هذا الذي يشاع حول أن القضية تسير في مسارات معقدة حتى يتم ابتزاز مصر والنيل من مقدراتها المائية، حتى يمكن تمرير اتفاق قادم حول توصيل المياه للكيان الصهيوني
الحكيم البشري دائما يمسك بميزان عدل بروح القاضي، مستلهما خبرات التاريخ ومؤكدا على حقائق أساسية في ما يتعلق بجوهر وظائف الدولة وجوهر حقائق المواطنة، من دون أن يجور أحدهما على أدوار كل منهما ضمن ميزان
الطغيان لا يبقى قويا مدعوما إلا بقدر ما يكون الناس متفرقين، وهو يعرف جيدا من أول درس استوعبه في علم الطغيان أن مصدرا مهما لقوته عليهم هو الشتات الذي يحيون فيه
الظواهر المرتبطة بحكمة المؤسسية ومؤسسات الأمة؛ ليست بعيدة عن جوهر فكرة المواطنة تأسيسا وحماية وتحصينا، بما أدت إلى عدد من النتائج التي رصدها الحكيم بنافذ بصيرته وعميق حكمته
وعي المواطن في حقيقة الأمر خطر على المستبد وأعوانه ونظامه ومنظومته، وكل الصفات السلبية التي تتعلق بالإنسان والمواطن هي محل اعتبار لتلك المنظومة حتى تصطنع المواطنة على عينها، فتقدم شكلا من أشكالها المفضلة وتسميه ضمن رؤيتها الانقلابية
هذه المفردات الشعبوية نالت في حقيقة الأمر من مفهوم المواطنة وأخذت في تقويضه في أساسه؛ حينما يستخدم من قبل نظام طاغية مستبد لا يعرف إلا لغة الفرقة والكراهية، ولا ينظر إلا لتمكين نفسه على كرسيه وحال طغيانه واستبداده
كل ذلك إنما يعبر عن رؤية لهذه السلطة المستبدة ضمن التعامل مع أصول هذا الوطن والتفريط في مقدراته في هذا السياق، ومن الخطير حقا أن ترى كل ذلك في إطار عملية ممنهجة لبيع مقدرات هذا الوطن
ستظل تلك اللحظات النماذجية في أشكالها المختلفة وبآثارها السلبية واختلالاتها الهيكلية تطل علينا من هنا أو هناك، وعلينا في الحقيقة أن نعالج الأمور من جذورها ولا نقف عند عتباتها ولا نعالج فقط ما يتعلق بداخل المنظومة الوطنية داخل الدولة فحسب؛ بل ضرورة استشراف مفهوم جديد للعالمية الإنسانية
هكذا ينظر المجتمع العسكري الفاشي إلى الإنسان المصري والمواطن، وقد لخصت أم ريجيني الموقف ببلاغة شديدة، حينما تؤكد أن أجهزة الأمن قد تقمصت أدوارها واعتبرت ريجيني واحدا من شباب مصر فقتلته بلا هوادة