أنا لا أنفي بروز أبعاد مذهبية لبعض الصراعات واستغلال بعض الشعارات المذهبية لتأجيج الصراع، لكن في المقابل لماذا لا نعيد تحديد طبيعة الصراع بالأبعاد السياسية والجيوسياسية وحتى الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية؟
لقد مضى على بروز ظاهرة الإسلام السياسي حوالي المئة عام، سواء من خلال تجربة الإخوان المسلمين أم التيارات السلفية أم غيرها من الجماعات والحركات الإسلامية المتنوعة..
شارك رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي في مؤتمر اصلاح المجال الديني والذي انعقد في مدينة الحمامات التونسية ما بين 27 و29 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية والمعهد السويدي في الاسكندرية، وإلى جانب الغنوشي حضر الدكتور محمد سليم العوا والأستاذ فهمي هويدي
على ضفاف بحيرة ليمان السويسرية وفي مدينة مونترو الهادئة والجميلة، التقى عدد من الناشطين الإسلاميين (من لبنان والعراق والسعودية واليمن والبحرين) وهم يمثلون اتجاهات مذهبية وفكرية وسياسية متنوعة..
المطلوب اليوم ليس مجرد اقامة انشطة سياسية او تعبوية او اعلامية او شعبية، بل ان يلتقي عدد من قادة ومفكري هذه الامة كي يضعوا خطة عمل ولو لخمسين سنة قادمة.
هذه بعض الأسئلة والملاحظات أطرحها في سبيل الحوار والنقاش وكي نرى الأمور برؤية مغايرة بدل الاستمرار في حالة الإحباط واليأس وإثارة النعرات المذهبية والعرقية والطائفية..
هل أصبح اللبنانيون واعين اليوم لمصالحهم وذهبوا إلى تسوية سياسية ولو متأخرة، قد تؤدي لإنقاذ البلد من حالة الاهتراء، هذا ما يتمناه اللبنانيون اليوم مع أن الآمال قد تكون ضعيفة.
كل هذه المعطيات تؤكد أن اي رهان عربي او اسلامي على السياسات الدولية الغربية او الشرقية او الاميركية ليس في محله، لان هذه الدول تعمل لتحقيق مصالحها وهي تستفيد منا لذلك وتتخلى عن حلفائها عندما تحين اللحظة المناسبة، وهناك شواهد عديدة من التاريخ ومن الحاضر كلها تؤكد ذلك.
بعد خمس سنوات من الحراك الإسلامي والتجارب المختلفة في ظل ما يجري من تطورات ومتغيرات على الصعد الإقليمية والدولية، أصبحت هناك حاجة ماسة من قبل الحركات الإسلامية للقيام بمراجعة نقدية وشاملة لكل التجارب الإسلامية..
إن استمرار الخلافات بين الدول الإسلامية ولاسيما بين إيران والسعودية ستؤدي إلى المزيد من الدمار والخسائر، ولنا عبرة في حرب الخليج الأولى والثانية وفي الحرب اللبنانية وفي كافة الحروب في المنطقة..