صحافة دولية

أوبزيرفر: هذا ما قالته الانتخابات النصفية عن أمريكا الجديدة

الصحيفة: الانتخابات حملت رسالة عن أمريكا جديدة متقدمة- جيتي
الصحيفة: الانتخابات حملت رسالة عن أمريكا جديدة متقدمة- جيتي

نشر المعلق ويل هاتون تحليلا في صحيفة "أوبزيرفر" حول نتائج الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية ودلالاتها.

وقال هاتون في التحليل الذي ترجمته "عربي21"، إن تلك الانتخابات حملت رسالة عن أمريكا جديدة متقدمة تتشكل، ورأى أن النتائج التي حققها الليبراليون تجعل من حديث ترامب عن انتصاراته أمرا مثيرا للدهشة.

 

وكتب قائلا إن العامين الماضيين كانا أسودين في بريطانيا والولايات المتحدة. وبدا المستقبل وكأنه بيد اليمين المتطرف "الأنغلو-أمريكي"، الذي يتشكل من الشعوبيين والمعادين للأجانب والمعادين للاتحاد الأوروبي، والذي يمتد من دونالد ترامب إلى نايجل فاراج (زعيم حزب الاستقلال السابق) وجاكوب ريز- موغ (النائب المحافظ).

 

ولم تقلب انتخابات الثلاثاء السحر على الساحر أو كما بدا في النظرة الأولية، فقد أعلن دونالد ترامب عن "انتصار شبه كامل" بعد ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع. وكان مبالغا في ذلك، لكنه لم يكن أحمق بدرجة كبيرة.

 

فما توقعه الكثيرون عن موجة ديمقراطية تبين أنها مجرد موجة صغيرة. فلم يفوزوا في مجلس النواب بمقاعد كما كانوا يأملون فيما أحكم الجمهوريون قبضتهم على مجلس الشيوخ، حيث ركز ترامب كثيرا وفاز.

 

ولكن لو نظرنا إلى النتائج بصورة مختلفة فإننا نجد أن الكثير من الأمريكيين شاركوا في انتخابات عام 2018 أكثر من أي انتخابات نصفية منذ عام 1966. وصوّت أكثر من 10 ملايين للديمقراطيين لا الجمهوريين.

 

وكما تكشف النتائج الأخيرة للمكاسب في مجلس النواب وتضم 30 مقعدا، أنه استهدفها الديمقراطيون وكانت غير محتملة في معاقل الجمهوريين في الضواحي. وهي ردة قوية في وقت يعيش فيه الاقتصاد حالة من الازدهار.

 

وتبدو الصورة في مجلس الشيوخ معقدة أكثر مما تظهر. فقد تمسك الديمقراطيون بمونتانا حيث بدا أنهم خسروها وفازوا بنيفادا وتقدموا في أريزونا. وفي فلوريدا كانت النتائج قريبة لكل من مجلس الشيوخ والحاكم وستكون هناك إعادة إحصاء.


وفاز شيرود براون بأوهايو وهي الولاية التي فاز بها ترامب عام 2016 وبهامش 10 في المئة. وأصبحت الولايات الثلاث التي أعطت ترامب الفوز (ويسكونسين وبنسلفانيا وميتشغان) في يد الديمقراطيين الآن. ومن هنا فإن حديث ترامب عن نصر شامل مجرد خرافة.

 

ويشير الكاتب إلى ما حدث في تكساس التي تعد من أكثر الولايات الأمريكية محافظة. وقام فيها مرشح الديمقراطيين فرانسيس (بيتو) أورويك بحملة انتخابية تقدم صورة عن التقدم الذي حققه الديمقراطيون في الولايات الحمر التي يسيطر عليها الجمهوريون. فرغم فارق الهزيمة الضئيل ضد السناتور الجمهوري تيد كروز، إلا أن حملته تقدم صورة عما يجري في أمريكا اليوم. فأوروك يمثل الالتزام الليبرالي الواسع من ناحية الصحة الوطنية والهجوم على كارهي المرأة والمدافع عن المهاجرين، ويدعو لرأسمالية تحت الرقابة والحد من استخدام السلاح ويدعو لرفع الحظر الفدرالي عن الماريجوانا، وهو ضد عسكرة السياسة الخارجية.

 

كل هذا يجعل من قضيته فاشلة، ولا أمل فيها بالإضافة لدفاعه عن الأمريكيين السود في الفريق الوطني للكرة، والذين ركعوا عندما عزف النشيد الوطني، تعبيرا عن المطالبة بحقوقهم. ولكنه من بداية متواضعة في شاحنة صغيرة مستأجرة توسعت حملته حيث زار كل المحافظات في تكساس وعددها 254. واستطاع من خلال موقعه "أكت بلو" جمع 70 مليون دولار لحملته واستطاع تجنيد 25,000 متطوع نسبة 71% منهم أعمارهم ما بين 18 و29 عاما وجعل الليبرالية شعبية في تكساس واقترب من الفوز.

 

وتكررت الأشكال نفسها في الولايات المتحدة من ريتشموند إلى فرجينيا التي سيطر عليها الديمقراطيون. وكل مدينة وبلدة أصبحت في يد الديمقراطيين، وصوتت نسبة 60% من النساء للديمقراطيين وحركة هاشتاغ "مي تو"، والخضر والمدافعين عن التغيرات المناخية وتبنى الشباب فكرة الجنوسة المتواصلة واحترام ثقافة الآخرين والنمو المتزايد نحو النباتية.

ولكن الرسالة من الانتخابات النصفية هي ليس ما تعتقده الغالبية الأمريكية أو تريده. فثقافة الغالبية تعاني من الحرمان على يد النظام الانتخابي الأمريكي. فالولايات الريفية مثل وايومينغ ونورث داكوتا بعدد أقل من مليون نسمة لديهما نفس المقاعد في مجلس الشيوخ مثل كاليفورنيا البالغ عدد سكانها 40 مليون نسمة. كما أن تشكيل مناطق اصطناعية للأغلبيات الجمهورية وحرمان السود والمساجين السابقين والتحيز مع المحافظين يكمل الصورة.

 

ولكن مجلس النواب هو المكان الذي يمكن من خلاله التعبير عن هذه الفروق. ويبدو اليوم مثل الولايات المتحدة التي عبر عنها أورويك؛ كليبرالي بعدد كبير من النائبات منهن مسلمتان. وأصبحت كاليفورنيا ونيويورك بيد الديمقراطيين وكذا الشباب "الأفروأمريكان" واللاتينون أصبحوا ديمقراطيين. ويعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الشبكات الفردية لا البيانات وهم المستقبل الذي يرفض خطاب ترامب وقيمه.

 

وقد ينقلون أسلوب أورويك إلى المناطق الريفية والضواحي التي يفضلها النظام الأمريكي. ومثل الولايات المتحدة فهذه الثقافة تستقر في بريطانيا رغم الإعلام اليميني المتطرف. فالبريكسيت وخلافا لانهزامية جيرمي كوربن يمكن وقفها. و"استفتاء شعبي" يمكن أن يوقف هذه الموجات وينقذ بريطانيا. وكل ما يجب فعله هو أن يستيقظ حزب العمال.

التعليقات (0)