ملفات وتقارير

هل يُنعش إعفاء خطوط الإنتاج من الرسوم الجمركية الاقتصاد في سوريا؟

أصبح راتب الموظف الحكومي في سوريا قبل سقوط النظام لا يتجاوز 30 دولارا شهريا- عربي21
أشاد صناعيون بقرار حكومة دمشق إعفاء الرسوم الجمركية لخطوط الإنتاج والآلات المستوردة، واعتبروا في تصريحات لـ"عربي21" أن من شأن القرار المساعدة في تدوير عجلة الإنتاج المحلي، بعد دخول سوريا مرحلة جديدة عقب إسقاط نظام الأسد.

ووقع رئيس "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" السورية، قتيبة أحمد بدوي، على قرار إعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من الرسوم الجمركية المعرفة، شريطة تبيان حاجة المعمل لخط الإنتاج أو الآلة المستوردة.

وتحتاج غالبية المصانع في المدن الصناعية في سوريا إلى صيانة وتجديد خطوط الإنتاج، ويصف الصناعي أحمد إسماعيل، الذي يمتلك مصنعا لمواد البناء في المنطقة الصناعية بالشيخ نجار في حلب، القرار بـ"الجيد".

ويؤكد لـ"عربي21" أن نسبة قليلة من معامل المنطقة لا زالت تعمل، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية وفقدانها، إلى جانب تعطل خطوط الإنتاج والآلات.

من جانبه عبر الصناعي غسان شهاب من حلب عن أمله في أن يسهم قرار إعفاء خطوط الإنتاج في إعادة الحياة للمدن الصناعية، وقال لـ"عربي21": "في هذا التوقيت الذي تنتظر فيه سوريا إعادة الإنتاج، يأتي هذا القرار في مكانه، ونشكر الإدارة السورية الجديدة".

الإنتاج السوري في أرقام
وفي العام 2010، بلغ الناتج المحلي الإجمالي السوري حوالي 60 مليار دولار بحلول عام 2010، ارتفاعا من 18 مليار دولار سجلها الاقتصاد في عام 2000، وارتفع في عام 2011 إلى الذروة عند 67.5 مليار دولار.

أما الصادرات، فانخفضت من حوالي 12 مليار دولار في 2010 إلى أقل من مليار دولار سنويا في العام 2023.

وقبل سقوط النظام السابق، انخفض مستوى الدخل، حيث أصبح راتب الموظف الحكومي لا يتجاوز 30 دولارا شهريا.

هل يدعم الإعفاء الجمركي الإنتاج؟
ويؤكد الخبير والباحث الاقتصادي يونس الكريم، أن قرار الإعفاء يتطلب وجود سجل صناعي، والسجل يحتاج وجود الآلات، ومن ثم يدعم الإنتاج شكليا، موضحا أن "القرار لا يشمل الصناعيين السوريين في المهجر، الذين يريدون نقل مصانعهم إلى سوريا".

وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى حالة من عدم الاستقرار في أسعار الرسوم الجمركية، وهذا ما يزيد من مخاوف الصناعيين، من حيث كلفة المواد وتوفر المحروقات، وباعتقادي هذا القرار لن يكفي لإقناع أصحاب المعامل في الخارج بالعودة.

وتابع الكريم بالإشارة إلى استمرار العقوبات الاقتصادية على سوريا، وقال: "كل ذلك يؤخر عودة الصناعيين إلى سوريا"، ومن ثم: "لا يمكن القول؛ إن الوضع الصناعي في سوريا سيعود قريبا إلى ما كان عليه قبل الحرب".

وبحسب الخبير الاقتصادي، "لا يمكن الحديث عن عودة الإنتاج إلا في حال كتابة الدستور الذي يحدد طبيعة الاقتصاد السوري، والقوانين الناظمة للصناعة وحقوق العمال".

الوزارة تجتمع بالصناعيين
ومنذ تعيين وزير الصناعة باسل عبد العزيز في حكومة تصريف الأعمال، والاجتماعات مع الصناعيين لم تتوقف، حيث جال الوزير على المدن الصناعية في حلب وحمص ودمشق واللاذقية، والتقى الصناعيين فيها.

والواضح أن الرؤية الاقتصادية للحكومة الجديدة تركز على النهوض بالإنتاج المحلي، بعد أن تسبب النظام بتوقف الإنتاج المحلي بشكل شبه كامل، نتيجة الضرائب المرتفعة والتسلط الأمني.

وتقر حكومة دمشق بصعوبة مهمتها، خاصة في ظل النقص الكبير في حوامل الطاقة، فضلا عن استنزاف الخزينة من قبل النظام، الأمر الذي يصعب على الدولة مهمة تقديم الدعم الكافي للصناعيين.

سنوات قادمة
الخبير الاقتصادي سمير طويل، قال لـ"عربي21"؛ إن قطاع الصناعة في سوريا يحتاج إلى تصفير الرسوم الجمركية على خطوط الإنتاج والآلات والمواد الأولية.

وأضاف أن على الحكومة الجديدة التركيز على القطاعات الإنتاجية (الصناعية، الزراعية)، ودراسة سبل دعمها، حتى تضمن دوران عجلة الإنتاج، وقال: "لا يمكن الحديث في الوقت الحالي عن عودة قريبة للاقتصاد السوري إلى ما كان عليه قبل الثورة، وهذا يحتاج إلى سنوات من العمل على تطوير البنية التحتية".

رغم ذلك، يبدي الباحث الاقتصادي منذر محمد تفاؤلا بانتعاش الاقتصاد السوري، مفسرا ذلك خلال حديثه لـ"عربي21" بـ"القرارات المبشرة" التي اتخذتها حكومة دمشق، مثل تحرير سعر الصرف، والسماح بتداول النقد الأجنبي.

ويرجح أن تنجح سوريا في الفترة القريبة بجذب الصناعيين السوريين من الخارج، والمستثمرين الأجانب، ويقول: "سوريا بطبيعتها دولة منتجة، وتحظى صادراتها النسيجية والغذائية بسمعة جيدة على المستويين الإقليمي والدولي".