هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتزامن
رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي مع توغل إسرائيل في القارة السمراء، عبر زيارات رئاسية
متبادلة واستعادة لعلاقات دبلوماسية قُطعت قبل نصف قرن، واتفاقيات عسكرية غير مسبوقة،
ومشروعات اقتصادية مليارية، وتدشين خطوط للملاحة الجوية لأول مرة.
وجاء
تأكيد الخبير العسكري أور هيلر، الثلاثاء، للقناة 13 الإسرائيلية، أن "وحدات النخبة
بالجيش الإسرائيلي تقوم على تدريب الجيوش الأفريقية"، ليثير التساؤلات حول دلالات
ذلك التقارب الأفريقي-الإسرائيلي، وموقف القاهرة مما اعتبره محللون خطوات إسرائيلية
لاختراق القارة.
وقاد
رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، توجها واهتماما ببلاد القارة، فيما مهد
وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيغودور ليبرمان للتوغل الإسرائيلي ولزيارات نتنياهو، مستخدما رجال الأعمال الإسرائيليين، فيما أعلن وزير الاقتصاد، إيلي كوهين، أن
"700 مليون دولار تنتظر الشركات الإسرائيلية لتوسيع صادراتها بأفريقيا".
وفي
تموز/ يوليو 2016، زار نتنياهو: أوغندا، وكينيا، ورواندا، وإثيوبيا، وفي حزيران/ يونيو
2017، زار ليبيريا، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، زار كينيا، فيما نجحت الجهود الفلسطينية
والعربية في إفشال عقد قمة إسرائيل- أفريقيا نهاية عام 2017.
وفي
الوقت الذي زار فيه الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إثيوبيا، في أيار/ مايو 2018،
زار نتنياهو تشاد ذات الأغلبية المسلمة في 20 كانون الثاني/ يناير 2019، معلنا استئناف
العلاقات الدبلوماسية معها، قبل زيارة رئيس تشاد إدريس ديبي لإسرائيل في 25 تشرين الثاني/
نوفمبر 2018.
وفي
مقال بعنوان "الكيانُ الصهيوني ينقبُ السدَ الأفريقي"، أشار أستاذ العلوم
السياسية الفلسطيني الدكتور مصطفى اللداوي إلى استضافة الكنيست الإسرائيلي دفعة واحدة قادة رواندا وأوغندا وغانا والكاميرون وتنزانيا وجزر سيشل وجنوب السودان.
وقال
"قد لا نلوم قادة الدول الأفريقية ولا حكوماتها"، مبينا أن بعض الدول العربية
التي تطبع علاقاتها بالكيان الصهيوني سرا وعلنا، تشجع الدول الأفريقية على تحسين علاقتها
بإسرائيل والتعاون معها.
وعلى
الرغم من أن التقارب الإسرائيلي مع أفريقيا له خطوات سابقة، إلا أنه يأتي بالتزامن مع
عودة مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي وتسلم رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي قيادته
في شباط/ فبراير الماضي، بعد فترة انقطاع منذ الانقلاب العسكري منتصف 2013.
وفي
26 شباط/ فبراير 2019، عبرت القاهرة عن قلقها، وحذرت مساعدة وزير الخارجية المصرية سعاد
شلبي، من تهديد إسرائيل لأمن مصر، بتحركاتها بأفريقيا، ومن تلاعب بدول حوض النيل؛ للضغط
على مصر.
"هدف
منذ بازل"
وحول سر الانفتاح
الإسرائيلي على أفريقيا ودلالاته، أكد الباحث في العلوم السياسية لدى المركز الديمقراطي العربي، محمد ثابت حسنين، أنه "منذ تم الإعلان عن دولة إسرائيل الكبرى من الفرات
للنيل بالمؤتمر الصهيوني العالمي ببازل-سويسرا علي يد تيودر هرتزل، وبالخطة الصهيونية
دول أفريقيا التي تعد وفقا لفكرهم أمنا إقليميا، وبتطبيع العلاقات مع دول الجوار مثل
مصر والأردن، جاءت المرحلة الثانية ببناء علاقات مع الدول والقادة الأفارقة".
