سياسة عربية

بين النفي والتأكيد.. ما حقيقة تحرك قضاة مصر ضد التعديلات؟

قضاة مصر
قضاة مصر

حالة من الجدل أثارها بيان منسوب لنادي قضاة مصر يرفض التعديلات الدستورية المقترحة أمام البرلمان، وخاصة بعد بيان ثان، ينفي صدور أي بيانات تتعلق بالتعديلات الدستورية.

البيان الأول، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي نقلا عن رئيس نادي القضاة المستشار محمد عبد المحسن، والذي اعتبره مراقبون أول تحرك ضد التعديلات الدستورية؛ فحسب البيان دعا نادي القضاة المجلس الاستشاري لرؤساء أندية الأقاليم للاجتماع الإثنين المقبل، لمناقشة التعديلات الخاصة بالسلطة القضائية، كما دعا القضاة وشيوخهم للقاء مفتوح الجمعة 15 شباط/فبراير المقبل، للتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى بهذا الشأن.

وأوضح البيان أن نادي القضاة ناقش التعديلات الإثنين الماضي، وتم عقد مقارنة بين نصوص الدستور الحالي ومقترحات التعديل، وانتهى المجلس إلى أن "تلك التعديلات تنال من ضمانات استقلال القضاء والذي هو ضمانة أساسية للمواطن والدولة القانونية المنصوص عليها بالدستور الحالي والتي كنا نطمع بتدعيمها وأعمالها".

وقال إن "المشرع بدولة سيادة القانون يجب أن يحرص على توافق القوانين الصادرة عنه مع أحكام الدستور بما تحمله من ضمانات، وأن يعمل على تصحيح المعيب منها دستوريا، لا أن يسعى لتعديل الدستور بما ينتقص من تلك الضمانات الأساسية، ولتحصين القوانين المعيبة دستوريا لإخلالها بتلك الضمانات".

وأشار لضرورة التنسيق مع مجلس القضاء الأعلى صاحب الاختصاص الأصيل بالدفاع عن استقلال القضاء والمحافظة على حرماته، مؤكدا أن القضاة لا علاقة لهم بباقي التعديلات الدستورية بل سيناقشون ما يخص السلطة القضائية فقط.



وعلى الجانب الآخر وببيان نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية، قال المتحدث باسم نادي القضاة رضا محمود، إن النادي لم يصدر أي بيانات صحفية أو تصريحات لرئيس نادي القضاة المستشار محمد عبد المحسن تتعلق بالتعديلات الدستورية.

ماذا تقول التعديلات؟

وعن التعديلات المقترحة بحق القضاء فتشمل "إلغاء نظام انتخاب رئيس المحكمة الدستورية العليا من قبل الجمعية العامة للمحكمة والمعمول به من 2012، على أن يختار رئيس الجمهورية رئيس المحكمة من بين أقدم 5 أعضاء بها".

وتتضمن التعديلات كذلك "إلغاء نظام تعيين أعضاء المحكمة الدستورية الجدد باختيار الجمعية العامة للمحكمة المعمول به من 2012، بأن يختار الرئيس العضو الجديد"، وأيضا "تغيير نظام تعيين رئيس وأعضاء هيئة مفوضي المحكمة الدستورية، حيث يعينون بقرار رئيس الجمهورية".

وأيضا يتم "تغيير نظام تعيين رؤساء جميع الجهات والهيئات القضائية، حيث يختار رئيس الجمهورية رئيس الهيئة"، إضافة إلى "إنشاء مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، وينوب عنه وزير العدل".

كما يتم اختيار النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 قضاة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، من بين نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء الاستئناف والنواب العموم المساعدين، بينما دستور 2014 كان يمنح سلطة الاختيار مطلقة لمجلس القضاء.

وتلغي التعديلات الدستورية "اختصاص مجلس الدولة بالمراجعة الإلزامية لجميع مشروعات القوانين قبل إصدارها، ليختص المجلس -فقط- بمراجعة مشروعات القوانين التي تحال إليه"، وبالتالي أصبح العرض عليه جوازيا، ولم يعد تجاهله سببا لبطلان إجراءات إصدار القوانين.

معزول أو محبوس

وفي تعليقه على عدم وضوح موقف القضاة قال أحد المستشارين ممن احجموا عن ذكر اسمهم خشية الملاحقة (م،ج)، إن "من وقف خلال عامي 2005/ 2006 في وجه حسني مبارك، وتزويره لانتخابات مجلس الشعب آنذاك؛ إما معزول أو محبوس".

وأضاف لـ"عربي21": "ومن استطاعوا انتزاع كافة ضمانات استقلال القضاء من الأنظمة والتي يتم تجريد القضاة منها اليوم واحدة بعد الأخرى، إما معزول أو محبوس".

وحول احتمالات أن تثير خطورة التعديلات وما تنذر به بوقوع بكارثة بحق السلطة القضائية بعض ممن بقي لديهم شرف المهنة، قال القاضي المصري: "بكل تأكيد منا - أي القضاة- مازال محتفظا بالكثير والكثير مما تعلمناه من شيوخنا السابقين؛ لكن تأثيرهم في مثل هذا أمر متوقف على قدر ما يتمتعون به من تأثير على جموع القضاة، وهو أمر لن ينكشف إلا مع وقوعهم تحت الاختبار الحقيقي".

عجز تام

وقال المستشار محمد أحمد سليمان، إن "القضاة لن يرفضوا تعديلات السيسي، فمنهم من يخاف من الجهر بأي اعتراض عليها، ومنهم من يرى أنه لم يعد للقضاة صوت تخشى منه السلطة فلا داعي للمحاولة".

سليمان، أضاف لـ"عربي21"، أنه بجانب الصنفين السابقين فمن القضاة "من يقنع نفسه كذبا أن هذا أمر سياسي لا دخل للقضاة به، بل إن منهم من يهنئ زملاءه بمكافأة الاستفتاء ثم الإشراف على مجلس الشيوخ".

ويرى أن الأمر أبعد من ذلك، "والقضاة لم يعد لهم حتى الهيبة أو التضامن الشعبي الذي يخشى منه النظام بعد كم المظالم التي وقعت بحق كل أسرة مصرية"، معتقدا أن "القضاة سيخضعون مرغمين كما خضعوا لقانون تعديل رؤساء الهيئات القضائية من قبل".

وأضاف القاضي المصري، أنه "لم يعد بإمكان القضاة تغيير شيء فقد تم عزل رموز (تيار الاستقلال) الذين كانوا أول من يتصدى للدفاع عن استقلال القضاء، فقد غابوا أو تم تغييبهم فغاب معهم القضاء".

نافيا أن تثير تلك التعديلات الخطيرة بحق السلطة القضائية قضاة ممن بقي لديهم شرف المهنة، معلقا بقوله: "للأسف؛ عجز تام".

شجب ثم تأييد

وتوقع الصحفي زهران جلال، أن يتم نفي البيان الأول، وقال عبر "فيسبوك": "أظن أن بيان النادي سيتغير إن صح هذا البيان والتصريحات المنسوبة لرئيس النادي، وقد يكون هناك تأييد للتعديلات ببيان آخر، ولا أظن أن ينتظر أحد أكثر من شجب واعتراض مؤقت ثم ينقلب لتأييد".

التعليقات (0)