هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في قلب العاصمة الكورية سيول، حيث تلتقي التكنولوجيا المتقدمة بروح الانتماء العميق، اكتشفتُ أن سر النهضة الكورية لا يكمن فقط في المؤشرات الاقتصادية أو البنية التحتية المبهرة، بل في العمق الثقافي والسياسات اللغوية الواعية التي جعلت من اللغة الكورية وعاءً للمعرفة ومن الثقافة نمطًا للحياة. خلال مشاركتي في أكبر مؤتمر دولي للعلوم السياسية، لم أكن أمام تجربة سياسية وأكاديمية فحسب، بل أمام نموذج حضاري يستحق التأمل، حيث تحوّلت اللغة والثقافة إلى أدوات استراتيجية في بناء الإنسان وإطلاق مشروع نهضة شاملة، جعلت من كوريا الجنوبية قصة نجاح عالمية بامتياز.
محمد صالح البدراني يكتب: المفكر مثل أي إنسان هو ابن بيئته، يولد ويتلقى من الأسرة والعائلة، ثم المحيط الذي يشكل الجانب الأكبر، فالمدرسة ومعلموها وخروجه إلى الحياة، هذه مخاض التحرر والحياة للخروج من كفن التقليد، وما لم يك له دورا في صناعته أو التمكن من الإحساس بالارتياح له وهو يتلقاه.. عند كلمة التلقي يكون افتراق الطرق بين المفكر وبقية أنواع البشر، فالمفكر يفكك المعلومة ويصنفها وينظر للفائدة منها، إذن هو مسيطر افتراضا على غرائزه وحاجاته لكن هذا ليس إلا بتفاعل القيم والحاجات والغرائز ومدى ثورتها، لكن التفكير وأعمال المنظومة العقلية هي من يمزق الأكفان
في غزة، حيث تختلط رائحة الموت بصمت العالم، تنكشف كل يوم ليس فقط حدود القوة العسكرية، بل هشاشة القيم التي طالما تغنى بها الغرب الحديث، من حقوق الإنسان إلى القانون الدولي. فهذه الرقعة الصغيرة المحاصرة، التي تتعرض لإبادة ممنهجة أمام مرأى البشرية، لا تفضح فقط ازدواجية المعايير السياسية، بل تعيد طرح السؤال الأعمق عن علاقة الفكر بالسلطة: لماذا يُقصى المثقف حين يحتدم الفعل السياسي؟ ولماذا يبدو الصوت النقدي اليوم أكثر تهديدًا من صاروخ؟ إن ما يحدث في غزة ليس مأساة إنسانية فحسب، بل مأساة فكرية، تُعيدنا إلى جوهر السؤال: من يملك الكلمة في زمن الانهيار الأخلاقي؟ من يجرؤ على إنتاج المعنى حين يصبح الصمت الرسمي هو السياسة؟
يقدّم رضوان السيد أطروحة فكرية فريدة تبحث عن توازن صعب بين الإيمان والمدنية، دون أن تسقط في فخ التقديس أو التغريب؛ فهو لا ينظر إلى العلمانية كأداة صراع ثقافي، بل كإطار توافقي لتنظيم التعدد وضمان العيش المشترك، منطلقًا من عمق الفقه السياسي الإسلامي، ومتسلّحًا بتجربة بيروت المجبولة بالتنوع والاحتراق، ليقترح تصورًا عربيًا ناضجًا للدولة المدنية، يتجاوز ثنائيات الصدام بين الدين والعصر، ويصوغ طريقًا ثالثًا يراهن على الشراكة لا الإقصاء، وعلى المواطنة لا الهيمنة.
يصرّ المسيري على أن الإسلام ليس مجرد ممارسات تعبدية أو منظومة لاهوتية، بل هو "نسق حضاري" متكامل يشمل الأخلاق، الاجتماع، السياسة، والرموز الثقافية. من هنا فإن أي علمنة شاملة تحاول طرد الدين من الفضاء العام، أو اختزاله في الضمير الفردي، تُعدّ في رأيه اغترابًا عن جوهر المجتمع العربي الإسلامي.
لقد حفرت موجة "إعادة قراءة التراث" التي بدأت منذ منتصف القرن العشرين مسارات فكرية عميقة، انطلقت من السؤال النقدي حول بنية الفكر العربي، لتصل اليوم إلى سؤال أشدّ تعقيدًا: كيف يمكن لمجتمعات عربية، مؤسسة في بنيتها الرمزية على الدين، أن تتبنى مشروعًا حداثيًا دون أن تنسخ النموذج الغربي؟ كيف يمكنها أن تفكّر في "العلمانية" دون أن تقع في ثنائية التبعية أو العداء؟
استأثرت كتابات مالك بن نبي بعدد هائل من الدراسات والأبحاث، ونظمت حوله ما لا يعد أو يحصى من الندوات والمؤتمرات الفكرية، حتى أحصى أحد الباحثين في دراسة مسحية ما يزيد عن 687 بحثا، و499 بحثا بست لغات ما بين 2000 و2022، ولم يمر مفكر من المفكرين المعاصرين المبرزين دون أن يكون قد أشار إليه، أو افاد من كتاباته، أو انتظم في مشروعه، أو انطلق من مفاهيمه الأساسية في معالجة مشكلات الحضارة، أو اشتبك نقديا مع بعض آرائه ونظرياته.
