من أعظم نتائج جمعة الأرض يوم 15 إبريل الماضي أنها أثبتت أن الشارع الثوري في مصر بجميع تنويعاته تجاوز الكثير من الرموز والنخب التي تكلست في الفترة الماضية، وتمترست حول مواقف جامدة، واصطنعت بنفسها جدرا شاهقة من الشكوك والاتهامات المتبادلة
فتحت جمعة الأرض باب أمل جديد لدعوات الاصطفاف على القواسم المشتركة، فقضية الأرض التي وحدت الجميع ليست هي القضية الوحيدة المشتركة التي لاخلاف عليها، بل هناك الكثير مثلها الذي يمثل جزءا من الثورة.
حدثان متناقضان مر بهما نظام عبد الفتاح السيسي في يوم واحد، هما الفرح الذي شهده استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والحزن من قرار إيطاليا بطرد بعثة التحقيق المصرية الزائرة لروما، وسحب السفير الإيطالي من القاهرة، على خلفية مقتل الطالب خوليو ريجيني.
لست ممن يحتسبون القوة السياسية بعدد الأنصار، فـ"العدد في الليمون" كما يقولون، ولست ممن ينظرون للحركات والقوى المدنية (بيسارييها أو ليبرالييها أو حتى مستقليها) نظرة استعلائية باعتبارها مجموعة أصفار إذا جمعت لن تساوي إلا صفرا..
أما قاتل الصحفيين عبد الفتاح السيسي فأنا أستغرب بجاحته في تحدي مشاعر الصحفيين، وقبوله لمشاركتهم احتفالهم أو حتى مجرد رعايته له، كمن يقتل القتيل ثم يمشي في جنازته..
مع تزايد اليقين لدى أطراف كثيرة داخل مصر وخارجها بتعثر نظام السيسي رغم كل محاولات تعويمه، فقد تزايد الحديث عن ضرورة البحث عن بديل له، يوفر انتقالا آمنا للسلطة، ويؤمن مصالح تلك الأطراف الداخلية والخارجية، ويمنع حدوث هزات خارج السيطرة..
تمثل زيارة وفد حركة حماس إلى القاهرة واحدة من عجائب السياسة المصرية والعربية، كونها أتت بعد أسبوع واحد من توجيه وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار الاتهام رسميا للحركة بالمشاركة في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات..
أما الدراوي صاحب القميص فهو الصحفي والباحث إبراهيم الدراوي، وأما هشام صاحب النظارة فهو الصحفي والباحث هشام جعفر، وكلاهما حبيسان الآن في سجون مصر( أولهما في سجن ليمان طرة، والثاني في سجن العقرب).
ظلت أحاديث الاصطفاف الثوري في مصر تراوح مكانها سواء لخشية البعض من الإقدام على تأسيس كيان جديد يكرر أخطاء كيانات سابقة، أو لتربض البعض بأي خطوة على طريق هذا الاصطفاف ووصمها بما ينفر الناس منها.
لم تعد معتقلات غوانتانامو وأبو غريب تحتل موضع الصدارة في تعذيب النزلاء بعد أن أقصاها سجن طرة شديد الحراسة (العقرب) عن عرش التعذيب الذي تفنن في طرائقه، صعقا بالكهرباء، أو ضربا بآلات حادة، أو حبسا انفراديا لمدد طويلة، أو إهمالا طبيا وحرمانا من الرعاية الصحية والأدوية.
ليس صحيحا أن الحشد التاريخي في الجمعية العمومية لأطباء مصر كان مجرد حشد مهني واستجابة لقضية محض مهنية، بل الصحيح أنه تجاوز هذا المظهر المهني إلى جوهر سياسي، ذلك أن هذا الحشد
لم يعد خافيا على أحد أن الثورة المصرية لا تواجه مجرد قوى محلية ناصبتها العداء منذ لحظات انطلاقها الأولى، ولكنها تواجه قوى إقليمية ودولية وأجهزة مخابرات عالمية تكاتفت جميعها لقتل هذه الثورة التي كانت ستصبح مشعل الحرية والتطور في المنطقة كلها.
فتحت مشروعات المنحة الإماراتية للكنيسة المصرية الحديث مجددا حول أموال الكنيسة وغياب رقابة الدولة عليها، كما يحدث مع الأزهر ووزارة الأوقاف، وحتى الجمعيات والنقابات والنوادي..
لم تكن خطيئة رئيس تحرير جريدة الأخبار وفتى العسكر المدلل ياسر رزق وسخريته من إصابة المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع بمرض الفتاق سوى واحدة من سلسلة من الخطايا والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها الأذرع الإعلامية لسلطة الانقلاب في مصر بحق الشعب المصري ورموزه الوطنية والثورية.
رغم تحفظي على التقارب التركي الإسرائيلي اتساقا مع موقفي السياسي الرافض لأي تطبيع مع المحتل الإسرائيلي إلا إنني فوجئت بحجم الرعب الذي أصاب نظام عبد الفتاح السيسي بسبب ذاك التقارب، والسبب ليس رفضا للتطبيع..