هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتبة منى الطحاوي، تقول فيه إن يوم الثلاثاء في مصر أصبح يوم الإعدام، متسائلة عن الرسالة التي يريد النظام إيصالها.
وتشير الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، فإن مصر أعدمت كل ثلاثاء مدنيين حكمت عليهم محاكم عسكرية:
- 9 كانون الثاني/ يناير: أعدم ثلاثة رجال اتهموا بالاغتصاب، وحكمت عليهم محكمة عسكرية عام 2011.
- 2 كانون الثاني/ يناير: أعدم أربعة رجال لكونهم متشددين إسلاميين، وحاكمتهم محكمة عسكرية، وأصدرت عليهم أحكاما بالإعدام بتهمة تنفيذ هجوم خارج استاد رياضي، قتل فيه ثلاثة طلاب في الأكاديمية العسكرية.
- 26 كانون الأول/ ديسمبر: أعدم 15 شخصا اتهموا بالتطرف، وأصدرت عليهم محكمة عسكرية في تشرين الثاني/ نوفمبر حكما بتهمة تنفيذ هجوم على نقطة تفتيش في شبه جزيرة سيناء في عام 2013، وقتل فيه ضابط وثمانية جنود.
وتلفت الصحيفة إلى أن الهجوم جاء وسط العنف الذي اندلع في أنحاء مصر كلها، بعدما قام الجيش بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي، الذي انتخب رئيسا عام 2012، حيث قتلت قوات الأمن قبل يوم من هذا الهجوم حوالي ألف شخص، عندما كانت تقوم بفض اعتصامين للإخوان المسلمين في القاهرة، مشيرة إلى أنه لم تتم محاكمة أي من قوات الأمن على عملية القتل الجماعي هذه، التي تعتقد منظمات حقوق الإنسان أن عبد الفتاح السيسي هو الذي نظمها عندما كان وزيرا للدفاع.
وتعلق الطحاوي قائلة بأنه "من غير المريح محاولة استيعاب عملية القتل الضخمة التي تمت بموافقة الدولة، التي هي بالضرورة عملية إعدام، ونتحدث عن استقلالية القضاء في مصر، لكنه ليس محايدا، فسواء كان الحال في المحاكم العسكرية أو المدنية فإن قوس الأخلاقية المصرية لا يميل نحو العدالة، لكن باتجاه الرغبات السياسية لمن هم في الحكم، وهذا واضح بشكل كبير في المحاكم العسكرية".
وتنوه الكاتبة إلى أنه "منذ وصول السيسي إلى السلطة زاد عدد الإعدامات بشكل كبير، فبحسب الإعلام الرسمي أصدرت المحاكم في مصر 186 حكما عام 2017، وهو ضعف الرقم الذي صدر عام 2016 وهو 60 حكم إعدام، وقد تضاعفت الأحكام في عام 2016 بزيادة 44 حكما عن 22 حكم إعدام صدرت في عام 2015، والسلطات المصرية لا تقوم بإعدام الأشخاص بموجب أحكام صادرة عن المحاكم العسكرية، لكنها تقوم بقتلهم بشكل فوري ودون محاكمة".
وتورد الصحيفة نقلا عن منظمة "هيومان رايتس ووتش" قولها في نيسان/ أبريل إن القوات المصرية في سيناء أعدمت رجلين وثمانية أشخاص عزلا كانوا معتقلين، وحاولت تغطية وفاتهم وإظهار الموت وكأنه مواجهة مسلحة بين القوات المصرية وجماعات الإرهابيين.
وتذكر الطحاوي أن جماعات حقوق الإنسان قالت عن عمليات الإعدام في 26 كانون الأول/ ديسمبر، التي شملت 15 شخصا، إن المحاكمات كانت مشوبة بالعيوب، وإن واحدا منهم على الأقل تعرض للتعذيب، فيما قال محام كان على اتصال مع عائلات ومحامي الأشخاص الذين أعدموا، إنه لم يمنح الوقت الكافي للمحامين ليتقدموا باستئنافات قبل أن يوقع وزير الدفاع على قرار إعدامهم، ولم يسمح لعائلاتهم بوداعهم قبل شنقهم.
