هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
الأزمة السياسية الحالية تجد جذورها في أكثر من موضع. فهي نتيجة خيارات سابقة ترجع إلى سنة 2011 ويتحمل مسؤوليتها أكثر من طرف يمينا ويسارا
أفق اندثار الأحزاب ونشأة حياة سياسية جديدة لا نملك تخيلها الآن؛ هو الفائدة الأكبر لتونس من فشل تشكيل حكومة تونس بنتائج انتخابات 2019..
لقد دخل حزب النهضة للتفاوض ضعيفا، وأول ضعفه كان أن سلم لخصومه بثورية زعموها، وفاوضهم على أنه ممثل الرجعية الفاشلة في الحكم رغم نتيجته في الصندوق. لقد استبطن هزيمته قبل الجلوس إلى مائدة التفاوض، وكان ذلك مدخلا لتصعيد سقوف المطالب..
هل يعود "العجز" لقدرات السيد الحبيب الجملي أم لطبيعة الساحة التونسية وتعقيداتها، وما يتداخل فيها من مصالح الداخل والخارج، وما يُستدعى فيها من خصومات الماضي والحاضر؟
المعارضة التونسية قد استدمجت الانقلاب أو التحريض على التقاتل بين الأهالي، حتى صار استهداف حركة النهضة جزءا بنيويا في خطاباتها وفي آليات إدارتها لعلاقتها بهذه الحركة. وهو خيار يضمن تحقيق عدة أهداف ليس أقلها تخفيف الضغط على المنظومة القديمة
النظرة "المواطنية" منتجة لكيمياء المحبة والتسامح ومولدة لوقود التدافع والتجدد والتكامل من خلال حركة النقد والنصح والزجر والمعاقبة بروح العدالة التي لا تملك عاطفة ولا انتماء، ولا تنتصر إلا لذاتها بما هي عدالة وبما هي حق وبما هي حقيقة
تقف الأحزاب الأيديولوجية، مثل الأحزاب القومية واليسارية والليبرالية خاصة، في قلب مأزق وجودي بعد الهزائم الكبيرة التي منيت بها، سواء خلال المسار الانتخابي أو على مستوى التمثيل الشعبي
العقل "المرن" داخل النهضة يشتغل منذ مدة على "الواقعية"، وعلى "احترام إرادة الناخب"، وعلى التمييز بين "المسار الثوري" و"المسار الديمقراطي"..
مقراطية هي القارب المشترك الذي يفترض أن يحتاجه الجميع للعبور إلى دولة المؤسسات المدعومة بإرادة شعبية واسعة. لكن بدل حماية هذا القارب من الهزات والعواصف، يسعى البعض إلى تحويل التنافس الديمقراطي إلى ساحة لتصفية الحسابات واللجوء إلى تحقيق الثارات التاريخية
كل البناء على الخبر الكاذب ليس إلا فقرا في القدرة على مواجهة النهضة في تشكيل الحكومة، طبقا لموقعها الذي منحته إياها الانتخابات، مما يعيد لها زخم فعلها ودورها في الالتزام بحقيقة الصندوق
نعم، قيادة الإخوان لم تأمر أعضاءها بأن يلقوا بأنفسهم في النار، لكن أن تضعهم في مواجهات غير محسوبة وتعرضهم لمخاطر غير متوقعة العواقب، هو من شبيه هذا أيضا.
يبدو أنّ "الرباعي" السياسي المدعوّ لتشكيل الحكومة لم يبلغ بعدُ مرحلة من النضج السياسي التي تؤهله لإدارة معركة الحكم المشترك، فما بالك بمعركة محاربة الفساد باعتبارها معركة "وجود" للجمهورية الثانية ذاتها؟
رغم وصول بعض الحركات الإسلامية أو الشخصيات الإسلامية إلى الحكم أو تبوؤ مواقع متقدمة في العمل السياسي، فإنها بدل أن تقدم النموذج الأفضل في إدارة الدولة وخدمة الناس ومعالجة مشاكلهم، فإنها غرقت في الفساد أو فشلت في تقديم الحلول..
إكراهات الزمن والميزانية لا تسمح بالإبطاء في تشكيل الحكومة وإضاعة الوقت
شروط إمكان الفعل الانقلابي لا تزال قائمة، لكنها تستقى فاعليتها وقدرتها على تحقيق النجاعة المأمولة هذه المرة من عجز الفاعلين المحليين عن تحصين الجبهة الداخلية
"البنية العميقة" للوعي السياسي عند بعض شركاء النهضة المحتملين تجعلنا أمام حقائق قد لا تعكسها البنية السطحية للخطابات التفاوضية. وهو ما يضعنا في مأزق سياسي يتجاوز مستوى انتقاد "الأداء السياسي" للحركة؛ إلى مستوى إعادة إنتاج بعض الخطابات الإقصائية والاستئصالية.