علينا أن ننبّه إلى أنّ الاختيارية لا تعني تعددية التشريعات، بل تعني فقط التعامل مع مجموع المواطنين على مقتضى قناعاتهم، لكن بتشريع واحد يعبّر عن مختلف الإرادات والمصالح المتنازعة.
في بلاد الاستعارات الميتة، في البلد التي تتحوّل فيها الإملاءات الدولية إلى مبادرات رئاسية- إذ نصّت المادة 14 من قرار برلمان الاتحاد الأوروبي المؤرخ في 14 سبتمبر 2016 على طلب رسمي من تونس يتعلق بإلغاء أشكال"التمييز" ضد المرأة وتنقيح مجلة الأحوال الشخصية –وأساسا الزواج والمساواة في الإرث- كشرط من شروط
لا يمكن أن ننفي أنّ وجود الأحزاب التجمعية -وقاطرتها الأساسية نداء تونس- كان جزءا من الحراك المجتمعي ومن الاختلالات العميقة واستراتيجيات إعادة التوازن التي عرفتها تونس بعد الثورة..
دون أن ندعي تقديم تعريف علمي مطابق لموضوعه، ومساهمة متواضعة منا في بناء نظام تسمية متحرر ولو جزئيا من نظام التسمية المصنوع والمفروض في الزمن الاستبدادي، سنحاول بداية من هذا المقال اقتراح بعض العناصر التي تصلح لبناء تعريفات قد تساعد على فهم أفضل للواقع التونسي بعد الربيع العربي..
لا شكّ أنّ الكثير من نُخبنا "الحداثية" مثّلت قبل 14 جانفي "الرأس مال البشري" اللازم لإدارة البلاد ولإنتاج"الرموز " و"القيم" والأنظمة السلوكية الجماعية، التي انبنى عليها ما يُمكن تسميته بـ"المشترك العلماني".
منذ وصول نداء تونس إلى مركز السلطة بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2014 ، تقدم هذا الحزب بالعديد من مشاريع القوانين التي أدخلته -وشركاءه- في صراع مع مكونات المعارضة السياسية والمدنية .
تعكس الحرب التي خاضها النظام السابق على الدمية فلّة بمساندة "القوى الديمقراطية" ومنها "النساء الديمقراطيات" مقدار الرعب الذي يسكن "النخب الحداثية" من أي نسق فكري أو سلوكي مختلف جذريا أو حتى جزئيا.
بصرف النظر عن العوامل الحقيقية التي أفضت إلى انشقاقات نداء تونس، فإن اختلال التوازنات الهشة داخل الحقل السياسي التونسي قد ينذر بأزمة كبيرة تتجاوز آثارها المنظومة الحزبية.
قد يكون من باب المجهود الذهني العبثي، محاولة إقامة البرهان على وقوف الإمارات والسعودية أساسا وراء كل الثورات العربية المضادة في تونس ومصر واليمن وليبيا.
لفهم مقدار عبثية الواقع السياسي التونسي، وللوقوف على الرهانات الحقيقية للمنظومة النيو-تجمعية التي تبوّأت مراكز القرار بعد انتخابات 2014، قد يكون من المفيد في خاتمة هذا المقال أن نجيب على السؤال التالي: لماذا يصرّ رئيس الدولة على أن يرتبط مشروع المصالحة باسمه رغم كل تعثراته ورغم سمعته السيئة؟
1-" طفح الكيل، وعلى قطر وقف دعم جماعات مثل حماس والإخوان المسلمين "
عادل الجبير ، وزيرالخارجية السعودى
2- "مدار الصراع ومحوره هو المقابلة بين أشواقنا في أنسنة النظام السياسي العربي وبين رغبة فجة أو مخاتلة في تأبيد وتعميم توحّشه"
يوم 30 ماي 2017، أصدر مكتب الإعلام والاتصال بحركة النهضة بلاغا "حول لقاء وفد من الحركة مع رئيس الجمهورية. وقد تساعدنا قراءة تحليلية لهذا البيان على فهم أعمق للعقل السياسي..
لمّا كانت غابة الفساد أكبر مما يريدوننا أن نرى منها، فإنّ من حقنا أن نتوجّس خيفةً من ألاّ تكون حملة الإيقافات الأخيرة جزءا من سياسات الدولة في محاربة هذا الداء المعرقل للانتقال الديمقراطي وللاستقرار السياسي.
قد يكون من الضروري التذكير مرة أخرى بأنّ إعادة الصراع إلى مداراته الحقيقية، لا يمكن أن تتم إلا عندما تنجح النخب العلمانية والإسلامية في التفكير بمنطق "ما بعد البورقيبية".