وتنقل الصحيفة عن شقيقة أحد الذين تم إعدامهم يوم الثلاثاء الماضي، قولها لموقع "مدى مصر"، إن عائلاتهم لم تعرف مكان الإعدام ولا كيفية استرداد جثثهم، حيث عينت محكمة استئناف موعدا للاستئناف في 25 شباط/ فبراير، أي بعد ستة أسابيع من إعدامهم.
وتتساءل الكاتبة عن سبب الإعدامات في يوم الثلاثاء على مدى أسابيع متتالية، قائلة إنها على ما يبدو رسالة من الحكومة المصرية، التي تريد إظهار أنها تسيطر على الوضع، فقبل 25 كانون الثاني/ يناير ذكرى ثورة عام 2011 تحدث هذه الإجراءات، وتتساءل: "هل في الحقيقة يحكم السيسي سيطرته فعلا؟ حيث أنه أمر قوات الجيش باستخدام (القوة الغاشمة) ضد حملة عسكرية لجماعة متشددة في سيناء، رغم أن سنوات من استخدام قوة كهذه لم تنجح في وقف العنف، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر قام المتشددون بقتل 300 مصل يوم الجمعة في مسجد هاجموه بالأسلحة والقنابل".
وتفيد الطحاوي بأن "هناك عاملا آخر مرتبطا بالإعلان عن الانتخابات الرئاسية، التي ستعقد في آذار/ مارس المقبل، وأعلن عن فوز السيسي، قائد الجيش السابق ومدير الاستخبارات العسكرية سابقا، في انتخابات عام 2014 بنسبة يصعب تصديقها، وهي 96.1% من أصوات الناخبين، وإن كان أحد يشك في نتائج الانتخابات المقبلة فعليه النظر للآتي: يجب على المرشحين التسجيل في نهاية كانون الثاني/ يناير، فواحد من المرشحين المحتملين في السجن، وثان وضع تحت الإقامة الجبرية وانسحب، أما الثالث فيواجه محاكمة قد تمنعه من المشاركة لو صدر حكم بإدانته، ورابع يجب عليه أن يحصل على توقيع الآلاف من الداعمين لترشيحه حتى يتأهل للمشاركة، ويجب أن يحصل المرشح على دعم 20 عضوا في البرلمان، أو دعم 25 ألف شخص يحق لهم الانتخاب في 15 دائرة انتخابية من 27 دائرة أو محافظة، ولم يعلن السيسي بعد عن ترشحه في الانتخابات، إلا أن ثلاثة أرباع نواب البرلمان أعربوا عن دعمهم لترشحه في اليوم الذي أعلن فيه عن موعد الانتخابات".
وتقول الكاتبة إنه "في ظل هذه الأخبار السيئة، فإن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر لا تجد أي اهتمام من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمناخ العالمي، الذي بات يتسامح مع الاضطهاد، الذي يمثل تحديا حتى لأكبر المنافحين عن حقوق الإنسان، فمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، برئاسة زيد رعد الحسين، شجب الإعدامات الأخيرة، إلا أن الحسين قرر عدم ترشيح نفسه لفترة ثانية في المجلس، فقال إن هذا قد يؤدي إلى الركوع خضوعا".
وتشير الطحاوي إلى أنها لا تعول أملا كبيرا على زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس يوم السبت لمصر، وبأنه سيقوم بشجب الإعدامات الرهيبة في مصر، "فبعد هذا كله قدمت الإدارات الأمريكية المتلاحقة كلها دعما كلاميا لحقوق الإنسان، في الوقت الذي أرسلت فيه مليارات الدولارات للدعم العسكري".
وتقول الكاتبة إنه "عندما يتعلق الأمر بالإعدامات فإن الولايات المتحدة ليست في موقع للمحاضرة على الآخرين، فهناك 2832 كانوا ينتظرون الإعدام في نهاية عام 2016، بحسب أرقام منظمة العفو الدولية، وهناك الكثير ينتظرون الإعدام في السجون المصرية، فهل يستطيع المصريون تناسي القاضي سيئ السمعة الذي حكم بعد نظرة سريعة على 680 شخصا بالإعدام بتهم قتل ضابط شرطة؟".
وتخلص الطحاوي إلى القول: "يظل حكم الإعدام ظالما وبربريا، في كل مكان، ومثيرا للاشمئزاز، خاصة في الدول التي يغيب فيها العدل، وعلى مصر ألا تجعل يوم الثلاثاء مقترنا بالإعدام".