سياسة عربية

نائب رئيس لجنة دستور مصر يدعو لتدشين حملات رافضة لتعديله

كمال الهلباوي أكد أن تعديل الدستور عبث يهدد مستقبل الدولة المصرية- أرشيفية
كمال الهلباوي أكد أن تعديل الدستور عبث يهدد مستقبل الدولة المصرية- أرشيفية

أعلن نائب رئيس لجنة الخمسين التي أعدت الدستور المصري الحالي كمال الهلباوي الخميس، عن رفضه الكامل لدعوات تعديل الدستور لمد فترة حكم رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، مؤكدا أن هذا عبث مرفوض جملة وتفصيلا، وخطر جديد يهدد مستقبل الدولة المصرية.


وقال الهلباوي في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إن "حملة تعديل الدستور ليست جديدة، ولكنها قائمة منذ عام 2015، ولكن أن تتجه إليها الصحف القومية ورؤساء تحرير فيها فهذا يعني أن الأمر لم يعد وجهة نظر ولا حملة منتفعين، ولكنه أمر في رأس وعقل الدولة، إن كان لها عقل، ولا أظن ذلك بالون اختبار".


وأضاف الهلباوي، الذي يقيم حاليا بالعاصمة البريطانية لندن لتلقي العلاج أننا "لم نستكمل حتى اليوم تقنين مواد الدستور التي تحتاج إلى تفصيل وتبيين، تلك المواد تزيد على ثمانين مادة، ولو أكملناها من قبل الحديث عن الدستور، كانت هناك مصداقية واحترام لإرادة الشعب".


وأشار إلى أن موقفه من تعديل الدستور ليس بجديد، بل أكد عليه مرارا وتكرارا من داخل مصر، مشدّدا على أن "الدساتير المحترمة تُكتب بنوايا حسنة، وهذا شيء لا يعيب أعضاء لجنة الخمسين، ولو كُتبت بنوايا سيئة سنكون مثل دولة الاحتلال الإسرائيلي".


وفي 13 أيلول/ سبتمبر 2015، صرّح السيسي – في أول إشارة منه لبدء التمهيد لتعديل الدستور- بأن الدستور المصري كُتب بنوايا حسنة، والدول لا تُبنى بالنوايا الحسنة.

 

اقرأ أيضا: برلمان مصر: تعديل الدستور سيتم وفق ضوابط قانونية


ووجه الهلباوي رسالة إلى زملائه السابقين بلجنة الخمسين، داعيا إياهم لتدشين حملات ضد تعديل الدستور حاليا أو تغييره ليكون تفصيلا على مقاس السيسي، كما يزعم الصحفي المُقرب من النظام، ياسر رزق، وغيره، مضيفا: "عليهم أن ينضموا للحركة الوطنية المصرية التي تفكر في مصلحة مصر وتقدمها للخروج من الاستبداد".


وأردف قائلا إن "الدساتير عندما تُعدل فإنما تُعدل لضمان مزيدا من الديمقراطيات والحريات والمساواة والتقدم، كما حدث للدستور الأمريكي، ولا تكون أبدا لتمديد فترات الطوارئ أو كبت الحريات أو الاستمرار في التخلف والاستبداد".


وزاد بقوله: "الحجج المطروحة لتعديل الدستور واهية، وكأن سفينة مصر بعد السيسي ستغرق، وهذا كان يقوله بعضهم لكل حاكم سابق، وأتمنى ألا يستمع السيسي لهذه الأقوال، وأن يبدأ في الإصلاح وأوله الإصلاح السياسي".


"وفي مقدمة ذلك أيضا توسيع الحريات والقضاء المستقل، وتطبيق الدستور وتفعيله كاملا حتى نرى النتيجة ولو لسنتين فقط، وبالتالي فأنا لست مع تعديل الدستور بالشكل المطروح ليكون تفصيلا على شخص السيسي كما يطالب البعض"، على حد قول الهلباوي.


وشدّد على أن "الدساتير للوطن، ولم تكن يوما لشخص بعينه، حتى في البلاد الملكية الدستورية والبرلمانية، ولم تستطع رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، مارغريت تاتشر، أن تبقى في الحكم إلى الأبد رغم قوتها وقوة حزبها في بريطانيا، لأن هناك حريات واسعة، وسياسة وحكم رشيد، وقضاء مستقل رغم أنها مملكة".


