نشرت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الأضرار التي لحقت بالمواطن الأمريكي بشكل مباشر جراء سياسة العقوبات الاقتصادية التي يعتمدها الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب، منذ توليه السلطة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الكثير من المحللين ورجال الأعمال يعتقدون أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصين ستؤدي بالضرورة إلى زيادة أسعار عدد كبير من المنتجات في الولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، يمكن أن يرتفع ثمن أحد أجهزة التلفزيون التي تبيعها شركة "وول مارت" الأمريكية من 379 دولارا إلى 473 دولارا خلال مدة لا تتجاوز 4 أشهر.
وأضافت الصحيفة أن المستهلك الأمريكي سيدفع الثمن جراء الرسوم التي فرضها دونالد ترامب، يوم الاثنين الماضي، على الواردات الصينية، التي تقدر قيمتها بنحو 200 مليون دولار. وخلال السنة الماضية، سلط ترامب الضوء على مقدار عجز الميزان التجاري خلال اللقاءات والاجتماعات، على غرار اللقاء الذي جمعه بالرئيس السابق للحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي.
وأردفت الصحيفة بأنه كلما تفاقم العجز المالي في الولايات المتحدة مقارنة ببلدان أخرى، ارتفعت التوقعات بمطالبة ترامب بتسليط المزيد من العقوبات. وفي الوقت الذي تشهد فيه عدة بلدان عجزا في الميزان التجاري، تشهد الصين في المقابل فائضا تجاريا. ففي السنة الماضية، صدّرت الصين بضائع بقيمة 505 ملايين دولار، في حين استوردت من الولايات المتحدة الأمريكية ما قيمته 375 مليون دولار. ويفسر ذلك الحرب التجارية، التي تخفي بين طياتها حربا دبلوماسية أخرى بين أقوى دولتين على المستوى الاقتصادي العالمي.
ونقلت الصحيفة عن روبرت أتكينسون، رئيس مؤسسة الابتكار في تكنولوجيا المعلومات، وهو مركز أبحاث رائد في هذا القطاع، قوله إن "عدد الوظائف انخفض في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير خلال عقدين من الزمن، خاصة في قطاعات متنوعة مثل صناعة أشباه الموصلات والحواسيب، فضلا عن المنتجات الصيدلانية والسيارات".
وأضاف أتكينسون أن "السبب في ذلك يرجع إلى الاستراتيجية التي اتبعتها الصين لشن هجوم تجاري على تلك الأسواق في البلدان الأخرى. وليس واضحا ما إذا كانت الاستراتيجية المعتمدة من قبل الحكومة الأمريكية الحالية ستنجح في تحقيق أهدافها أم لا".
وأوردت الصحيفة أنه خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، فرض دونالد ترامب على الصين تعريفات جمركية بقيمة 50 مليار دولار. وقد بلغت قيمة هذه التعريفات خلال الأسبوع الماضي 200 مليون دولار. وشملت هذه العقوبات 5745 منتجا، فرضت عليها ضرائب حدودية بنسبة 10 بالمئة. ومن المحتمل أن تصل النسبة إلى 25 بالمئة خلال شهر كانون الثاني/ يناير القادم. وتشمل هذه الضرائب المنتجات الغذائية والمنسوجات، فضلا عن الأجهزة المنزلية والأثاث وغيرها.
وذكرت الصحيفة أن دونالد ترامب رغب في اتخاذ هذه الخطوة بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، لكن مستشاريه الأكثر اعتدالا، على غرار مدير المجلس الاقتصادي الوطني، غاري كوهن، ومستشار الأمن القومي، هربرت مكماستر، منعاه من القيام بذلك. تجدر الإشارة إلى أن البعض من هؤلاء المستشارين قد استقالوا، في حين تمت إقالة البعض الآخر. في المقابل، تقاسم بعض الخبراء الرأي مع دونالد ترامب حول أن العجز في الميزان التجاري ليس له في الحقيقة أي تأثير على الاقتصاد.
وقالت الصحيفة إن الصحفي الأمريكي، بوب وودورد، ذكر في كتابه الأخير "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" أن الرئيس الأمريكي أخبر غاري كوهن أن "المنتجات المكسيكية والكندية والصينية اجتاحت الأسواق الأمريكية؛ لأنها بخسة الثمن. كما أن الأمريكيين الذين ينفقون أموالا أقل على هذه المنتجات لديهم المزيد من المال لشراء منتجات أخرى أو الإنفاق على الخدمات أو الادخار".
وأفادت الصحيفة بأن وزارة
التجارة الأمريكية أكدت أن الصين قادرة على بيع منتجاتها بأسعار زهيدة باعتماد سلسلة من الممارسات التي تنتهك المعاهدات الدولية، بما في ذلك التجسس الصناعي وانتحال براءات الاختراع. وقد صرح ترامب خلال الإعلان عن فرض العقوبات قائلا: "نحن نتوقع أن تكون العلاقات التجارية عادلة ومتبادلة".
وأشارت الصحيفة إلى أن كبرى الشركات الأمريكية، على غرار "آبل" وموزعيها مثل "وول مارت" أو "تارجت"، عارضت الإجراءات التي أعلن عنها ترامب. وقد علق ماثيو شاي، رئيس الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، على هذا الموضوع، قائلا إن "هذه التعريفات هي ضريبة ستلحق الضرر بالوضع الاقتصادي للعائلات الأمريكية. ومن المؤسف أنه على الرغم من شكاوى المتضررين، تواصل هذه الحكومة انتهاج سياسة تجارية قد تكون عواقبها الرئيسية إضعاف الاقتصاد الأمريكي".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن مثل هذه التحذيرات لن تجعل ترامب يتراجع عن قراراته، حيث أعلن أنه بصدد الإعداد لفرض رسوم جمركية أخرى، للمرة الثالثة على التوالي، على المزيد من المنتجات الصينية، ستبلغ قيمتها 267 مليار دولار.