هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا خبراء قانونيون وسياسيون إلى استغلال الذكرى الثالثة لمقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، في فضح كوارث الاختفاء القسري الذي يمارسه النظام المصري ضد معارضيه، والذي يعد ريجيني أحد أبرز ضحاياه، مؤكدين أن حالات الاختفاء القسري التي ظهرت مؤخرا في النيابات المختلفة، تكشف خداع النظام المصري للمجتمع الدولي في هذا الملف الخطير.
وكانت منظمة العفو الدولية دعت الناشطين الرافضين لممارسات النظام المصري إلى التظاهر أمام السفارات المصرية بمختلف الدول تزامنا مع الذكرى الثالثة لمقتل ريجيني، بهدف الضغط على الحكومة المصرية للكشف عن ملابسات مقتله ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة.
يأتي هذا في الوقت الذي جددت فيه مصادر قضائية مصرية في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية أن النيابة العامة المصرية، لن تستجيب لطلب نيابة روما الذي قدمته منذ عدة أسابيع بتسليم عدد من رجال الأمن المصري للسلطات الإيطالية، بعد أن أكدت التحقيقات التي أجرتها روما أنهم متورطون في عملية التعذيب والقتل التي تعرض لها الباحث الإيطالي في كانون الثاني/ يناير 2016 وعثر على جثمانه بصحراء مدينة 6 أكتوبر في الثاني من شباط/ فبراير من نفس العام.
أرقام مفزعة
من جانبه يؤكد المحامي والحقوقي وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين هشام وهدان لـ "عربي21" أن قضية ريجيني واضحة وأن المتورطين فيها معروفون، ورغم ذلك فقد دخلت القضية في دائرة المواءمات والحسابات السياسية والمصالح المشتركة بين النظامين المصري والإيطالي.
ويضيف وهدان أن الأيام الماضية شهدت ظهور عشرات المختفين قسريا منذ عدة أشهر بمقار الأمن المصرية، من بينهم ما لا يقل عن 20 سيدة وفتاة، كانت الأجهزة الأمنية تنكر أنهم بحوزتها، أو أنها تعرف عنهم أي شيء.
اقرأ أيضا: الغارديان: بعد 3 سنوات مصر تعرقل التحقيق بمقتل ريجيني
ويشير وهدان إلى أن غياب سلطة القانون، وسيطرة السلطة الأمنية لنظام الانقلاب على المؤسسة القضائية وجهات التحقيق المختلفة، وكذلك سيطرتها الكاملة على المنظمات الحقوقية المصرية غير الحكومية، وتحولها لأحد أبواق النظام العسكري بمصر، تعد أبرز أسباب تفشي ظاهرة الاختفاء القسري، وعدم تعرض المتورطين فيها لأية مساءلة قضائية أو جنائية، رغم أن عددا من المختفين قسريا تمت تصفيتهم جسديا تحت مرأى ومسمع جميع الجهات المعنية.
وحول الإحصائيات الخاصة بالاختفاء القسري، يؤكد الخبير القانوني والحقوقي أن الأعداد غير دقيقة، ولكنها تزيد ولا تنقص، وطبقا لتقارير المنظمات الحقوقية التي اهتمت بالموضوع، فإنه منذ فض اعتصام رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس 2013 وحتى نهاية آب/ أغسطس 2018 فقد بلغ عدد بلاغات الاختفاء القسري التي تلقتها المنظمات المعنية أكثر من 6 آلاف مواطن ومواطنة مصرية.
ويستدل وهدان بالتقرير السنوي لمنظمة "كوميتي فور جستس" التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالاختفاء القسري، عن الفترة بين شهري آب/ أغسطس 2017 حتى نهاية عام 2018، بأن عدد حالات الاختفاء الجديدة بلغ 1989، وأن عدد الحالات التي ظهرت بعد الاختفاء بلغ 1830 حالة، وعدد الحالات التي وثقتها المنظمة 318 حالة، بالإضافة لـ 141 شكوى تلقتها الهيئات الدولية لمساعدة ضحايا الاختفاء القسري، وفي النهاية لم تتم إحالة بلاغ واحد لجهات التحقيق المختصة.
رشاوى اقتصادية وسياسية
وعلي الصعيد السياسي يؤكد خبير العلاقات الدولية أحمد عليوي لـ "عربي21" أن موضوع ريجيني لا يختلف عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إلا باستثناء واحد وهو أن هناك طرفا قويا حرك القضية وهي السلطات التركية، بينما في الأخير فإن الرشاوى التي قدمها النظام المصري لنظيره الإيطالي لغلق ملف القضية، لم تختلف عن التي قدمتها السعودية لأمريكا لنفس الغرض.
ويضيف عليوي أن السيسي منح شركة إيني الإيطالية حقوق اكتشافات الغاز الطبيعي المصري بالبحر المتوسط وداخل الأراضي المصرية بعقود هلامية، منحت الجانب الإيطالي مميزات في حقل ظهر على حساب الجانب المصري، ولم يكن هدف السيسي من ذلك إلا وقف التصعيد الإيطالي في قضية ريجيني، ولذلك ارتبط الزخم الإيطالي حول القضية بما يمكن أن تحصل عليه إيطاليا من النظام المصري، مثل وساطة السيسي بين إيطاليا وخليفة حفتر في الأزمة الليبية، ووجود دور مصري في وقف موجات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
ويرى خبير العلاقات الدولية أن نظام السيسي حريص على عدم تقديم قيادات أمنية بالمخابرات الحربية والأمن الوطني للمحاكمة في هذه القضية، بعد تأكد تورطهم في عمليات التعذيب والقتل، طبقا لتحقيقات نيابة روما، وهو ما يرجع في الأساس إلى أن السيسي لا يريد أن يفتح الباب لفكرة "كبش الفداء"، حتى لا يكون ذلك مقدمة لمزيد من القضايا الأخرى على الصعيد المحلي، وأبرزها قضايا الاختفاء القسري.
اقرأ أيضا: الآلاف بالشموع في ميلانو بذكرى مقتل ريجيني (شاهد)
وحسب عليوي، فإن السيسي بدلا من محاسبة المسؤولين المتورطين في هذه القضايا، يقوم إما بعزل بعضهم أو نقلهم من مناصبهم، وتعيينهم في أماكن أخري تمثل حماية ومكافأة لهم، بما يمثل رسالة لباقي القيادات والمسؤولين الذين يسيرون على نفس النهج بأنهم تحت رعاية وحماية رأس النظام، ما يؤكد أن ما يقومون به يتم تحت علمه و بأوامر مباشرة منه.