هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تؤدي حكومة رئيس الوزراء المصري الجديد مصطفى مدبولي اليمين الدستورية أمام عبد الفتاح السيسي الخميس، خلفا لحكومة المهندس شريف إسماعيل التي قدمت استقالتها في أعقاب أداء السيسي اليمين الدستورية لتولي فترة رئاسته الجديدة الأسبوع الماضي.
وكان مدبولي يشغل منصب وزير الإسكان في حكومة
إسماعيل المستقيلة، وهو ما أثار تساؤلات حول سر تمسك السيسي، ورؤساء مصر من قبله،
بالشخصيات ذات الخلفية الاقتصادية لتعيينهم في منصب رئيس الوزراء، وهل أثمرت هذه
السياسة في تحسين اقتصاد البلاد؟ ومن يتولى صياغة سياسة الحكومة إذا كان رئيسها
غير سياسي؟
34 عاما دون سياسة
ويتذرع رؤساء مصر المتعاقبين بأن الرجل الاقتصادي هو
الاختيار الأفضل ليناسب ظروف البلاد الاقتصادية الصعبة، لكن الواقع أثبت أن تلك
الأحوال الاقتصادية لم تشهد أي تحسن، بل ازدادت تدهورا على مدى عقود متوالية.
وكان آخر رجل سياسي تولى منصب رئيس وزراء مصر هو
فؤاد محيي الدين في الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير 1982 وحتى حزيران/ يونيو
1984، فيما سبقه وتلاه العديد من الاقتصاديين في المنصب ذاته.
وبحسب تقارير صحفية، فقد انتهى مصطفى مدبولي من
اختيار أعضاء حكومته وعرضها على السيسي، وشملت بضع تغييرات أبرزها وزراء الصحة
والبيئة والزراعة والمالية والتجارة والصناعة، فيما توسع مدبولي في تعيين نواب
للوزراء وصل عددهم إلى 16 نائبا للوزير.
اقرأ أيضا: مراقبون: حكومة مدبولي امتداد لسياسات السيسي.. والأسوأ قادم
وقالت صحيفة "اليوم السابع" إن التشكيل
الجديد سيشهد تغيير عشرة وزراء، وسيتم ضم وزيرتين جديدتين للحكومة.
ومن المتوقع أن يلقي رئيس الوزراء الجديد مصطفى
مدبولي بيانا أمام مجلس النواب عقب إجازة عيد الفطر، يعقبه إلقاء بيان آخر بعد 20
يوما من أداء اليمين الدستورية لإعلان برنامج حكومته الجديدة وعرض المشروعات التي
سيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة.
الدستور لا يطبق
وتعليقا على هذا الاختيار، قال أستاذ العلوم
السياسية محمود كامل إن "من يتم اختياره لهذا المنصب الحساس يجب أن يكون
متمتعا بمعرفة واسعة بمشاكل الوطن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويمتلك رؤية
واضحة لكيفية حلها، ولديه القدرة على توجيه الوزراء للتعامل مع تلك المشاكل
ومتابعة أدائهم".
وأضاف كامل، في تصريحات لـ"عربي21"، أن
عبد الفتاح السيسي منذ توليه السلطة وهو يميل إلى تولية منصب رئيس الوزراء إلى
المهندسين بشكل خاص، حيث استعان أولا بإبراهيم محلب وزير الإسكان الأسبق ثم تلاه
شريف إسماعيل وزير البترول وأخيرا مصطفى مدبولي وزير الإسكان السابق.
وعن سبب اختيار مدبولي لهذا المنصب قال كامل إن "الأمر
كان متوقعا بعد أن تولى مدبولي مهمة رئاسة الوزراء بشكل مؤقت لعدة أسابيع أثناء
غياب شريف إسماعيل لتلقي العلاج بالخارج، كما أنه يشرف على عدة مشروعات قومية في
مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة".
اقرأ أيضا: هل تكون حكومة شريف إسماعيل كبش الفداء لقرارات السيسي؟
وأكد أن "منصب رئيس الوزراء يتمتع، وفقا
للدستور الحالي، بنسبة كبيرة من السلطة والاستقلالية عن الرئيس لكن هذه النصوص لا
يتم تطبيقها على أرض الواقع"، موضحا أن "رئيس الجمهورية هو من يحدد
السياسات الداخلية والخارجية، بينما يكون رئيس الوزراء مجرد منفذ لبرنامج الرئيس
ومتابع للمسؤولين من وزراء ومحافظين".
وأشار إلى أن هذا النهج اتبعه كافة رؤساء مصر
السابقين، حيث ألغى جمال عبد الناصر منصب رئيس الوزراء لفترة طويلة، فيما اختار
السادات رجال الاقتصاد في هذا المنصب، بينما شهدت بداية عهد مبارك استقلالية نسبية
لرئيس الوزراء حينما اختار فؤاد محيي الدين لهذا المنصب، لكنه عاد إلى درب سابقيه
وظل يختار رجال الاقتصاد في هذا المنصب حتى أطاحت به ثورة كانون الثاني/ يناير
2011.
لكن الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية عمر حامد رأى أن المشكلة ليست في خلفية رئيس الوزراء وما إذا كانت اقتصادية أو سياسية، موضحا أن "المشكلة في أن جميع من يتم اختيارهم لهذا المنصب مجرد موظفين لا يملكون أي رؤية أو قدرة على معالجة مشاكل البلاد".
وأوضح حامد، في تصريحات لـ "عربي21"، أن
رئيس الوزراء ليس سوى "دوبلير"، مهمته تنحصر في تلقي الضربات
والانتقادات نيابة عن رئيس الجمهورية الذي يحمله في النهاية مسؤولية فشله ويقوم
بتغييره بعد عدة سنوات ليمتص غضب الرأي العام على خطايا النظام.
اقرأ أيضا: السيسي يكلف وزير الإسكان بتشكيل حكومة جديدة
وأضاف أن "الفشل متواصل في الحكومات المتتالية
منذ عقود طويلة، حيث جربت مصر رئيس الوزراء العسكري والاقتصادي، وفشلوا جميعا
لأنهم كانوا لا يتعدون وظيفة سكرتير الرئيس، ولم يتمتعوا بأي صلاحية حقيقية".
واستبعد عمر حامد أن يتغير المشهد السياسي أو الاقتصادي
في مصر مع التعديل الوزاري الأخير وتعيين مصطفى مدبولي رئيسا للوزراء، موضحا أن "شخصية
السيسي العسكرية المستبدة تجعله لا يقبل أي خلاف معه ويطالب المحيطين به بتنفيذ
أوامره دون مناقشة أو مراجعة".