بعد تأهب كبير في الساحة السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية لتقرير "
مراقب الدولة"؛ أكد التقرير فشل تعامل المستويات سابقة الذكر مع ما أعدته
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خلال
حرب 2014، إلا أنه -بحسب مختصين- لن يحدث تغييرا كبيرا في الساحة السياسية الإسرائيلية؛ رغم حالة "الهلع" التي تسبب بها.
فشل إسرائيلي
وكشف "مراقب الدولة" القاضي المتقاعد يوسف شابيرا في تقريره، عن تقديرات خاطئة، ومعلومات استخباراتية غير كافية، وفشل في تقدير خطر
الأنفاق التي حفرتها المقاومة، وقصور في اتخاذ القرارات، وفقدان للبدائل السياسية والعسكرية، وفق ما أورده موقع "i24" الإسرائيلي.
وأكد شابيرا أن "أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المختلفة، وبالأخص الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)؛ فشلت ليس فقط في التنسيق في ما بينها استخباراتيا، وإنما أيضا في تجهيز خرائط لأهداف محتملة وللأنفاق، كما أن الموساد لم يعرض بدائل للتعامل مع خطر الأنفاق".
وأوصي المراقب بأن "تستخلص العبر من تقريره حول الأعطاب التي كشف عنها، بغية الاستعداد بطريقة أفضل لمواجهة التهديدات القائمة المتنامية، والاستعداد للمواجهة العسكرية التي قد تندلع دون سابق إنذار".
وردا على التقرير؛ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو، إن "العبر المهمة والحقيقية من العملية يتم تطبيقها اليوم عمليا، وهي تظهر في تقرير المراقب" بحسب الموقع الإسرائيلي الذي أشار إلى أن تصريح نتنياهو يأتي بعدما هاجم التقرير قبل يوم من نشره، وعبّر عن دعمه لقادة الجيش وأجهزة الأمن "الذين حموا ويحمون إسرائيل، ووجهوا ضربة لحركة
حماس".
لن يحدث تغييرا كبيرا
وقال الباحث في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، إن "هذه هي المرة الأولى التي تعترف بها إسرائيل بوجود فشل استخباري حقيقي؛ منعها من التوصل إلى حقيقة الخطر الذي تمثله أنفاق المقاومة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذا التقرير خطير جدا، رغم أن مراقب الدولة أخفى جزءا منه ولم ينشره بشكل كامل"، مستدركا بأنه "رغم خطورة هذا التقرير، إلا أنه لن يحدث تغييرا كبيرا على المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين".
وأوضح أبو عواد أن "الظروف الموضوعية التي تمر بها إسرائيل حاليا؛ أفقدتها القدرة على التغيير"، لافتا إلى أن "الحرب الأخيرة على غزة؛ كانت هي الحافز الأكبر للتغيير في إسرائيل، ولكنها لم تغير شيئا، وأصبح هناك توجه أكبر نحو اليمين، على حساب الوسط واليسار الإسرائيلي".
وتابع: "إسرائيل تفتقد البدائل في الرموز القيادية الإسرائيلية، كما أن الجمهور الإسرائيلي أصبح مؤطرا في انتخاب حزبه دون النظر لبرامج الأحزاب الأخرى وقوتها، إضافة إلى فقدان اليسار والوسط في إسرائيل القدرة على المنافسة السياسية".
تطور المقاومة
ولفت أبو عواد إلى أن "الهزة الكبرى كانت من نصيب العسكر الإسرائيلي الذي افتقد البدائل والخطط العسكرية، كما افتقدت استخبارات الاحتلال المعلومات الكافية حول الأنفاق وخطط المقاومة في غزة، وهذا ما جعل التقرير مريحا لنتنياهو"، موضحا أن "انزعاج نتنياهو يأتي من تداول هذا التقرير، وعدم الحديث عن إنجازات الحرب" وفق تقديره.
من جانبه؛ رأى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن تقرير مراقب دولة الاحتلال "يظهر جليا تراجع قوة الجيش الإسرائيلي، ويكشف الفراغ القيادي في إسرائيل، وتطور المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة استخباراتيا وميدانيا".
وأوضح لـ"
عربي21" أن المقاومة "ستدرك أن ما راكمته من قوة؛ أثر بشكل ملحوظ في الجانب الإسرائيلي، وهذا دليل على تقدمها"، منبها إلى أن "العديد من قادة الاحتلال السياسيين يحاولون استغلال الإخفاق الحقيقي لنتنياهو المتمسك بالسلطة في صراعاتهم السياسية الداخلية".
وسرعان ما دعا رئيس المعارضة في "الكنيست" الإسرائيلي، زعيم المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ؛ نتنياهو إلى تقديم استقالته، حيث أكد أن التقرير "يثير الهلع والقلق، ويكشف تقصير نتنياهو والمجلس الوزاري المصغر في أداء مهامهم، وإخفاقه في إدراك التهديدات، وتحديد الاستراتيجية، وتجهيز جنود الجيش والسكان" وفق ما نقلته إذاعة "صوت إسرائيل".
وتمكنت المقاومة الفلسطينية من تنفيذ العديد من العمليات من نقطة صفر خلال حرب 2014 عبر استخدام الأنفاق التي أعدتها مسبقا، وهو ما مثل مفاجأة كبيرة للعدو الإسرائيلي، وأربك حساباته، وفق مراقبين.