هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في محاولاته لاستمالة قلوب المصريين ودفعهم لإقرار التعديلات الدستورية المثيرة للجدل في مصر؛ انتهج النظام عدة وسائل قبيل ساعات من انطلاق الاستفتاء عليها، غدا السبت.
وتفتح لجان الاستفتاء أبوابها التاسعة صباح السبت، ولمدة 3 أيام للتصويت على التعديلات التي يحق التصويت عليها لـ 61 مليونا و344 ألفا و503 ناخبين، بنحو 10 آلاف و878 مركزا انتخابا، و13 ألفا و919 لجنة انتخابية، بإشراف 15 ألفا و324 قاضيا يعاونهم حوالي 120 ألف موظف.
"أغاني للكبار.. وشعبية للصغار "
وحسب رصد لـ"عربي21"، فإن أولى تلك الوسائل التي انهجها النظام هي دغدغة مشاعر المصريين بإذاعة الأغاني الوطنية القديمة منذ عهد عبدالناصر والسادات وحتى حسني مبارك، لاستثارة الوطنية في قلوب كبار السن من المصريين.
لكن الجديد هو إنتاج عدة كليبات جديدة مصورة لأشهر المطربين الشعبيين المصريين والعرب، لحث الشباب على النزول والمشاركة في التصويت بالاستفتاء.
ومن تلك الأغاني"إنزل وشارك"، للمطرب الشعبي أحمد شيبة وفرقة مسار إجباري.
اقرأ أيضا: يسري يدعو لمقاطعة الاستفتاء على تعديل الدستور بمصر
وأغنية للمطرب محمد فؤاد "خدنا معاك" بدعم من الهيئة الوطنية للانتخابات.
و"إعمل الصح" غناء مصطفى حجاج، و"المصري الأصلي" للمطربة هدى شعراوي.
وكانت المفاجأة الأكبر هي مشاركة المغنية اللبنانية نانسي عجرم بكليب باسم "راجل ابن راجل"، أثارت غضب بعض متابعيها حيث يظهر فيه السيسي وهو يفتتح بعض المشروعات الخدمية.
وفي مفاقة قد تكون لأول مرة أطلق النائب البرلماني إسماعيل نصر الدين، أغنية بعنوان "انزل شارك"، حث فيها المصريين وناخبي دائرته للتصويت بـ"نعم".
"منح لطلاب الجامعات"
وكانت ثاني الخطوات والوسائل التي انتهجها النظام، هي التأثير على طلاب الجامعات خاصة وأن لهم حق التصويت؛ حيث تبارى رؤساء الجامعات المصرية في عقد مؤتمرات حاشدة للطلاب وتقديم الحوافز لهم للمشاركة بالاستفتاء والتصويت بنعم.
وكشف مقطع فيديو مصور لرئيس جامعة القاهرة عثمان الخشت، وسط حشد طلابي بساحة الجامعة وهو يعد الطلاب بمنحهم 5% من الدرجات هبة من الجامعة، ودفع المصروفات عن الطلاب المتأخرين فيها، وإعفاء طلاب المدن الجامعية من رسوم شهر مايو، ومنحهم 4 أيام إجازة الأسبوع المقبل.
كما شارك رئيس جامعة دمنهور عبيد صالح، واللواء هشام آمنة محافظ البحيرة بمسيرة طلابية حاشدة، الخميس، لدعوة المواطنين للمشاركة بالاستفتاء، وسط وعود للطلاب بمنحهم درجات بامتحانات نهاية العام.
وعقدت جامعة حلوان 13 ندوة للطلاب حول التعديلات، ووعد رئيسها ماجد نجم، بتوفير المواصلات للطلاب والعاملين للذهاب إلى الاستفتاء.
وفي نفس السياق نظم محافظ القاهرة، اللواء خالد عبدالعال، ماراثونا بشوارع القاهرة الجمعة، بالتعاون مع مديرية الشباب والرياضة لدعوة المواطنين للاستفتاء، تم فيه استدعاء نحو 10 آلاف شاب وفتاة من مراكز الشباب وبعض الهيئات والشركات الحكومية.