وعلى
الجانب الآخر أوضح الباحث المصري لـ"عربي21"، أن "الدول الأفريقية لطالما
سعت لبناء علاقات لسد حاجاتها الملحة بكافة الأصعدة، وهو ما تقوم إسرائيل بفعله للتقرب
منها"، مشيرا إلى أن "الدول الحاملة لشعلة محاربة التطبيع تخلت عن دورها،
بل أصبحت صديقة للكيان الصهيوني، وترتبط معه بعلاقات قوية، مثل مصر والسعودية والأردن
وغيرها".
وحول
موقف مصر، يعتقد باحث العلوم السياسية أن مصر تلعب هنا دورا محوريا، موضحا أنه
"في ظل النظام الحالي، ستعمل القاهرة على تعزيز ذلك التقارب، نظرا لما تمتلكه
إسرائيل من ورقة ضغط علي الجانب الإثيوبي بملف سد النهضة الذي يؤرق النظام ويهز عرش
(الرئيس) السيسي".
ويرى
حسنين أنه "حال انتهاء تلك الأزمة يبدأ النظام بتقديم نفسه على أنه المخلص، والرئيس
يسوق نفسه بعدها كزعيم لأفريقيا"، مشيرا إلى أن خسائر مصر من هذا التقارب
"تتمثل بمكتسبات قانونية مثبتة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بالإضافة لتنازلات
قد تضطر لتقديمها بمنتصف الطريق".
"موجودون
ونحاصرهم"
من جانبها، أكدت الباحثة المتخصصة في الشؤون الأفريقية، هبة البشبيشي، أن مصر تواجه إسرائيل في
أفريقيا، خاصة بالقرن الإفريقي، والدليل وجود وزير خارجية كينيا والصومال بالقاهرة بالتتابع
هذا الأسبوع، ووقوف القاهرة أمام إقامة جدار فصل عنصري بين الدولتين.
البشبيشي
أشارت بحديثها لـ"عربي21" إلى التحرك المصري بمقابل إسرائيل في إثيوبيا،
مؤكدة أن عودة العلاقات الجيدة مع أديس أبابا هو ضد إسرائيل، وموضحة أن مصر تعمل بشكل
غير مباشر وفي التفاف على تل أبيب، وأن القاهرة موجودة بشرق أفريقيا ومنابع النيل، ومن
ذلك إمداد بوروندي بمشروع أجهزة صحية وزيارة وزير الخارجية لها أكثر من مرة، بجانب
دور مصر بالمصالحات الإفريقية بين الدول.
وجزمت
الباحثة المصرية بأن القول بوجود إسرائيل في شرق أفريقيا وغربها بشكل مكثف ليس دقيقا،
موضحة أنها موجودة بشكل مكثف بدولتي توغو وتشاد فقط ومؤخرا، مشيرة إلى أنهما لم يكونا
على خريطة إسرائيل، ولكن جاء ذلك بعد تزعم توغو القمة الأفريقية الإسرائيلية في
2017، التي نجحت الدبلوماسية المصرية بإفشالها.
وأكدت
البشبيشي أن "إسرائيل موجودة ونحن نحاصرهم، والمخابرات المصرية تجمع معلومات
عن تواجدهم في القارة، ورئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية أيضا"، مضيفة: "وكوننا
كنا مطرودين من الاتحاد الأفريقي ثم عدنا لقيادته خطوة يجب إبرازها".
ورغم
المواقف المتباينة للدول العربية مؤخرا تجاه إسرائيل، أعلن سفير فلسطين لدى مصر، دياب
اللوح، أن اللجنة الوزارية العربية المعنية بالتصدي للمخططات الإسرائيلية بأفريقيا
تجتمع الأربعاء، لنظر خطة عمل أعدتها اللجنة للتصدي للمخططات الإسرائيلية بأفريقيا، ومحاولات الإضرار بالقضية الفلسطينية.
اقرأ أيضا: الكشف عن عودة تدريبات إسرائيل العسكرية للجيوش الأفريقية