كلمة الحق لم تترك لنا صديقا! ما أصعب أن تقول كلمة الحق في الأيام العادية، في أيام الراحة والسلام والدعة، أما الجهر بكلمة الحق في أوقات الاحتقان والاستقطاب، في أوقات الاقتتال الأهلي، فهو أشبه بدخول الجحيم برجليك اختيارا..
جاء شهر نيسان/ إبريل 2016 محملا برائحة الخيانة العظمى، خيانة من القصر الرئاسي، بالصوت والصورة، أوضح من الشمس، من عميل إسرائيلي كامل مكتمل يسكن القصر، ويتصرف رئيسا..
يشبه بعض المراقبين حالة مصر الآن تحت حكم أسوأ جيل من أجيال العسكرية المصرية بحالة دولة الخلافة الإسلامية في أوائل القرن العشرين، كانت الدولة العثمانية في أواخر أيامها تحتضر، إنها الرجل المريض، والعالم كله يعلم أنه مرض الموت..
لا بد من إعادة السيادة كاملة للشعب، ولا بد من تحقيق القصاص الكامل من كل السفاحين القتلة، ولا بد من نظام عدالة انتقالية يحقق مصالحة اجتماعية أولا، لكي نتمكن من تحقيق مصالحة سياسية بعد ذلك..
ما يحدث الآن في مصر بسبب وجود رئيس يرتكب الخيانة العظمى يوميا كما يتناول قهوة الصباح ... هو ترتيبات لمحاصرة مصر وتعجيزها عن خوض أي حرب، أو إنجاز أي تنمية..
ثوّار ما بعد الانقلاب ليسوا بالضرورة عملاء عند أجهزة التخابر، وليسوا بالضرورة مرائين يلهثون خلف الشهرة بأي ثمن، وليسوا دائما يقبضون ثمن ما يقولون من أجل نسب المشاهدة أو جذب (لايكات) الإعجاب، ولكنهم جميعا يجمعهم أمر واحد.. أنهم يخدمون استمرار الانقلاب (شعروا أو لم يشعروا)..
إن أساس فكرة الثورة العربية (الربيع العربي) تكمن في أن المشترك بين البشر كبير، ويضمن لهم القدرة على التعايش في وئام، وانتصار الثورة المضادة اليوم لا علاج له سوى بالعودة إلى العقد الاجتماعي الذي نجح به الثوار في الأيام الأولى من الثورة..
من أشد الحيل خبثا في تاريخ الحكم العسكري في مصر والوطن العربي، أنه يجرّم كثيرا من الأفعال المباحة، ثم يحاسب الناس على أساس هذا التجريم الباطل من أساسه..
كنت أنظر للسيد المحترم المدعو "كافور الإخشيدي" نظرة احتقار، ولكن مع مرور الزمن تأكدت أنه رجل محترم جدا، فبعد أن شاهدت الجلف المسمى "مبارك"، ومن بعده المسخ المدعو "سيسي"، ترحمت على نيرون والحجاج وهولاكو وموسوليني، لقد احترمت جميع طغاة العالم حين شاهدت هؤلاء!
لقد انتهى وَهْمُ المؤتمر الاقتصادي، وانتهى وَهْمُ الحاكم العسكري القوي الذي لا يهزم، وانتهى وَهْمُ الخطر الذي يهدد الدولة، وأصبح واضحا لكل ذي عينين أن الخطر الأكبر على دولتنا هو قياداتها الذين جاؤوا بالدبابة، وأنه لا خلاص لهذا الوطن إلا بانفتاح ديمقراطي كامل، به تقام دولة القانون.
أعلنت اليوم السبت السابع والعشرين من فبراير 2016 مجموعة من شباب ثورة يناير من عدة اتجاهات اصطفافا عمليا في وجه الاستبداد، فوقف هؤلاء الشباب رغم اختلاف اتجاهاتهم في مشهد واحد..
كلي يقين بأن شباب ثورة يناير قادر على صياغة مشروع يجمع الناس ... مشروع لا مجموعة شعارات نرددها في التظاهرات دون أن نعرف لها معنى حقيقيا دقيقا قابلا للتطبيق.
ستستمر حكومات أوروبا في دعم الديكتاتوريات الفاشية من أجل مصالحها الاقتصادية، وسنستمر في مقاومة الاستبداد، وسنقتدي بالشعب الإيطالي العظيم الذي لم يقبل أن يحكمه "موسوليني"، وجازاه في النهاية بما يستحق.