ملفات وتقارير

تحليل لأهم ما كشفته NYT عن موقف أوباما من انقلاب السيسي

نيويورك تايمز: كبار رموز إدارة أوباما علموا بانقلاب السيسي مبكرا ودعموه- عربي21
نيويورك تايمز: كبار رموز إدارة أوباما علموا بانقلاب السيسي مبكرا ودعموه- عربي21

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا يكشف لأول مرة تفاصيل مثيرة عن موقف أوباما وإدارته من الانقلاب العسكري في مصر، ويفضح تواطؤ الإدارة مع السيسي، و"خضوع" الرئيس الأمريكي السابق لأركان إدارته الذين كانوا على خلاف معه بخصوص الموقف من الانقلاب.


ويكشف التقرير، الذي أعده مدير مكتب الصحيفة السابق في القاهرة والصحفي المخضرم ديفيد كيركباتريك، الموقف الحقيقي لأهم أعضاء إدارة ترامب من الإخوان المسلمين، ومن تيارات الإسلام السياسي بشكل عام.

ويسلط التقرير الضوء على دور السعودية والإمارات وإسرائيل في الضغط على إدارة ترامب لدعم الانقلاب على الرئيس مرسي، عبر التخويف من جماعة الإخوان.

وفيما يلي قراءة في أهم ما كشفه التقرير، كما رصدت "عربي21":

أولا: على الرغم مما يروجه الرئيس ترامب عن قطيعة إدارته مع سياسة أوباما الخارجية، فإن سياسته تجاه مصر والانقلاب ليست سوى امتداد لسياسة إدارة سلفه، مع اختلاف طريقة ترامب في التعبير عن حقيقة سياساته ومواقفه بطريقة فجة، مثل إعلانه عن إعجابه بالسيسي واعتباره رجلا قويا يسيطر على مصر. ويدلل التقرير على هذه الحقيقة بالإشارة إلى أن "بعض أكثر المؤيدين الأمريكيين للانقلاب العسكري انتهى بهم المطاف ليحتلوا أعلى المناصب داخل إدارة ترامب، بما في ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس ومايكل فلين، أول مستشار للأمن القومي اتخذه ترامب". 

ثانيا: خلافا للاعتقاد السائد بأن أوباما كان الرجل القوي في البيت الأبيض، فإنه في الحقيقة كان مكبلا بخصوص دعم انتفاضات الربيع العربي. فقد كان الرئيس يعاني من خلافات داخل إدارته تجاه "نفس القضايا التي تحدد الآن معالم سياسة ترامب"، مثل "طبيعة التهديد الذي يشكله الإسلام السياسي، وضرورة الوفاء للحلفاء الطغاة مثل حكام الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وصعوبة تحقيق تغير ديمقراطي في مصر وفي المنطقة"، بحسب التقرير. 

لقد انقسمت الإدارة إلى طرفين حسب التقرير، طرف يمثله أوباما ومستشاروه ويدفع باتجاه "إحداث تغيير في السياسة الأمريكية القائمة والتأسيس لعلاقة جديدة مع العالم العربي بهدف مواجهة التطرف المعادي للغرب وقطع الطريق عليه"، ويحث "على ضرورة احترام نتائج الانتخابات الحرة في مصر"، فيما وقف معظم المسؤولين في إدارته في الجانب الآخر، وكانوا يعبرون "عن مخاوف قديمة متجددة من الخطر الكامن في الإسلامي السياسي" ويروجون لوجود "عقبات تحول دون نجاح الديمقراطية في مصر". 

ولكن أوباما استسلم لوجهة نظر الفريق المناهض له، عندما قبل باستيلاء العسكر على السلطة، بعد يوم واحد من الإطاحة بالرئيس مرسي.

ثالثا: مارس بعض رموز إدارة أوباما ما يمكن أن يعتبر "خيانة" لتعليمات الرئيس أوباما تجاه الانقلاب في مصر. فعلى سبيل المثال كان البيت الأبيض يرسل إلى وزير الدفاع تشاك هيغل أفكارا يقصد منها تحذير السيسي من الانقلاب، ومن عقوبات أمريكية في حالة الإطاحة بالرئيس المنتخب، ولكن هيغل أوصل رسالة مختلفة تماما كما أكد مسؤول كبير سابق في مجلس الأمن القومي لكاتب التقرير، حيث كان يؤكد للسيسي حرص الولايات المتحدة على علاقات جيدة مع مصر بدلا من تحذيره من خطورة الانقلاب على الديمقراطية.


