عادل بن عبد الله يكتب: أزمة الحركة هي في وجه من وجوهها أزمة "داخلية" ولكنها في بعض وجوهها الأخرى أزمة العقل السياسي "الحداثوي"، وهي في التحليل الأخير "أزمة العقل السياسي التونسي" بمختلف سردياته يمينا ويسارا
عادل بن عبد الله يكتب: لن نجانب الصواب إذا ما سلّمنا بمنطق القائلين بأن "تصحيح المسار" لا يختلف عن التوافقات السابقة في النوع بل في الدرجة: التوافقات السابقة كانت تحتاج إلى أكثر من "شريك" بحكم منطق الديمقراطية التمثيلية" وتعدد الأجسام الوسيطة ومراكز القوى -المسنودة شعبيا- ولكن التوافق الحالي لا يحتاج إلا لشريك واحد وفره "تصحيح المسار" وجعله يستغني عن الأحزاب وباقي الأجسام الوسيطة إما باستهدافها أو بإضعافها وتحييدها
عادل بن عبد الله يكتب: تخصيص حركة النهضة بمطلب النقد الذاتي والمراجعة الجذرية لأسسها النظرية وممارساتها السياسية؛ لا يعبر عن "عقل نقدي" بقدر ما يعكس عقلا براغماتيا أو انتهازيا لا علاقة صميمية له بـ"التنوير" ولا بأي مبدأ من مبادئ الحداثة وما بعد الحداثة
عادل بن عبد الله يكتب: سواء اعتبرنا اليسار ابنا شرعيا أو طبيعيا لبورقيبة، فإننا لن نجانب الصواب إذا ما قلنا إنّ العودة إلى "البورقيبية" بـ"منطق استمرارية الدولة" لم يكن لينجح لولا تقاطع مصالح اليساريين وورثة المنظومة القديمة في عدم بناء سردية جديدة تصاحب "الثورة" وتستدمج الإسلاميين بالضرورة. ولذلك مثّلت البورقيبية مدخلا ملَكيا لتحقيق جملة من الاستراتيجيات
عادل بن عبد الله يكتب: لا تعنينا تدوينة السيد الخضراوي في هذا المقال إلا باعتبارها مدخلا جيدا لطرح سؤال ينتمي إلى دائرة "اللا مفكر فيه" في السجال العمومي التونسي: هل يعكس ترتيب تونس في التقرير السنوي لحرية الصحافة الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود" حرية حقيقية للإعلام خلال مرحلة "الانتقال الديمقراطي" وما بعدها؟
عادل بن عبد الله يكتب: عجز "النخب التونسية" عن بناء سردية مطابقة للحظة مأسسة استحقاقات الثورة، جعل الانتقال الديمقراطي في منطلقاته ومساراته ومآلاته مجرد عملية لإعادة التوازن للمنظومة القديمة ولخطابها الكبير الذي حكم تونس خلال اللحظتين الدستورية والتجمعية، أي جعل "التأسيس" لحظة استعادة الخطاب البورقيبي لمنزلة الخطاب المرجعي الذي تكتسب كل الخطابات المتنازعة شرعيتها بالاقتراب منه وتفقدها بالابتعاد عنه
عادل بن عبد الله يكتب: في أفضل "أمنيات" المعارضة فإن سقوط النظام الحالي لن يكون سقوطا لواقع التخلف والتبعية وفقدان مقومات السيادة ولا تجاوزا جدليا للأساطير المؤسسة للدولة-الأمة ومخيالها السياسي، بل سيكون نوعا من "التنفيس" الذي سيبقي على هيمنة منظومة الاستعمار الداخلي لكن بعد تغيير واجهاتها السياسية، كما فعلت بعد هروب المخلوع وطيلة "عشرية الانتقال الديمقراطي"
عادل بن عبد الله يكتب: لا يخرج موقف "الحداثيين التونسيين" من إيقاف إمام أوغلو عن الخط العام المعادي للإسلاميين داخل البلاد وخارجها. وهو خط يتقاطع موضوعيا -بل يتعامد وظيفيا- مع محور الثورات المضادة ومن ورائها "إسرائيل" ورعاتها في الغرب
