تعاني
مصر من
عجز مائي
كبير، ويعد من أهم التحديات التي تواجه البلاد خاصة مع تنامي احتياجاتها من المياه
بسبب زيادة عدد السكان، والتوسع العمراني الجديد، وبناء
سد النهضة الإثيوبي،
والعمل على زيادة الرقعة الزراعية.
وقدّر قطاع التخطيط
بوزارة الموارد المائية والري العجز المائي بـنحو 20 مليار متر مكعب، وتعتمد على
97% من مواردها المائية من خارج حدودها، وتحتاج إلى أكثر من 114 مليار متر مكعب، لتلبية
حاجتها إلى الزراعة والصناعة والشرب والاستخدام المنزلي.
وحذر خبراء في مجال
المياه والري في تصريحات لـ"
عربي21" من تكلفة بدائل توفير المياه ماليا
وسياسيا؛ بسبب وضع مصر الاقتصادي المتردي، واعتمادها على الديون الداخلية
والخارجية، وتعرضها لضغوط خارجية لتقديم تنازلات.
وأعلن رئيس الهيئة
الهندسية للقوات المسلحة المصرية، اللواء كامل الوزير، نهاية العام الماضي أن مصر
تعمل على إنشاء أكبر محطات تحلية مياه البحر في العالم بمنطقة العين السخنة على
البحر الأحمر، وأن ما تنتجه الآن يبلغ مليون متر مكعب من مياه البحر وحدها.
ويقول وزير الموارد
المائية والري، محمد عبد العاطي، إن هناك خطة قصيرة المدى تحتاج إلى استثمارات تصل إلى
31.5 مليار جينه لتوفير 6.8 مليار متر مكعب، في الفترة ما بين 2018 و2021، ويقدر خبراء
تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه بعد تحليتها بواسطة محطات التحلية ما بين 48
و68 سنتا أمريكيا.
وفند خبير المياه
والسدود، محمد حافظ، توقيت إعلان التصريح، قائلا إنه "يتزامن مع تصريحات
أخرى من بعض الخبراء المصريين والأكاديميين المحسوبين على الأذرع الاستخباراتية
لنظام السيسي بأن سد النهضة سوف يسبب عجزا قدره 24 مليار متر مكعب أثناء عملية
التخزين".
مضيفا
لـ"
عربي21" أنه "إذا رسمنا خطا رفيعا بين تصريح العجز الحالي 20 مليار متر مكعب مع تصريح العجز الإضافي 24 مليار متر مكعب، ومددنا الخط على استقامته سنجد
أنفسنا أمام رسالة تسعي المخابرات المصرية في بثها للعقل الجمعي المصري، وهي أننا ما زلنا
في خطر بسبب سد النهضة على الرغم من (قسم رئيس وزراء إثيوبيا)".
وحذر من أن
"الهدف من هذه الرسالة هو فتح الباب أمام مواقف سياسية جديدة للربط بين قضية
(سد النهضة) بالجنوب مع قضية (صفقة القرن) في الشمال. وقد صار من الضروري إثارة مخاوف المصريين وحيرتهم بشكل يؤدي لخلق
نوع من التعاطف التدريجي مع موقف السيسي مستقبلا تجاه صفقة القرن (متلازمة
ستوكهولم)".
وعليه فالضغط اليوم
على (مخاوف) المصريين بشأن المياه والعجز الحالي والعجز المنتظر هو (تأهيل نفسي)
يهدف للحصول على أكبر قدر ممكن من
رضا وقناعة الشعب المصري عندما يبدأ
السيسي الخطوات الحقيقية على أرض الواقع في اتجاه تنفيذ (صفقة القرن).. مبررا هذا الأمر بحاجتنا للأموال الكثيرة وبأن هذا الأمر لن نكون قادرين عليه إلا
بالسير في مسار (صفقة القرن).
وأشار إلى أنه
"من المنتظر أن تشتمل صفقة القرن على دفع مبالغ مالية كبيرة من دول الخليج
العربي والولايات المتحدة لمساعدة مصر في حل مشاكل العجز المائي لتنفيذ محطات
تحلية مياه البحر"، واصفا سعي السيسي
في الاقتراض من الداخل والخارج بأنه "نحت السندان الذي سيرقد عليه الشعب المصري قبل أن ترفع إسرائيل مطرقة (صفقة
القرن)".
من جهته؛ قال مستشار وزير الري والموارد المائية السابق، صفوت عبد الدايم،
لـ"
عربي21" إن "المستقبل لتحلية المياه ومعالجتها لإعادة
استخدامها في مياه الشرب والزراعة، ولكن تظل مياه
النيل هي المصدر الرئيس لأن حجمها
كبير جدا مقارنة بالمصادر الأخرى حيث إنها توفر 55 مليار متر مكعب"، مضيفا أن "هناك عجزا مائيا بنحو 20 مليار متر مكعب، وأن الدولة تتجه الآن لتحلية مياه الشرب".
ولكنه استدرك قائلا:
"لكن المدخل الأهم لتقليل الفجوة المائية هو ترشيد الاستخدام، ولذلك تعمل
الدولة على ترشيد استخدامات المياه سواء في الزراعة، أو في مياه الشرب، أو في
الشبكات المائية بحيث لا يحدث فواقد مائية"، لافتا إلى "وجود خطط لإعادة
استخدام مياه الصرف الزراعي، ومياه الصرف الصحي بعد معالجتها وإنشاء محطات تحلية
للمدن الجديدة كلها، لتغطي احتياجات الشرب والصناعة".
وأضاف أنه "على
الرغم من أن تكلفة تحلية المياه أو معالجتها مرتفعة نسبيا؛ نتيجة كمية الطاقة التي
تحتاجها، فإن هناك اليوم وفرة في إنتاج الطاقة خاصة مع اتجاه الدولة لتوفير مصادر
بديلة كالطاقة المتجددة- مثل الطاقة الشمسية والرياح- ما سيقلل من تكلفة التحلية".