هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بينما ينتفض الشارع العربي والإسلامي غضبا؛ إثر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، بنقل السفارة الأمريكية في تل أبيب لمدينة القدس، تجاهلت صحف عربية صادرة صباح الخميس الحدث الأهم في العالم.
صحيفة "الفجر" المصرية الخاصة، المؤيدة لنظام الانقلاب، لم تشر صبيحة يوم القرار الأمريكي إلى أي عنوان رئيسي أو فرعي على صفحتها الرئيسية لأزمة القدس.
ورغم أن القرار كان شبه مؤكدا، وينقصه الإعلان الرسمي عنه، وكان حديث صحافة العالم على مدار أسبوع، إلا أن "الفجر" الأسبوعية اهتمت بأخبار المرشح المحتمل للرئاسة، الفريق أحمد شفيق ونشرت حوارا لرئيس التحرير عادل حمودة معه، بجانب أن الصفحة الأولى حملت أخبارا محلية ورياضية وفنية عن البرلمان واللاعب المصري محمد صلاح والمطربة شيرين.
صحيفة "الأخبار" القاهرية الحكومية، والتي علا غلاف صفحتها الأخيرة رسما كاريكاتوريا يسخر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على صورة قرد، وكتب رسام الكاريكاتير عمرو فهمي ساخرا: "(قرود) بيقول إنهم بعتوا دواعش الرقة إلى مصر في سيناء"، متسائلا: "طيب.. والقدس".
صحيفة الاتحاد الإماراتية اليومية، والتي تجاهل عنوان صفحتها الرئيسية، صباح الخميس، قرار ترامب بنقل سفارة بلاده للقدس الشريف وغضب المسلمين والعرب بعد القرار.
الصحيفة الإماراتية، القريبة من سلطات أبوظبي، اكتفت بعنوان فرعي ببنط صغير وسط الصفحة الرئيسية، قالت فيه: "ترامب يتحدى العالم، ويعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، وببنط أكبر كتبت ("وزاري" عربي طارئ بعد غد، وقمة إسلامية استثنائية 13 ديسمبر).
فيما تصدرت أخبار الأمير محمد بن زايد ولي العهد، والأمير محمد بن راشد أمير دبي، صدر الصفحة الرئيسية.
من جانبه، انتقد الكاتب والمحلل السياسي، خالد الأصور، ذلك الرسم في جريدة الأخبار في هذا التوقيت، وعدم توجه هذه السخرية للرئيس الأمريكي، على غرار كثير من الصحف العالمية والعربية التي انتقدت القرار، وتوجيهها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معتبرا أنه "أرجل" حكام المسلمين.
ووصف الأصور الرسم بأنه "تافه حقير"، وقال عبر صفحته بفيسبوك: "بدلا من السخرية من ترامب راعي البقر الأمريكي، يسخر من أردوغان، (أرجل) حكام المسلمين، ويرسمه على هيئة (قرد)"، مضيفا: "ربنا يسخطك قرد يا عرة الصحفيين".
وعبر تدوينة ثانية، تعجب الأصور من تجاهل قناة العربية للأزمة، وقال: "قناة العربية تواصل خريطة برامجها كالمعتاد دون تغطية خاصة لقضية القدس".
تمرير الجريمة في سلام
وفي تعليقها، قالت الكاتبة الصحفية أسماء شكر إن "ما يمارس في الصحف المصرية والإماراتية لا يجوز أن نطلق عليه صحافة من الأساس، وبالتبعية بلا شك أيضا بقية وسائل الإعلام"، مضيفة أن "الأنظمة السياسية أهانت الصحافة بمثل هذه الممارسات، وأن ما يتم الآن هو أبعد ما يكون أن نطلق عليه صحافة، فما بالك عندما نتساءل أيضا عن المهنية".
شكر أكدت لـ"عربي21" أن "الأقلام الصحفية الآن صارت تكتب ما تريده الأنظمة فقط وما يملى عليها من أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية، بعد أن كانت الصحافة هي الكاشفة وصانعة الوعي لدى الشعوب، صارت تستخدم لتسطيح الشعوب، ولتمكين أنظمة فاسدة".
وقالت الصحفية المصرية إن "ما حدث في تغطية قضية كبيرة وخطيرة، مثل الإعلان الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بهذه الصحف الثلاث كارثة كبيرة، ومع ذلك نجد صحفا تترك هذه المصيبة لتصفية الحسابات السياسية مع أردوغان، وتتعمد إهانته وتشويهه".
وتساءلت: "أليس من باب أولى أن يكون الهجوم والتشويه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي اعترف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل"، مضيفة: "أليس من باب أولى أن تقوم هذه الصحف بدورها المفترض لنشر الوعي بأهمية القدس وتداعيات هذه الخطوة الخطيرة".
وأعلنت شكر أسفها، قائلة: "ولكن للأسف الشديد هذه الجرائد والصحف سبب رئيسي لما تعانيه الأمة، وسبب أساسي أيضا يعتمد عليه الخونة لتمرير مثل هذه الجرائم في سلام".
تهوين القرار
وفي تعليقه، قال الكاتب الصحفي المصري، أحمد عز الدين، إنه "من الناحية الفنية، فإن قرار ترامب بنقل السفارة صدر مساء الأربعاء، وربما لم تتمكن بعض الصحف من تغطيته بسبب الالتزام بتوقيت الطباعة".
عز الدين، في حديثه لـ"عربي21"، اعتبر أن تلك الصحف بتجاهلها للقضية الفلسطينية وأزمة القدس تحاول أن تهون من آثار قرار الرئيس الأمريكي، وأضاف: "بشكل عام، فإن الجهات الإعلامية، التي تساهم في وأد القضية الفلسطينية ومناصرة المستبدين، من الطبيعي أن تتجاهل مثل هذا الخطب، وتهون من آثاره".
وحول نشر صحيفة الأخبار القاهرية رسما ساخرا من أردوغان على هيئة قرد صباح يوم القرار، بدلا من رسم ترامب بهذه الصورة، قال عز الدين: "هذا لو كانت الصحيفة مؤيدة لقضية القدس من الأساس"، موضحا أن "الأخبار نشرت هذا الرسم المسيء لأردوغان عقب انتقاده الأنباء الواردة عن قرار ترامب بنقل السفارة للقدس، وتهديده بقطع العلاقات مع إسرائيل، وقبل صدور القرار الأمريكي رسميا".