حذر محللون وخبراء
اقتصاد من نية الحكومة
المصرية طرح
سندات دولية تتراوح قيمتها بين ثلاثة إلى سبعة مليارات
دولار، وطرح سندات مقومة بالين بقيمة ملياري دولار، وإثقال الاقتصاد المصري بديون خارجية
قد تعجز عن سدادها في المستقبل القريب.
وأعلن وزير المالية
المصري، محمد معيط، الأحد، أن بلاده تعتزم طرح سندات دولية تتراوح قيمتها بين ثلاثة
إلى سبعة مليارات دولار في الربع الأول من العام الحالي، وأن الحكومة تخطط لبيع سندات
بعملات متنوعة، بينها الدولار واليورو والين واليوان.
وجمعت مصر في
نيسان/ أبريل من العام الماضي 2.46 مليار دولار من بيع سندات مقومة باليورو لأجل ثماني
سنوات و12 عاما.
وتبلغ احتياجات
مصر التمويلية في موازنة 2018-2019 نحو(40.01 مليار دولار)، فيما بلغ الدين الخارجي 92.64 مليار دولار في نهاية حزيران/ يونيو الماضي
بزيادة 17.2 بالمئة على أساس سنوي.
"مصر تبلع المنشار"
وعلق الخبير
الاقتصادي، مصطفى شاهين، بالقول، إن "أول شيء نقرأه من طرح سندات دولارية بهذا
الكم، هو أن احتياطي البنك المركزي ليس احتياطيا حقيقيا إنما هو وهمي؛ نتيجة المديونية
الخارجية على مصر، الأمر الآخر الاقتراض بسندات بالدولار أو الين الياباني، يعني أن
الحكومة لايوجد لديها ما تستطع من خلال سداد الأقساط السنوية للقروض البالغة نحو
12 مليار دولار".
مضيفا لـ"
عربي21"
أن "كل ذلك سوف يراكم من كمية المديونية الخارجية على الاقتصاد المصري، وستقوم
الحكومة بسداد جزء من
الديون من الحصيلة الدولارية الجديدة، ثم يتبعها فوائد في الفترة
المقبلة؛ فتزداد أعباء الفوائد على القروض خاصة على السندات".
وأردف:
"السؤال المهم لماذا نقترض؟ السبب هو دعم الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي،
إذا ظلت الحكومة على ذلك فيمكنها أن تحافظ على الجنيه أمام الدولار، والحكومة تقترض
من أجل دعم الواردات وهو ليس في صالح الاقتصاد المصري، وإذا قامت الحكومة بإعادة تعويم
الجنيه، فهو ليس في صالحه أيضا فأصبحت كمن بلع منشارا، بلعه فيه مشكلة، وإخراجه فيه
مشكله؛ بسبب عدم زيادة الإنتاج".
وبشأن تداعيات
الإسهاب في إصدار السندات بالعملة الصعبة، أكد أنه "سيكون هناك صعوبة بالغة في
المستقبل؛ لأن تراكم الديون ليس في صالح الاقتصاد أو التنمية، وليس في صالح الاستثمار،
وما تراجع الاستثمارات الأجنبية 40% في الربع الأول من العام المالي الحالي، إلا لكون
المستثمر يستشعر بأن العملة مهدده بالانهيار، فلن يقبل على الاستثمار بأي حال من الأحوال".
"تداعيات
كارثية"
وأرجع خبير واستشارى
التدريب ودراسات الجدوى، أحمد ذكر الله، قيام الحكومة المصرية بإصدار هذا الكم من السندات
إلى أن "مصر اعتمدت نموذجا تنمويا يعتمد على الاقتراض الخارجي وتدوير الديون القديمة،
وخطورة ذلك هو في كيفية استخدام هذه الديون".
وأضاف لـ"
عربي21"
أن "الحكومة المصرية للأسف اعتمدت على مشروعات لم تكن مدروسة من الأساس، ولم تهتم
بأولويات وضروريات، ولم تهتم بالرابط الجمعي لتلك المشروعات، المتمثل في خطط اقتصادية
اجتماعية تلبي الحاجات الحالية والمتوقعة؛ وعليه، أهدرت أموال الديون ولم نشعر حتى
الآن؛ لأن التدفقات الخارجية لا تزال سارية سواء في شكل ديون من جهات ومؤسسات دولية أو من خلال طرح لسنوات بالدولار أو باليورو".
وحذر من أن
"المشكلة ستظهر عندما يحين السداد وتتوقف التدفقات، حينها سترضخ الدولة للاشتراطات
وإملاءات الخارج وستكون التبعية الكاملة التي قد تنقلب إلى وصاية شاملة"، مشيرا
إلى أن "جزءا من هذا الإصدار لتغطية العجز في موارد النقد الأجنبي، الذي تزايد
بعد نقص الاستثمار المتوقع إلى 7 مليار دولار فقط، لاسيما بعد تأخر شريحة 2 مليار من
صندوق النقد الدولي، التي تسببت في نقص احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 2 مليار دولار".
ولفت ذكرالله
إلى أنه "لو لم تسبق الحكومة بطرح السندات سينخفض الاحتياطي مرة أخرى؛ لاستمرار
نزح أذون الخزانة إلى الخارج، وذلك يعني اضطرار الدولة إلى خفض قيمة الجنيه، وهو ما يستميت
النظام في تأجيله؛ لأنه سيكون إعلانا بفشل برنامج الإصلاح المزعوم".