عادل بن عبد الله يكتب: سنحاول في هذا المقال أن نفهم أسباب هذه المخاوف المَرضية على "الهوية التونسية" من كل خيار فكري أو سلوكي لا يخالف القانون؛ ولكنه يُشيطَن بصورة ممنهجة لمجرد عدم مطابقته للانحيازات التأكيدية للنخب "الحداثية" من جهة أطروحاتها حول بعض القضايا مثل "الهوية الجماعية" وحول دور الدين في بناء المشترك الوطني، ودور "الإسلاميين" في هندسة الفضاء العام بعيدا عن منطق التنافي والصراع الوجودي بينهم وبين العلمانيين
عادل بن عبد الله يكتب: لماذا تنتصر "الأقليات الأيديولوجية" في تونس لكل الأقليات في الداخل والخارج بصرف النظر عن مشروعها وشرعيتها؟ ولماذا تصرّ تلك "القوى الديمقراطية" دائما على وصم الأغلبية -ومن يمثلها- بالتطرف والإرهاب والرجعية والعمالة وغير ذلك من مفردات "القتل الرمزي" الممهّد أو المبرر للقتل المادي؟
عادل بن عبد الله يكتب: تمركز السلطة وغياب السلطات المضادة في ظل "تصحيح المسار" يجعلان من ذلك الوجدان القضائي مسيجا بوجدان السياسي والأمني، وخاضعا للسلطة التنفيذية التي تجعل الوجدان الصافي للمحكمة خيارا لا يستطيع إلا القليل من القضاة تحمل كلفته
عادل بن عبد الله يكتب: يلاحظ المتابع للشأن التونسي أن مفهوم "الإسلام السياسي" في السجال العمومي يكاد ينحصر في الدلالة على الإسلام السياسي ذي المرجعية الإخوانية. وهو أمر يمكن ردّه إلى أهمية حركة النهضة بعد الثورة وما، أحدثه دخولها إلى الحقل السياسي القانوني من شرخ بنيوي في ذلك الحقل "اللائكي" والمتجانس من جهة "تحييد" المرجعية الدينية، بل رفضها في إدارة الشأن العام
عادل بن عبد الله يكتب: الشعب التونسي في أغلبه الأعم لا يريد ديمقراطية "شكلية" تجعل الناخب في مركز الشرعية دون أن تكون مصالحه وانتظاراته المشروعة هي مركز القرار السياسي. وهو واقع لا يبدو أن أطياف المعارضة تتعامل معه بالجدية اللازمة؛ بحكم ما أسلفنا من "آفات" العقل السياسي التونسي الذي ما زال يتغنى بالكيان الوظيفي باعتباره دولة، وما زال ممثلوه يطرحون خدماتهم على مع منظومة الاستعمار الداخلي باعتبارها سلطة "ما فوق سياسية" يجب استرضاؤها قبل الإرادة العامة أو حتى ضدها
عادل بن عبد الله يكتب: على "الحداثي" أن يطرح على نفسه "إصلاح" عقله قبل المناداة بإصلاح العقل الديني، بل يوجب عليه أن يتواضع للمعرفة ولشركائه في الوطن والتخلي عن تقديم نفسه باعتباره مرجع المعنى الجماعي الصحيح والأوحد في "بلاد النمط المجتمعي التونسي"
عادل بن عبد الله يكتب: نذهب إلى أنّ الصفة الجوهرية التي لا غنى لمنظومة الاستعمار عنها -في علاقتها بالنخب أو بأداتي الهيمنة الثقافية والسياسية- هي "الوظيفية السياقية". فـ"الإسلامي الجيد" هو الذي يمكن لتلك المنظومة توظيفه في سياق معين، وكذلك شأن "الديمقراطي الجيد"، وهو ما يعني أن نظام التسمية المهيمن في "الكيانات الوظيفية" هو نظام لا يأبه بالهويات الأيديولوجية، ولا ينظر إليها إلا من جهة القدرة على استعمالها
عادل بن عبد الله يكتب: رغم أننا لا نستطيع التسوية بين مفهومي "مقاصد الشريعة" و"روح الدين"، فإننا نستطيع أن نعتبر أن "روح الدين" هو مفهوم يرث "المقاصد" من منظور الباطنية المُعلمنة. ومن هذا المنظور يمكن اعتبار الفقه بأحكامه الجزئية وأصوله ومقاصده جزءا من تجلي "روح الدين" في التاريخ