وبشأن قول البعض إن مصر لم تصل لمرحلة الاستقرار السياسي الأمر الذي يتطلب تعديل الدستور، رأى أنه "إذا لم تكن مصر في مرحلة استقرار سياسي بعد ثورة يناير 2011، ولم نصل إلى استقرار سياسي بعد يونيو 2013؛ وكذلك الحال بعد 8 سنوات من حكم السيسي في 2022".

 

اقرأ أيضا: المؤبد لدومة.. حكم السيسي على نشطاء الثورة (إنفوغراف)


وأردف: "هذا يعني أن مصر بهذا الوضع لن تصل إلى الاستقرار السياسي، ولا نفهم معنى الاستقرار السياسي"، معتبرا هذه الحجج بأنها "عبث كبير"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه طالب كثيرا من داخل مصر بأن يكون تنشيط الحالة السياسية وتقوية العمل السياسي في مصر، من أولويات السيسي والنظام الجديد، ولكن حدث العكس تماما.


وبشأن موقف القوى السياسية من سيناريو "تعديل الدستور"، لفت إلى أنه "منذ الانتهاء من الدستور والاستفتاء عليه وانتخابات الرئاسة في ضوء هذا الدستور، وهناك تفكير وتحرك فكري لصيانة وتفعيل الدستور، ومن أهم ذلك التحرك النشاط الذي قام به الدكتور سمير عليش وكان ينبغي أن تصبح هذه الحركة شعبية للحفاظ على الدستور".


واستكمل حديثه: "نعم قد يتم تعديل الدستور، وهكذا سيكون عبثا وخطرا كبيرا، ولكن الأمر يحتاج إلى استفتاء شعبي أو أكثر فأين الشعب؟ وأين دور المعارضة السياسية التي تقود الشعب، وتركز على مصلحة مصر ولا يتوقف عملها ونشاطها عند الصراع، وتواجه الاستبداد بعقل علمي وليس بالصراخ والسب والعويل".


كما دعا الهلباوي، الذي شغل سابقا عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، جميع القوى السياسية إلى الالتفاف حول مشروع النهضة والإصلاح، الذي أكد أنه يحتاج إلى عمل جاد وثقة في المشروع ومن يحمله.


واستطرد قائلا:" الخيار الوحيد هو اختيار طريق البناء الجاد لمصر، حتى يثق الشعب في تلك القوى السياسية وليس الصراع العلني أو المستتر".

 

اقرأ أيضا: "السادات" متخوف من تعديل الدستور لمد فترة السيسي


وانتقد تعويل البعض على مواقف المجتمع الدولي من رفض تعديل الدستور، قائلا: "نحن نركز كثيرا على المجتمع الدولي الذي لديه قضاياه الخاصة وعنده مصالحه وخططه، وليس هناك أي فيتو أمريكي رافض لتعديل الدستور، كما يقول البعض، ولا نرجو ذلك، لأن هذا سيكون تدخلا سافرا في شؤون مصر".


وأشار إلى أن "الأزمة المصرية ستستمر ولا حل يلوح الآن لإنهائها، لكن المسؤولية الكبيرة في ذلك تقع على عاتق النظام القائم الذي يجب أن يسعى للخروج من الصراع إلى الحوار الوطني الحقيقي، وقد طالبت بذلك مرارا حتى أيام الرئيس محمد مرسي".


واستدرك بقوله: "الأوضاع المصرية الراهنة حتما ستشهد تغييرا ما في وقت ما، لأن دوام الحال من المحال، والتغيير يأتي على أهون الأسباب، وقد يأتي من عند الله أو تقوم به الشعوب عندما تستيقظ، والتجارب كثيرة"، بحسب تقديره.


وختم قائلا إن "الفراعنة والقياصرة والأباطرة ذهبوا وانتهى حكمهم، بل الإمبراطوريات والممالك الكبيرة الطاغية، ناهيك عن عاد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وهتلر بقوته وجبروته لم يبق إلى الأبد، وبينوشيه، يُحاكم ويُطارد، وابن علي في السعودية، والقذافي بجبروته مات ذليلا وتشردت أسرته، علينا أن نتعظ".

التعليقات (0)