في مشروع نايف، لا تكون أزمة العقل العربي أزمة مفاهيم مجردة، بل أزمة سلطة مقيمة في بنية الخطاب، في اللغة، في الإعلام، في الدين، بل حتى في الوعي اليومي الذي يتشكل تحت تأثير هذه المنظومات. إن السلطة في نظره لا تحكم فقط بقوة المؤسسات، بل بقوة المعنى الذي تصوغه، وتفرضه، وتحتكره.
بعد أن مررنا مع الجابري في نفق التفكيك النقدي لبنية العقل العربي، نصل الآن إلى ضفة أخرى من المشروع النهضوي، أكثر روحانية وأخلاقية، يمثلها المفكر المغربي طه عبد الرحمن.
ظل سؤال النهضة يشكّل الهاجس المركزي في الفكر العربي منذ صدمة الحداثة، لكن هذا السؤال لم يُطرح دائمًا بشجاعة كافية، إذ بقي في الغالب مؤجَّلًا أو محصورًا بين الاستلاب للنموذج الغربي والانكفاء على تراث مأزوم. غير أن ثلاث تجارب فكرية متميزة برزت كمحاولات جادّة لتحرير هذا السؤال من التبعية، وتجديد أدوات طرحه: الجابري بنقده لبنية العقل العربي، وطه عبد الرحمن بإعادة تأسيس العلاقة بين الحداثة والقيم، ونايف بن نهار بتفكيكه للسلطة الدينية. هذه الورقة تقارب هذه المشاريع الثلاثة من زاوية سؤال النهضة، لا بوصفها خلاصات نهائية، بل باعتبارها اجتهادات متعددة تسعى لإعادة تعريف الذات والآخر، وتفكيك العلاقة المعقدة بين الدين والسياسة، والعقل والتراث، في أفق بناء وعي نقدي ونهضة متحررة من القوالب الجاهزة.
بلغ فريق نهضة بركان المغربي نهائي كأس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم رغم الخسارة أمام مضيفه شباب قسنطينة الجزائري 1-0 مستفيداً من انتصاره ذهاباً 4-0..
تعتبر المشاريع الفكرية التي تروج لشرعية الاستبداد والتسلط من الموضوعات التي تثير الكثير من الجدل في الفكر السياسي المعاصر. في هذا السياق، يبرز السؤال عن كيفية تجدد شرعية الأنظمة الاستبدادية في ظل التحديات الحديثة والمتغيرات الاجتماعية والسياسية..
ينظر قرني إلى أديب إسحاق ككاتب عظيم ينبغي أن يكون في الصدارة الأولى بين كبار عارضي الأفكار والكاتبين بالعربية في تاريخها الحديث. فهذا الشاب السوري الذي ولد لعائلة من الطائفة الكاثوليكية عام 1856، وتوفي في ريعان شبابه وقبل أن يتم الثلاثين من عمره، تألبت على دفن ذكره وإبعاد أفكاره وتأثيره عن دائرة الضوء قوى كثيرة..
إن في الكتاب مواضيع كثيرة يُستفاد منها لبناء منهج كامل للاستنهاض الحضاري المنشود، من حيث التطورات الحضارية الدولية، ومن حيث الفرص المتاحة، ومن حيث الشروط الواجب توفيرها للنهضة، ومن حيث الوقائع والسلوكيات السلبية المعيقة لها على مستوى الأفراد والمجتمعات.
في سياق هذا الجدل حول تاريخية النهضة العربية، جاهد المؤرخ المغربي عبد الله العروي (ولد عام 1933) من أجل استعادة التقليد الليبرالي العربي للنهضة في عمله المؤثر (أزمة المثقفين العرب: تقليدية أم تاريخانية؟)، ونشر لأول مرَّة باللغة الفرنسية عام 1974، ودمج مفهومه التاريخاني الماركسية بالليبرالية، وبتحديد أصول وعي النهضة في منتصف القرن التاسع عشر، رسّخ ترابطا بين الإنتاج الثقافي العربي وتوسع الرأسمال المنظم عبر البحر المتوسط.
لقد قام بإعداد هذا الكتاب الجديد (الفكر العربي بعد العصر الليبرالي)، كل من دجنس هانسن من جامعة تورنتو، وماكس وايس من جامعة برينستن، أوّل مرةٍ، ضمن منشورات جامعة كمبريدج في بداية عام (2017)، خلال الشهر الثاني أو الثالث، وصدرَ بالإنجليزية..