هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عوض حسن إبراهيم يكتب: منذ عام ونصف تضرب قوات الدعم السريع حصارا كاملا على المدينة الصامدة التي أصبحت رقما صعبا في معادلة حرب السودان؛ سقوطها في يد التمرد يعني سيطرته على كامل إقليم دارفور (ما يعادل ثلث مساحة السودان) وامتلاكه لكرت المناورة بالانفصال وتأسيس دولة خطط الغرب لها، لتكون الثانية بعد جنوب السودان في مشروع تفكيك السودان إلى خمس دويلات صغيرة، بلا إرادة، وخاضعة لخطة إعادة الاستعمار بشكله الجديد، وإن لم تنفصل دارفور اتخذ منها الدعم السريع نقطة للهجوم على كردفان، وربما يفكر في العودة إلى أمدرمان في ظل تدفق الإمدادات العسكرية والبشرية من كل حدود السودان
كشفت وكالة "فرانس برس" عن أوضاع إنسانية مأساوية يعيشها المدنيون في مدن سودانية محاصرة، حيث يضطر بعض السكان إلى أكل أوراق الشجر بسبب انعدام الغذاء، فيما تتحدث تقارير عن انتهاكات وحصار شامل تفرضه قوات الدعم السريع على مدن في دارفور وجنوب كردفان.
أدانت المحكمة الجنائية الدولية علي محمد علي عبد الرحمن المعروف باسم "علي كوشايب"، كأول قائد ميليشيا في السودان يُحاكم بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور
وسط أتون الحرب السودانية التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023، يفر آلاف المدنيين من دارفور والخرطوم إلى جنوب السودان، حاملين معهم قصص الفقد والرعب. من قتل أفراد أسرهم إلى خسارة منازلهم وممتلكاتهم، يعيش هؤلاء اللاجئون مخاوف دائمة من استهدافهم سواء من قوات الدعم السريع أو الجيش السوداني.
أعرب المبعوث الأمريكي لشؤون إفريقيا مسعد بولس عن أمله في دخول مساعدات إنسانية "خلال الأيام المقبلة" إلى مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، والتي تحاصرها قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام وتشهد تصاعدا لأعمال العنف.
وسط حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والدواء، تتعرض مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، لهجمات متكررة بطائرات مسيّرة تشنها قوات الدعم السريع، كان آخرها قصف سوق مكتظ بالمدنيين أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، في مشهد يلخص حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في الإقليم منذ اندلاع الحرب السودانية قبل أكثر من عامين.
اقترح وزراء خارجية الدول الأربع، ما وُصف بـ"خارطة طريق" لإنهاء الصراع، كما دعوا إلى: وقف دائم وفوري لإطلاق النار عقب الهدنة وإلى عملية انتقالية مدتها تسعة أشهر لإرساء نظام حُكم يقوده المدنيون.
يشهد السودان منذ أكثر من عامين حرباً مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع خلّفت آلاف الضحايا وملايين النازحين. وقد أصدرت الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر بياناً مشتركاً يدعو لهدنة إنسانية تعقبها مرحلة انتقالية نحو حكم مدني، وسط خلافات حول شرعية المليشيات وحكومة موازية أعلنتها قوات الدعم السريع. وبينما ترى الرباعية أن لا حل عسكرياً للأزمة، يشكك محللون في إمكانية تنفيذ الخطة مع استمرار القتال والحصار في دارفور.
قالت حركة/جيش تحرير السودان في بيان إنّ "انزلاقات أرضية كبيرة ومدمّرة" أدّت إلى "دمار كامل لقرية ترسين - شرق جبل مرة، بالقرب من منطقة سوني، ومصرع كامل سكّانها الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من ألف شخص، لم ينجُ منهم سوى شخص واحد".
تؤكد تقارير الأمم المتحدة أن الوضع الصحي في شمال دارفور يتدهور بسرعة، مع تزايد الإصابات بالكوليرا والحصبة والملاريا، خاصة في مدينة الفاشر ومناطق طويلة وكبكابية. وتخشى المنظمات الإنسانية من أن يؤدي الحصار المستمر وغياب الاستجابة الدولية الفعالة إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد الوفيات.
أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، وهي مجموعة مستقلة معنية بتسجيل الانتهاكات، وقوع "قصف مدفعي ثقيل" من قبل الدعم السريع السبت "استهدف أحياء سكنية داخل المدينة".
تؤكد المنظمات الدولية أن مرض الكوليرا قد يكون مميتاً خلال ساعات إذا لم يُعالج، إلا أنه يمكن تداركه عبر الحقن الوريدي، أو محلول تعويض السوائل بالفم والمضادات الحيوية.
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عن تفشي وباء الكوليرا في مخيم دوقي للاجئين السودانيين من إقليم دارفور، والواقع في شرق تشاد، حيث سُجلت 264 حالة إصابة و12 وفاة حتى الآن.
في ظل هذا الوضع المأساوي، تتزايد التحذيرات من أن تتحول الفاشر إلى "سربرنيتسا جديدة"، وسط تحذيرات منظمات دولية من أن المدينة قد تشهد مجزرة جماعية في أي لحظة، إذا استمر القتال والحصار وغياب التدخل الدولي الجاد.
تُعد الفاشر آخر جبهة قتال كبرى متبقية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي باتت تسيطر فعليا على معظم دارفور بعد سلسلة من الهجمات المنسقة منذ بداية الحرب في نيسان/أبريل 2023، إثر انهيار الشراكة السياسية الهشة بين الطرفين.
أشارت "اليونيسف" إلى أن 9 من أصل 13 منطقة في دارفور تجاوزت بالفعل معدلات الطوارئ التي حددتها منظمة الصحة العالمية لمستويات سوء التغذية الحاد.