سياسة عربية

ماذا خسرت المعارضة المصرية في 2018.. وهل لها مكاسب؟

عبد المهادي دعا إلى إعادة تأسيس الحركة الوطنية المصرية على قواعد الشفافية والديمقراطية- أرشيفية
عبد المهادي دعا إلى إعادة تأسيس الحركة الوطنية المصرية على قواعد الشفافية والديمقراطية- أرشيفية

عاشت المعارضة المصرية عاما مليئا بالانتكاسات حيث لم تحقق أيا من أهدافها وانهزمت بمقابل سيطرة رئيس سلطة النظام العسكري عبد الفتاح السيسي، على مقاليد الدولة المصرية.


وطرحت "عربي21" التساؤل حول مدى خسائر ومكاسب المعارضة المصرية في 2018، على عدد من المعارضين المصريين من توجهات مختلفة، وبالداخل المصري وبالخارج.


"انفجار وتشظٍّ"


وأعرب مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول، الدكتور ممدوح المنير، عن اعتقاده بأن "المعارضة المصرية للأسف خسرت كثيرا ليس في 2018، فحسب ولكن طيلة فترة الانقلاب، وبدا واضحا فشلها بإدارة الصراع مع السلطة وعدم قدرتها على تطوير نفسها وآلياتها وتوحيد صفها".


وأضاف الباحث السياسي لـ"عربي21"، أن المعارضة "انفجرت وتشظت لأجزاء كثيرة متنافرة، بداية بـ(تحالف دعم الشرعية)، ثم الانقسام الداخلي بجماعة الإخوان المسلمين، ثم (المجلس الثوري)؛ فضلا عن الخلافات والتخوينات بين الأطراف المختلفة مما أضعف الثورة وجعلها بحالة الاحتضار الآن، إلا بعض الصامدين بالداخل الذين يظهرون بين حين وآخر فيقمعهم السيسي".


"أسباب الفشل"


وفي تحليله لأسباب فشل  المعارضة بإدارة الصراع لخص الأكاديمي المصري الأمر في 8 نقاط، هي: "انسحاب الإخوان من قيادة المشهد والاكتفاء بدور المعارضة النخبوية"، و"غياب البديل الذي يقود الصراع بعد الإخوان"، و"غياب المشروع والرؤية اللازمة للتعامل مع الأزمة"، و"احتراق معظم النخب المتصدرة حاليا وفقدانها مصداقيتها لدى القطاع المؤيد للثورة".


وتابع بأن من الأسباب أيضا "تعامل أطراف الثورة مع الأزمة على أنها محاصصة سياسية وليست لحظة مصيرية تقتضي إنكار الذات و تقديم الأكفأ"، و"انشغال معظم النخب بالخلاص الفردي وتقنين الأوضاع القانونية والمعيشية"، و"غياب القدوة والرمز والقائد الملهم والمحفز لأجيال الشباب".


وقال المنير، إنه ما لم يتم علاج هذه الأسباب فسيستقر نظام السيسي طويلا وستتحول المعارضة لحالة فولكلورية لا تغني ولا تسمن، بل تتحول مع الوقت لجزء من الثورة المضادة دون أن يشعر أصحابها".


عجز الابتعاد عن الجماهير


وفي رده يقول الكاتب اليساري المعارض حسن حسين، إن "المعارضة متمثلة بـ(أحزابها الورقية) لم تدخل بمعركة لكي تخسرها، بل إنها بتركيبتها الهيكلية الحالية تعتبر نفسها جزءا من النظام، وبالتالي فإن كل ما تطمح إليه أن تقيم حوارا معه".


حسين، أضاف لـ"عربي21" أنه "ربما هناك عشرات ومئات من المعارضين عصفت بهم الآلة القمعية للنظام، لكنهم لا ينتمون بكل الأحوال لما يطلق عليه المعارضة المصرية، وفي الحقيقة أن كل مؤسسات المجتمع المدني الحزبية والنقابية والحقوقية تعاني من عجز واضح ومتنام بسبب ابتعادها عن الجماهير، سواء بإرادتها أو رغما عنها".


