هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار تأجيل البرلمان التونسي النظر في مشروع قانون تقدمت به مجموعة من الكتل النيابية لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني للمرة الثانية على التوالي تساؤلات بين الأحزاب والجهات التي قدمت هذا المشروع حول وجود إرادة سياسية حقيقية للسلطة لتجريم التطبيع.
ووجهت اتهامات لرئاسة الجمهورية ورئيس مجلس النواب محمد الناصر بالمماطلة في سن هذا القانون الذي ظل عالقا في أروقة البرلمان منذ عام 2012.
وكان الجدل احتدم داخل لجنة الحقوق والحريات
بالبرلمان خلال الجلسة الثانية التي انعقدت الجمعة 9 فبراير/شباط 2018، للنظر في
هذا المشروع لتتحول إلى شتائم وتشابك بالأيدي وتبادل لاتهامات بالعمالة
"للصهيونية" بين النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي وزميله عن حزب
نداء تونس الحاكم محمد بن صوف ليتم على إثرها رفع الجلسة إثر تغيب ممثل عن رئاسة
الجمهورية وعن وزارة الخارجية حيث حمل نواب المعارضة رئيس البرلمان محمد الناصر
المسؤولية للمرة الثانية على التوالي في تعطيل النظر في هذا المشروع.
وفي هذا الإطار، اتهم النائب عن الجبهة الشعبية
عمار عمروسية رئيس البرلمان محمد الناصر بتعطيل جلسات لجنة الحقوق والحريات من
خلال رفضه إرسال دعوات رسمية لرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية للحضور لمناقشة
مشروع هذا القانون و"لرفع الحرج عنهم". حسب قوله.
وأضاف لـ"عربي21" : مشروع تجريم
التطبيع قدمته الجبهة الشعبية منذ أكثر من سنتين وتم تركه في رفوف البرلمان، وجاء
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجائر بتحويل السفارة الأميركية إلى القدس
لتحريك الرأي العام في تونس وخلق ضغط سياسي وشعبي أحرج مكتب البرلمان ليعلن بعدها
عن برمجة جلسة عامة في شهر فبراير/شباط لمناقشة مشروع قانون تجريم التطبيع مكرهين".
السبسي يوبخ
تابع: "هذه
الجلسة العامة لا يمكن لها أن تتم إلا بعد مناقشة لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان
في هذه المبادرة التشريعية ولم يجد رئيس البرلمان محمد الناصر من حل لتعطيل مرور
هذا المشروع إلى الجلسة العامة إلا بالمماطلة وبعرقلة سير عمل لجنة الحقوق والحريات بتعمده عدم إرسال
أي دعوة للممثلين عن رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية لمناقشة هذا المشروع "
وفق قوله.
وأضاف :" وصلتني معلومة مؤكدة عن دعوة رئيس
الجمهورية الباجي قائد السبسي لرئيس البرلمان قبل أيام من انعقاد الجلسة وقيامه
بتوبيخه على برمجة هذا المشروع في قبة البرلمان وهو مايفسر غياب ممثلين عن الرئاسة
وعن الخارجية التونسية خلال الجلستين الماضيتين وقد تعللوا بعدم إرسال رئيس
البرلمان لهم دعوة رسمية لحضور الجلسة".
وكان رئيس البرلمان قد دعا الجمعة الماضية
بالتزامن مع انعقاد لجنة الحقوق والحريات للنظر في مشروع قانون تجريم التطبيع إلى
إعطاء الأولوية للقوانين المتعلقة بمكافحة الفساد ومحاربة الإثراء غير المشروع
والإسراع في النظر فيها داخل لجنة التشريع العام بالبرلمان.
الرئاسة توضح
في المقابل، أكد مصدر من رئاسة الجمهورية لـ"عربي21" عدم تلقيهم أي دعوة رسمية لحضور جلسة لجنة الحقوق والحريات الأولى
والثانية مشددا على أن قرار تجريم التطبيع هو مطلب شعبي لكل التونسيين وبأن رئاسة
الجمهورية ستكون حاضرة في قبة البرلمان حال وجهت لها الدعوة من رئيس البرلمان بشكل
رسمي.
وفي تعليقه على قانون تجريم التطبيع، اعتبر النائب
الثاني لرئيس حركة النهضة، علي العريض، في حوار لصحيفة " الشروق" التونسية اليوم الأحد 11 فبراير/ شباط 2017،
أن تمرير هذا القانون من شأنه أن "يثير مشكلات لتونس مع الدول العربية
والغربية ومع المؤسسات الأممية لأن فيه إفراد لتونس بشيء لا حاجة لها به "
وعلل ذلك بأن "الفلسطينيّين لم
يطلبوا من أيّ دولة عربية أن تسن قانونا يجرم التطبيع لأن العالم العربي بصفة عامة
ضد التطبيع" حسب قوله.
واعتبر في ذات الحوار أن قضية التطبيع في تونس
"هي من السياسة الخارجية التي تعالج في الجامعة العربية وضمن صلاحيات رئاسة
الجمهورية" وشدد على أن مناقشة هذا القانون يعد من "المغامرات بصلاحيات
تونس".
ضغوطات أوروبية
من جانبه، عبر رئيس "الهيئة الوطنية لدعم
المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية" أحمد الكحلاوي في حديثه لـ"عربي21" عن استنكاره الشديد للموقف التونسي الرسمي من تجريم التطبيع مع الكيان
الصهيوني مشددا على أن هذا المطلب تقدمت به الهيئة منذ 2012 للمجلس التأسيسي بهدف
سن فصل في الدستور التونسي لما بعد الثورة لتجريم التطبيع.
وأضاف:" صدر حينها فصل في مسودة
مشروع الدستور آنذاك يجرم صراحة التطبيع وتحديدا الفصل 27 ، لكن رئيس المجلس التأسيسي آنذاك مصطفى بن جعفر والذي كان يترأس بالتوازي منصب الرئاسة الشرفية ل "ا الاشتراكية
الدولية الصهيونية " قام بحذف الفصل من مسودة الدستور".
الكحلاوي اعتبر أن ضغوطات كبرى مورست على تونس
إبان طرح مقترح تجريم التطبيع داخل البرلمان التونسي حيث خير وزراء خارجية أوروبا
مسؤولي السلطة في تونس ما بين التنمية والمساعدات المالية والقروض الخارجية وبين تجريم التطبيع وقطع
العلاقات مع إسرائيل حسب قوله.