ويقول كاتب التقرير أن هيغل أخبره في مقابلة عام 2016 أنه خاطب السيسي قائلاً: "أنا لا أعيش في القاهرة، أنت تعيش فيها. عليك أن تصون أمنك وأن تصون بلادك".

ويبدو من هذه التفاصيل، أن هيغل كان ينقل للسيسي ما يؤمن به هو وليس ما يرغب أوباما بنقله، وهو ما يؤكد أن القيادات العسكرية الأمريكية ضالعة في دعم الانقلاب، وأنها تفضل أن تستمر بالتعامل مع العسكريين المصريين، بحكم العلاقة الوثيقة بين الطرفين منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

رابعا: يكشف التقرير تفاصيل عن الاتصال الأخير بين الرئيس أوباما والرئيس مرسي في الأول من تموز/ يوليو 2013، حيث حث أوباما مرسي على التوصل إلى تسوية مع معارضيه المدنيين بحيث تتحول رئاسته إلى حكومة وحدة وطنية تقريباً، فيما شكره مرسي على النصيحة وأخبره بأنها "متأخرة"، لأن مرسي كان فعليا في ذلك الوقت محتجزا في مقر الحرس الجمهوري بالقصر الرئاسي. 

ويدل هذا الاتصال على سقوط الرواية التي روجتها وسائل إعلامية مصرية مرتبطة بالانقلاب بخصوص دعم إدارة أوباما لحكومة مرسي، إذ أن أقصى ما قام به الطرف الأقل حماسا للانقلاب في هذه الإدارة هو تقديم النصيحة المتأخرة لمرسي بعقد تسوية مع معارضيه. 

خامسا: يكشف التقرير توافقا سعوديا إماراتيا إسرائيليا تجاه رفض الديمقراطية في مصر، والعداء مع الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. فقد مارست كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ضغوطا كبيرة على إدارة أوباما لدعم الانقلاب العسكري، ولإقناع واشنطن بخطر الإخوان المسلمين والرئيس مرسي على المصالح الأمريكية، بسبب "ذعرهما من الانتخابات ومن فكرة اعتبارها إسلامية"، فيما مارست إسرائيل ضغوطا مشابهة بسبب خوفها من تهديدات للحدود ودعم لحركة حماس من مصر تحت حكم الرئيس مرسي.

وقد أخبر وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هيغل كاتب التقرير في مقابلة أجريت عام 2016 بأنه كان محاصراً بالشكاوى الموجهة ضد الرئيس مرسي من إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقال السيد هيغل إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الفعلي للإمارات ورئيس قواتها المسلحة، وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها "باتت اليوم العنصر الأخطر على الأرض في الشرق الأوسط"، وأكد هيغل أنه اتفق معهم جميعاً وأنه سعى إلى طمأنتهم قائلاً للإماراتيين: "إن الإخوان المسلمين خطرون ونحن ندرك ذلك".

كما يكشف التقرير أن مسؤولين أمريكيين علموا بعد الانقلاب العسكري، أن الإمارات كانت توفر دعماً مالياً سرياً لتنظيم الاحتجاجات ضد الرئيس مرسي. 

سادسا: خلافا لما تروجه السلطات المصرية عن أن الانقلاب كان قرارا مصريا خالصا، يؤكد التقرير أن المسؤولين العسكريين نسقوا مبكرا مع قادة الجيش المصري للإطاحة بمرسي، وأن هؤلاء المسؤولين أصبحوا يتحاورون بشكل دائم مع نظرائهم المصريين منذ ربيع عام 2013 حول "الهموم المتبادلة حول الرئيس مرسي".

سابعا: لم يكن تأييد الانقلاب مقتصرا على المسؤولين العسكريين، بل إن رئيس الدبلوماسية الأمريكية وزير الخارجية في إدارة أوباما جون كيري كان من أشد المتحمسين للانقلاب، خلافا لما روجته وسائل إعلامية تابعة للسلطة في مصر.


ويكشف التقرير أن كيري، المعروف بعلاقاته المتميزة مع أمراء خليجيين منذ أن كان عضوا في مجلس الشيوخ، ظل يعبر باستمرار عن ارتيابه وعدم ثقته بالإخوان المسلمين. وعندما زار القاهرة لأول مرة كوزير للخارجية في مارس/ آذار من عام 2013، لم يعجبه الرئيس مرسي وشكل عنه انطباعاً سلبياً. 

