اقتصاد عربي

هكذا تخدع حكومة السيسي المصريين بشأن أسعار الوقود

اقتصاديون: الحكومة المصرية عجلت بتحرير أسعار الوقود من أجل الحصول على الشريحة الخامسة لقرض صندوق النقد الدولي- أ ف ب/ أرشيفية
اقتصاديون: الحكومة المصرية عجلت بتحرير أسعار الوقود من أجل الحصول على الشريحة الخامسة لقرض صندوق النقد الدولي- أ ف ب/ أرشيفية

أعلنت الحكومة المصرية تحرير سعر البنزين 95 أوكتين وإخضاع سعره تبعا لحركة الأسعار العالمية، وذلك قبل أيام من تسلمها الشريحة الخامسة وقبل الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار، والتي كان من المقرر أن تتسلمها مصر في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.


وقال وزير البترول المصري طارق الملا لرويترز، الاثنين، إنه سيجري بدء تطبيق آلية التسعير التلقائي على بنزين أوكتين 95 اعتبارا من أول أبريل/ نيسان المقبل.


وذكر الملا أن سعر بنزين 95 قد يستقر عند معدله الحالي، وقد يتغير بنسبة لا تتجاوز العشرة بالمئة ارتفاعا أو انخفاضا عن السعر الحالي.


وأكد المتحدث الرسمي لوزارة البترول حمدي عبدالعزيز، لصحيفة البورصة المصرية إنه "لا توجد نية لزيادة أسعار باقي أنواع المنتجات البترولية في السوق المحلي حتى نهاية العام المالي 2018-2019".


وفي يونيو/ حزيران رفعت مصر أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 17.5 بالمئة و66.6 بالمئة في إطار برنامج إصلاح اقتصادي مدته ثلاث سنوات يشمل تحرير سعر الصرف وخفض دعم الطاقة والمياه سنويا وإقرار عدد من القوانين الجديدة المحفزة للاستثمار.


وبحسب ما رصدته "عربي21" فقد كانت تلك هي المرة الثالثة التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني 2016 ضمن اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي.

 

توقعات تحققت


وجاء قرار حكومة رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي بتحرير أسعار الوقود تدريجيا ابتداء من أول أبريل/ نيسان، على بالرغم من نفي الحكومة قبل أيام قليلة ما تردد بشأن زيادة أسعار الوقود.


وكان بنك الاستثمار "بلتون" توقع أن ترفع حكومة السيسي أسعار الوقود خلال الربع الأول من عام 2019، كما توقع فرض آلية جديدة لربط أسعار المنتجات البترولية بالأسعار العالمية على نوع واحد من الوقود كمرحلة مبدئية.


وقدر "بلتون" أن يبلغ السعر الحر لبنزين 95 نحو 9.7 جنيه في حال كان السعر العالمي للبترول 70 دولارًا، وسعر صرف الدولار 17.93 جنيه.


وكذلك كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية يوم 23 ديسمبر الماضي اتجاه حكومة السيسي أسعار البنزين تدريجيا بحسب فئاته، بحيث يبدأ العمل بآلية تسعير جديدة تربط السعر المحلي بالأسعار العالمية اعتبارا من مارس/آذار المقبل لفئة 95 أوكتين، على أن تليها بقية فئاته في سبتمبر/أيلول.


وتوقع مسؤول حكومي، بحسب الوكالة الأمريكية، أن تتسلم الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي البالغ 12 مليار دولار في يناير/ كانون الثاني، أي بعد شهر من الموعد المقرر، إثر تأخير في المحادثات بشأن تأخير الحكومة في تنفيذ باقي شروط الصندوق.

 

الحكومة تخدع المواطنين


وقال المحلل والخبير الاقتصادي عمرو السيد لـ"عربي21" إن صندوق النقد الدولي قرر الشهر الماضي إسقاط بند التصويت على صرف شريحة القرض الخامسة من جدول أعمال المجلس التنفيذي، اعتراضا على تأخر تنفيذ مصر في اتخاذ قرار تحرير أسعار الوقود، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى التعجيل بالقرار.


وأوضح السيد، أن قرار صندوق النقد كشف خداع حكومة السيسي للمصريين، وأجبرها على التعجيل باتخاذ قرار تحرير أسعار الوقود، على الرغم من نفي الحكومة قبل أيام ما تردد بشأن زيادة مرتقبة لأسعار البنزين خلال الربع الأول من عام 2019.


وأكد المحلل والخبير الاقتصادي أن تحرير أسعار الوقود بجميع فئاته، كان أحد أبرز شروط صندوق النقد الدولي للموافقة على القرض البالغ 12 مليار دولار والتي حصلت مصر منه على 8 مليارات دولار على أربع شرائح ويتبقى فقط شريحتين قيمة كل شريحة مليارا دولار، مستطردا: "الحكومة المصرية بعد هذا القرار تأمل أن يتم إدراجها ضمن جدول أعمال المجلس التنفيذي للصندوق خلال أيام للموافقة على صرف الشريحة الخامسة من القرض".

 

ارتفاع الأسعار 


وعلى خلفية قرار تحرير أسعار الوقود في مصر، طرح الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي، "فيسبوك" أسئلة ووجهها للحكومة المصرية، حول مصير الوفر الذي سيتحقق من فاتورة استيراد المشتقات البترولية تقدر بنحو 230 مليار جنيه، وخطة الحكومة لتعويض الطبقات الفقيرة والمعدمة والمتضررة من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي من أبرز ملامحه بيع سعر الوقود بالأسعار العالمية رغم تدني دخل المواطن وزيادة أعباء المعيشة.


وقال عبد السلام: "أنا مع خطوة تحرير سعر البنزين 95 وبيعه بالأسعار العالمية، الذي يستهلكه الأثرياء ورجال الأعمال والدبلوماسيين، لكن في المقابل لست مع تحرير الأنواع الأخرى من الوقود المرتبطة بالطبقات الفقيرة والمتوسطة قبل تحسين دخولهم وأوضاعم المعيشية وخفض الأسعار الرئيسية خاصة الأغذية والشراب".


وتابع: "خطوة كتلك سترفع كل الأسعار داخل المجتمع وفي المقدمة المواصلات العامة ومترو الانفاق والقطارات، وتكلفة النقل والشحن، وإنتاج المحاصيل الزراعية والصيد وغيرها".


وأردف: "في حال زيادة كلفة هذه السلع، فإنها ستجر خلفها كل أسعار الخدمات من دروس خصوصية وأجرة طبيب وغيرها، وبالتالي نكرر سيناريو ما حدث عقب تعويم قيمة الجنيه المصري في نوفمبر 2016 والذي أدى على حدوث إنهيار في قيمة العملة المحلية وتآكل المدخرات وقفزة في معدل التضخم".

التعليقات (0)