هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا أدل على خطورة هذا الاختلاف اللغوي على وحدة المسلمين (الثقافية وغير الثقافية) من وجود منظمتين للتربية والثقافة والعلوم داخل الأمة المحمدية، الواحدة عربية ومقرها في تونس، وأعضاؤها كلهم ناطقون بالعربية، ولغة التعامل بها هي العربية، والأخرى مقرها بالرباط ونصف اعضائها غير ناطقين بالعربية..
الصفة الإسلامية تخرج من دائرتها العرب غير المسلمين، والصفة العربية تخرج من دائرتها المسلمين غير العرب (أي غير الناطقين بالعربية) وهم لا يتفاهمون فيما بينهم في الوقت الحاضر في منظماتهم الخاصة "منظمة التضامن الإسلامي" أو "رابطة العالم الإسلامي" إلا بلغة المحتل..
بناء على أن الأمة عند الله واحدة استنادا إلى النص القرآني الصريح "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".. (الأنبياء 92).. ذلك هو الموضوع المشكل الذي سنحاول معالجته باختصار وتركيز كبير بما لا يتجاوز الحيز المخصص لنا في الموقع..
تتخذ الأطر القومية مواقف مبدئية من قضايا العرب المطروحة بحذر شديد من دون أن تؤدي هذه المواقف إلى تسجيل فارق كبير أو منعطف في مصير تلك القضايا. ولكن رغم ذلك تظل هذه الأطر منابر للتلاقي تجمع مفكرين ومثقفين وناشطين يتبادلون في جلساتهم الخاصة الأفكار..
إن التلخيص الأفضل لمستوى الوعي القومي العربي في هذا الوقت، عبر عنه مؤسس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس بقوله: "الشعب الجزائري مسلم وإلى العروبة ينتسب".
كيف يمكن لدعاة العرق العربي النقي الواحد في المغرب أو المشرق من الذين انطلت عليهم المغالطة (الاستحمارية) الغبية.. أن يثبتوا ذلك النقاء العرقي حتى في الجزيرة العربية، فضلا عن مصر أو لبنان أو السودان أو بلاد المغرب عموما بعد مسلمي الأندلس المهجرين إليها والمنصهرين فيها بالملايين؟
هل القوميون العرب في تونس ديمقراطيون أم انقلابيون؟ وهل سيكون نقد مزيد من القيادات القومية لمسار ما بعد 25 تموز (يوليو) "عودة للوعي"، ومؤشرا عن مراجعات فكرية سياسية عميقة وتطورا في اتجاه "التبرؤ" من المواقف الانقلابية السابقة، أم مجرد "تعديل" تحسبا لتغير موازين القوى وطنيا وفي المنطقة؟
أغرب ما في نهايات المشروع القومي العربي حقائق لا تصدّق: كيف يكون المشروع قوميا عربيا وهو يشتغل بالوكالة عند المشروع الصفوي الفارسي؟ كيف يكون مشروع الخميني القائم على سبّ صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين متقاطعا مع المشروع القومي العربي ومحور المقاومة والممانعة؟
لقد أصبح الباحث جاد يؤكد على ضرورة الانطلاق من الدول الوطنية الحديثة: الدولة السورية، والدولة اللبنانية، والدولة العراقية، والدولة المصرية، بوصفها أمماً حديثة قيد التشكل، وإعادة التفكير في المسألة القومية بوجه عام، وفي مفهوم الأمة العربية بوجه خاص، بدلالة الدولة الأمة أو الدولة الوطنية..
تحالف القوميون مع المشروع الإيراني الفارسي باسم العروبة وتحالفوا مع الغزاة الروس ومرتزقتهم باسم المقاومة متخفّين تحت شعار محاربة الإسلام السياسي الذي قدّموا محاربته على كل أولويات التحرر مع الاستبداد والاستعمار والفساد..
على أهميّة المشترك الفكري بين التيار القومي والإسلامي في تونس، فإن تجاوز جراحات الماضي، في ما يتعلّق بالخصومات التاريخية بين الإخوان المسلمين، بوصفهم المدرسة الفكرية المرجع للحركة الإسلامية التونسية، وبين الرئيس الرّاحل جمال عبد الناصر، يقف على أمرين اثنين..
هل ينج إسلاميو وقوميو تونس في تجاوز خلافاتهم الأيديولجية والفكرية القديمة لصالح تحديات إنجاح الانتقال الديمقراطي وتلبية مطالب التونسيين في التنمية ومعالجة أسباب الفقر؟
أخيراً أعلنت الأحزاب التركية المختلفة قوائم مرشيحها لانتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وسُلطت الأضواء بطبيعة الحال مرة أخرى على العدالة والتنمية أكثر من غيره، وثارت الأسئلة من جديد حول مدى قدرته على العودة إلى الأغلبية البرلمانية..