كما علم وزير الخارجية جون كيري بشكل مبكر عن الانقلاب أثناء لقائه بوزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي على انفراد، بعد يومين من لقائه بمرسي. ويشير كاتب التقرير ديفيد كيركباتريك إلى أن كيري أخبره فيما بعد أن الجنرال السيسي قال له في ذلك اللقاء "أنا لن أسمح لبلدي بأن تنساب في المجاري." وأنه أدرك حينها أن "الطبخة قد أعدت لمرسي"، وأضاف كيركباتريك أن كيري أخبره بأنه شعر جزئياً بالارتياح لأنه خلص إلى أن الجنرال السيسي على استعداد للتدخل.

ثامنا: يكشف التقرير أن السياسة الأمريكية لا تقوم على أسس "أخلاقية" بل إنها مرتبطة تماما بالمصالح، ويبدو هذا واضحا من الدور الذي لعبه جون كيري في إقناع الرئيس أوباما بأن ما جرى في مصر ليس انقلابا، قبل أن يبرر موقفه هذا في وقت لاحق بكون الولايات المتحدة بحاجة إلى السعوديين والإماراتيين والإسرائيليين من أجل أولويات أخرى، وأنه لم يكن يرغب "في الدخول معهم في مشاكسة حول أمر يتضح من التاريخ أنه الطريقة التي تعمل بها مصر".

تاسعا: يكشف التقرير حقيقة باتت مكررة عن تأييد "إسرائيل" للسيسي حتى قبل تنفيذ الانقلاب، حيث كان الزعماء الإسرائيليون قد قالوا لوزير الدفاع تشاك هيغل إنهم يعولون على الجنرال السيسي لأنهم كانوا قلقين من أن يقوم الإخوان المسلمون بتهديد الحدود أو بمساعدة حماس. بينما كان الجنرال السيسي نفسه قد أخبر السيد هيغل بأنه "توجد بعض القوى الشريرة جداً على الأرض – أنتم لا تستطيعون فهمها كما نفهمها نحن هنا".

عاشرا: يكشف التقرير الموقف الحقيقي لبعض رموز إدارة أوباما، الذين أصبحوا أعضاء مؤثرين فيما بعد في إدارة ترامب، من "الإسلام السياسي"، ويؤكد أن رفضهم للإسلاميين لا يتعلق بتورط بعض الجماعات الإسلامية بالعنف، بل بكونهم إسلاميين أصلا بغض النظر عن طبيعة الأفكار التي يتبنونها.


ومن الأمثلة على ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي يرى أن الإخوان المسلمين ما هم سوى لون آخر من ألوان القاعدة، وأن الإسلاميين "كلهم يسبحون في نفس البحر"، وهو تقريبا نفس الرأي الذي يحمله مايكل فلين رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية أثناء إدارة أوباما ومستشار الأمن القومي السابق لترامب، الذي صرح بأن الإخوان المسلمين والقاعدة "يحملون نفس الأيدولوجيا". 


وقد أعلن ماتيس أكثر من مرة تأييده لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وصرح في ندوة قبل تعيينه وزيرا للدفاع بأن دعم السيسي ضروري "لتقليص كم الأمور السلبية التي تحيط بالدين الإسلامي".