وقال المعارض المنتمي لجبهة المعارضة المدنية بالداخل: "نحن بأمس الحاجة لإعادة تأسيس الحركة الوطنية المصرية، على قواعد الشفافية والديمقراطية والنقاء والصلابة والشجاعة، وذلك الهدف الحقيقي وربما الوحيد الذي يسعى إليه بعض المثقفين العضويين، عبر عملهم الدؤوب للارتقاء بالوعي الجماهيري".


"كتل ثلاث وخاسرة"


ومن جانبه، رأى المحامي الحقوقي المعارض عمرو عبد الهادي، أنه "أولا لا يجب التعامل مع معارضي السيسي على أنهم كتلة واحدة بل إنهم ثلاثة أقسام"، موضحا أن "أولها مناهضو الانقلاب وأنا منهم، والذين وقفوا ضد الانقلاب منذ حدوثه للآن مصممون على عودة الشرعية".


عبد الهادي، أوضح لـ"عربي21"، أن "هذا الفصيل قمة مكاسبه التي حققها هي صموده أمام الحملة الشرسة من المنضمين حديثا للمعارضة بالخارج والمسيطرين على  إعلام إسطنبول".


وقال المعارض بالخارج والمؤيد لشرعية الرئيس محمد مرسي، إن "ثاني كتل المعارضة هي العائدون من (30 يونية) والهاربون من جحيم السيسي بعد أن لفظهم ورفض مشاركتهم بالحكم، وهؤلاء أصبحت مكاسب بعضهم المادية مغانم فملكوا قنوات ومنصات وعاملين بالمئات تحت إمرتهم".


وبين أن ثالث جبهات المعارضة هي "المطالبون بتحسينات من السيسي وفتح بعض الأفق ليتحركوا من خلاله وهم لا ينادون بإسقاط النظام؛ بل يريدون أي تجميل يقوم به السيسي ولا مانع لديهم من التعامل معه ومع الجيش"، مشيرا إلى أن "الفصيلين الثاني والثالث أصبحا معارضين رغما عنهما".  
"لكل تيار هدفه"


وأكدت الكاتبة الصحفية، مي عزام، أن "خسائر المعارضة لا تزيد عن خسائر النظام؛ فكلاهما لم يحصل على ثقة الشارع والقدرة على توحيده والاصطفاف حوله".


وقالت لـ"عربي21"، حول انقسام المعارضة لأكثر من فئة وتصنيف وتوجه بالخارج وبالداخل، إن "التعددية ليس معناها انقسام لو هدفها واحد؛ لكن للأسف فالواقع أن لكل تيار أهدافا بعضها معلن والأهم خفي"، موضحة أن "هذا يجعل المعارضة تيارا غير قوي وكاسح بل تتبدد قوتها قبل أن تصل لهدفها".


وتعتقد المعارضة المصرية أن خسارة كثير من رموز المعارضة بالسجن ليس فقدانا لتلك الرموز، متسائلة: "كم سنة قضاها مانديلا بالسجن وظل أيقونة؟"، مشيرة إلى أن كل ما سبق كان سببا في عجز المعارضة عن الحراك الثوري رغم اشتعاله بأوروبا وبدول عربية.


هل من مكاسب؟


وحول المكاسب التي حققتها المعارضة في 2018، أكد عبد الهادي، أنه "ومنذ 2015، لم تحقق المعارضة المصرية أي نجاح، أما من ناحية الخسائر فكلنا خاسرون حتى من يؤيدون السيسي؛ لأن الثمن الذي ندفعه الآن هو مصر التي يستنزفها السيسي لصالح إسرائيل".


وقالت عزام إن "هناك دروسا في 2018، قدمت لأي معارضة تريد أن تنجح بمسعاها للتغيير للأفضل"، موضحة أن "مواقع التواصل أصبحت بديل الإعلام الرسمي والنظامي".


وتساءلت: "هل أدركت المعارضة ذلك أم إنها ما زالت تعمل بالمنطق الفردي دون وضع استراتيجية تفاعلية تجذب أعدادا كبيرة لبرامجها الإصلاحية؟"، مشيرة إلى "غياب الوعي الجماعي بأهمية الإعلام الجديد وأنه المحرك الأساسي لحركة (السترات الصفراء) بأوروبا، والزخم حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي".

التعليقات (0)