطينية متطرفة أخرى داخل غزة، لا تقلق أي منها بحكم غزة، وبعضها أكثر تطرفا من حركة حماس، فمثلا حركة الجهاد الإسلامي تمتلك ترسانة صواريخ خاصة بها، ولم تخش الحركة من استخدامها أحيانا دون موافقة حركة حماس، وإن تراجع اقتصاد غزة أكثر، وبدت قيادة حركة حماس أكثر ضعفا، فقد تشعر هذه المجموعات أنها تحت الضغط، أو تتشجع على التصرف ضد إسرائيل دون العودة إلى حركة حماس".

 

ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: "لذلك، فإن الرادع المتبادل الحالي لا يمكن أن يشكل حلا على المدى الطويل للفلسطينيين أو للإسرائيليين، لكنه يبقى أفضل مما سبقه من دوامة الحروب الشاملة، ومع ذلك فمع غياب بديل مؤقت لانهيار غزة المتوقع، فإن حركة حماس وإسرائيل قد تسيران نحو صراعهما الرابع منذ عام 2008، بغض النظر عن رغبة كل منهما".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)