هل يُدرك بوتين أن استمراره في سياسة الاستفزاز والتحدّي لأمريكا ستدفعها إلى إحكام "الفخ" الذي يتّجه إليه، وخصوصا في سوريا، بحيث يفقد القدرة على تجنّب الوقوع فيه؟ وهل تُدرك إيران أن "غرور القوّة أو القدرة ونشوة الانتصار" يخسِّرانها ما بنته خلال عقود؟
أفادت تقارير بحثيّة في واشنطن أن عدد العسكر النظاميّين الروس الذين قتلوا في المعارك لا يتجاوز الـ20، لكن قتلى المقاتلين الروس من غير النظاميّين يقارب عددهم الـ 1600. ويعني ذلك بكل بساطة أن روسيا تُمارس سياستين متناقضتين بسبب رغبتها في تحقيق مكاسب سريعة مُستفيدة من لامبالاة أوباما وسذاجة كيري.
لا شك في أن الرئيس باراك أوباما تلقّى ضربة بإبطال الكونغرس بمجلسيه حق النقض الذي استعمله لتعطيل قانون "جاستا". مؤلمة لأن الأكثرية المعطّلة فاقت الثلثين المطلوبين، ولأنها أيضا ضمّت ممثلي الحزبين الجمهوري والديموقراطي، ولأنها أخيرا المرة الأولى التي يخذله فيها الكونغرس.
شمال سوريا بدءا من حلب حتى إدلب فالحدود مع تركيا هو الذي سيقرّر بنتيجة الحرب الدائرة فيه وعليه إذا كانت الدولة السورية ستُقسّم أو ستبقى واحدة. هذا ما يعتقده "معسكر الممانعة" المؤلّف من نظام الأسد والجمهورية الإسلامية الإيرانية وحليفه الأيديولوجي بل ذراعه العسكري "حزب الله".
هل سيتعب الروس والإيرانيون من الأسد ومتى؟ وهل سيحاولون معا أو منفردين البحث عن بديل منه؟ ليس لديهما جواب على ذلك، لكنهما يعرفان أنهما في مستنقع أو ورطة، وأن الصراع الدائر قد يستمر مدة طويلة، ولا بد أن يكلفّهما الكثير.
لا يزال الرئيس الأمريكي باراك أوباما مقتنعا بسياسة الانفتاح على إيران الإسلامية، بداية من أجل وقف برنامجها النووي المت سارع، ولاحقا من أجل الاتفاق معها على إعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، والتعاون مع كل دولها ضد إرهاب التطرّف الإسلامي.
الزعماء السياسيّون في لبنان لم يقطعوا الأمل في حصول تقارب بين السعوديّة وإيران. دافعهم إلى ذلك اقتناعهم بأن كلا من الاثنتين استقطب نصف اللبنانيّين وتسبّب تاليا بالكثير من أزماتهم وآخرها العجز عن إنهاء الشغور في رئاسة الجمهوريّة..
فقدان الحريري الحظوة عند الحكم الجديد في السعوديّة بـ"شقّيه"، وفقدانها الاهتمام بلبنان لانشغالها بأمور داخليّة مُلحّة وباليمن وسوريا والعراق وبمواجهة إيران بالواسطة فيها، وتخلّيها عن مبدأ حصر الزعامة السنّية في لبنان بالحريري أو أي شخص آخر، أوقع ذلك الحريري في تخبّط وراح يبحث عن حليف إقليمي سنّي قوي
الشرق الأوسط يقترب كثيرا من تدهور عامل وشامل؛ إذ إن المشروعات الأربعة السعودي والإيراني والروسي والأمريكي تسلك طريقها وفقا لحسابات مختلفة، وربما متناقضة مع حسابات الأخرى. وليس هناك اليوم قوة عالمية راغبة في أو قادرة على رؤية الأخطار، التدخل السريع لتأسيس مساحات تسووية.
أدركت روسيا أنها ارتكبت خطأ بتأجيل معركة حلب، كما يؤكّد القريبون جدّا من طهران أنفسهم، وأن خطأها كان فادحا. فهي وثقت بأمريكا، وتجاوبت مع طلبها فرض هدنة عسكريّة بغية الإفساح في المجال أمام تفاهمهما على خطّة مشتركة لمحاربة "داعش" عسكريّا.
بوتين ذكي ومحنّك واستراتيجي له أهدافه ويعمل على تحقيقها. لكنه لا يغامر بأمر أو موقف أو قرار قد يكلّفه كثيرا. علما أن موقفه خسّر بلاده أيضا. لكن هذا أمر لا يهم بوتين كثيرا لأن شعب روسيا مستعد دائما للتضحية من أجل عظمة دولته وخصوصا اذا تعلّق الأمر برئيسها.
على اشتباه السعودية فى اختراق «حزب الله» على نحو ما للجيش اللبنانى، علّق المسؤول الكبير نفسه فى «إدارة» مهمة داخل الإدارة الأمريكية مهمتها مكافحة الإرهاب بغير الوسائل العسكرية، قائلاً: «ما رأيك أنت فى هذا الاختراق أو فى الاشتباه السعودى فى وجوده؟».
التطوّر الأبرز المتوقّع قريبا في سوريا، استنادا إلى متابعين عرب لأوضاعها بعضهم على صلة بأطراف الحرب الدائرة فيها، سيكون استعادة نظام الأسد السيطرة على حلب. والهدف التالي له سيكون استعادة محافظة إدلب والوصول إلى الحدود التركية.
كتب سركيس نعوم: المبدأ الأساسي للخطة العسكرية في سوريا لموسكو وطهران كان ولا يزال استنادا إلى المتابعين الجديّين أنفسهم، عدم تنفيذ ضربة عسكرية ساحقة لكل الذين يقاتلون الأسد..