التعليقات (3)
النفاق السياسى
الأحد، 29-07-2018 07:55 م
سيثبت التاريخ أن الإدارة الديمقراطية للرئيس الأمريكى (باراك أوباما) كانت هى أخبث الإدارات الأمريكية على الإطلاق فى سياستها مع الإخوان المسلمين ! فبعد أن خبرت منهجهم المشوش الذى يعتمد نظرية (الإسلام الديمقراطى) ، و استعدادهم للتحالف مع الغرب بأى ثمن فى سبيل الوصول إلى الحكم باسم (الشرعية الديمقراطية) ، تظاهرت واشنطن بتأييد الثورة الشعبية فى مصر التى أطاحت بالطاغية حسنى مبارك عام 2011 م ، ثم استدرجت الإخوان لفخ الحكم دون أن يكون لهم أى سلطة فعلية على المفاصل الحاكمة للدولة ، كالجيش و الشرطة و الاستخبارات و القضاء و الإعلام ، و غررت بقياداتهم أنها تقف خلف تجربتهم الديمقراطية الرائدة ، و تدعمها كل الدعم استنادا إلى قيم مشتركة تجمعهم كالديمقراطية و التعددية و حكم الدولة المدنية ! بينما كانت تحرك الدولة العميقة فى مصر لخلق الأزمات اليومية لحكومة الإخوان ، و تنسق سفارتها مع المعارضة المأجورة لإثارة الفوضى و الاحتراب الأهلى فى الشارع طوال فترة حكم الإخوان ، و توعز لقادة الجيش الانقلاب على حكم الإخوان فى الموعد المتفق عليه ! فنجحت فى إسقاطهم سياسيا ، و حشد جماهير السفهاء و المجرمين ضدهم من أجل تحقيق هدفها الرئيسى من تلك السياسة ، و هو القضاء على الإسلام السياسى فى مصر وسط تأييد شعبى !!! لكن هيهات فقد كشفت تلك السياسة الخبيثة فساد القواعد الشعبية المؤيدة لحكم العلمانية فى مصر ، و كتبت شهادة وفاة ما يسمى ب (الإسلام الديمقراطى) !
ابو العبد الحلبي
الأحد، 29-07-2018 09:29 ص
لا ترتبط السياسة الأمريكية بشخص الرئيس مهما كان ذكاؤه أو معلوماته أو ثروته الشخصية . السياسة في تلك البلاد نتاج جهود كبيرة تبذلها مؤسسات و معاهد و مراكز دراسات و أبحاث و مخابرات و جماعات ضغط لأثرياء أو لنافذين . هذه هي الدولة العميقة التي لا يملك أي رئيس سوى أن يكون أداة طيَعة بيدها ، فإن حاد قيد أنملة عما صممته فسيلقى مصير "كينيدي" أو "نيكسون". بعد خروج أمريكا من عزلتها عقب الحرب العالمية الثانية ، قررت السيطرة على ممتلكات الاستعمار القديم "بريطانيا و فرنسا" و دبَرت انقلابات في منطقتنا مثل "انقلاب حسني الزعيم في سوريا الذي لم يطل عمره ، و انقلاب مصدق في إيران الذي فشل بسرعة ، و انقلاب 23 يوليو عام 1952 في مصر". انقلاب مصر نجحت فيه أمريكا بعد أن رمت كل ثقلها فيه و استعملت فيه أنواعاً من الخداع انطلت حتى على الإنجليز. خلال 16 عاماً من عهد عبد الناصر (1954 - 1970 ) ، قامت أمريكا بسبر أغوار مصر في كافة مجالات الحياة فتوطدت أركان النفوذ الأمريكي و أصبحت السفارة هي المرجعية الأولى و الأخيرة. كان من المهم للأمريكان أن يحكم العسكر مصر ، و لكنهم "خرجوا عن النص" و قاموا بتجربة انتخابات حرة نزيهة لغايات "استكشاف" و "تحطيم" ، فأفرزت الانتخابات الأستاذ الدكتور محمد مرسي. تأكدت أمريكا من أن خيار شعب مصر هو نحو الإسلام و استعداد الشعب لانتخاب أي شخص لديه مسحة إسلامية . العسكر – بتوجيه من أمريكا - اشترطوا على جماعة الإخوان أنهم لن يقبلوا بمرسي إلا إذا رفع يده عن 4 أمور : الجيش ، المخابرات ، القضاء ، الإعلام . نتيجة سذاجتها السياسية ، وافقت الجماعة على ذلك فصار لديها رئيس ذو منصب شكلي من السهل الإطاحة به . لكن الانقلاب على مرسي بعد سنة ، أرادت أمريكا من خلاله تحطيم الجماعة و "محاولة" البرهنة على فشل التجربة الإسلامية . الحقيقة أن أمريكا لدى صناع القرار فيها مستوى عقلي منخفض فلا جماعة الإخوان هي الممثل الوحيد للمسلمين و لا التجربة كانت تجربة بمعنى الكلمة. بالعكس ، هذه المسرحية القصيرة كشفت عقم محاولة إصلاح أي نظام فرضه الاستعمار من داخله بمنطق "سلميتنا أقوى من الرصاص".
من سدني
الأحد، 29-07-2018 09:00 ص
فليفعل الغرب ماشاء ولينصِّب من شاء ويعزل من شاء ونحن أمة ولاده وارحامها طاهرة وحماله وستخرج لنا الف الف صلاح الدين وألف عمر المختار ومليون سليمان الحلبي ومليون حسن البنّا والعبرة في الخاتمة وسيرى الأذناب من حكام العرب كيف سترجمهم الامه كما كانت ترجم العرب قبر ابو ريغال