وفي تعليق لها، قالت الناشطة المصرية نيفين ملك: "لا تتعجب من المتاجرة بحاجة طلاب الجامعات واستغلال عجز البعض عن سداد المصروفات، رحم الله دولة المؤسسات".
"مغازلة الفقراء بكرتونة رمضان"
وكان ثالث تلك الخطوات هو اللعب على مشاعر المصريين قرب رمضان ووعود للمصوتين وخاصة النساء، بالحصول على كرتونة رمضان بها كيلو سكر وأرز ومكرونة وزجاجة زيت وبلح، إلى جانب مبالغ مالية تصل لـ150 جنيها.
رباب، وآمال، وسعاد، ثلاث ربات بيوت، أكدن مجتمعات لـ"عربي21"، أنهن تلقين وعودا من القائم على إحدى الجمعيات الأهلية التابعة للحكومة بقريتهم في محافظة الشرقية، أنه في حال ذهابهم للجان الانتخابية أيام السبت والأحد والاثنين، سوف يعطيهن كرتونة رمضان.
السيدات الثلاث، أكدن أنه ضابط صف متطوع سابق بالجيش، ويسيطر على الجمعية المحلية وأنه قام في السابق بمساعدة عشرات السيدات في الحصول على معاش "تكافل وكرامة"، الذي أصدره السيسي ويتبع وزارة الشؤون الاجتماعية، ورفض مساعدة سيدات أخريات قال لهن أنتن تابعات للإخوان المسلمين.
وأوضحن أنهن سوف يذهبن للاستفتاء لإرضائه من جهة وللحصول على كرتونة رمضان، وأنهن لا يعلمن من أمر التعديلات شيئا ويعتقدن أن السيسي سيفعل ما يريد، حسب تعبيرهن.
وفي تعليقه على وسائل النظام لاستقطاب المصريين، قال الناشط ( م.ع) "إنه موسم تقديم القرابين بامتياز"، مضيفا: "المنافقون والوصوليون يتسابقون في تقديم فروض الولاء والطاعة لمن يملك القوة والسلطة".
وأكد لـ"عربي21"، أن "المحافظين ورؤساء الأحياء ووكلاء الوزارات ورؤساء الجامعات، وغيرهم من القيادات بمختلف المؤسسات يطمعون في كسب نقاط حظوة جديدة عند الحاكم بأمره سيسي مصر، بمحاولة حشد أكبر عدد من المصوتين في استفتاء تسلم فيه مصر بكاملها تسليم مفتاح له".
وأضاف أنه "تتجلى مهارة كل منهم في كيفية ابتكار وسائل إقناع؛ سواء كانت ترغيبية أو ترهيبية"، مشددا على أن "الطغيان والظلم والديكتاتورية كثيرا ما يخرج من الشعوب أسوأ من فيها، وأسوأ ما فيها".
وتابع قائلا: "ويبقى من المستحيل أن يدرك هؤلاء الأوغاد أنهم بكل تطبيلهم ونفاقهم ورقصهم وتعريهم لهذا الحاكم؛ أنهم مجرد أصفار على اليسار بالنسبة له، وأنه قد يلقي بهم في أقرب صفيحة زبالة إذا استلزم الأمر ذلك".
وأكد أنه "من المستحيل أن يقتنع هؤلاء بهذه الحقيقة، لأنهم لو كانوا يملكون ذرة واحدة من العقل والفهم لما وصلوا أساسا لهذا المستوى المبتذل من الذلة والمهانة".
وختم بقوله: "بالتأكيد بعضهم يصل لمال أو سلطة؛ ولكن ومع ذلك يظل هؤلاء الواصلون عرضة للرمي في صفائح الزبالة أيضا"، مخاطبا إياهم: "واسألوا أسلافكم".