ملفات وتقارير

هل تنهي زيارة يلدريم للعراق الملفات الساخنة بين البلدين؟

يلدريم زار العراق والتقى العبادي والبارزاني السبت والأحد الماضيين- أرشيفية
أثارت زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى بغداد مؤخرا، الكثير من التساؤلات حول أهمية الزيارة وما تحمله من ملفات وما إذا كانت قد حلت جميع التوترات بين البلدين.

وكان رئيس الوزراء التركي قد زار بصحبة وفد حكومي العاصمة العراقية بغداد، السبت الماضي، في زيارة استغرقت يومين، حيث كان يومها الثاني في أربيل عاصمة إقليم كردستان.

ومن أبرز تلك الملفات حسبما كشفت عنها أطراف سياسية عراقية في حديث لـ"عربي21": "تواجد القوات التركية في بعشيقة، وتبني الحكومة العراقية لحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى الحرب على تنظيم الدولة".

وقال النائب ظافر العاني، القيادي في تحالف القوى العراقية (ممثل السنة) إن "الزيارة التركية إلى بغداد، وتبادل الحكومة العراقية الزيارة إلى إسطنبول هي بحد ذاتها تطور إيجابي، خصوصا بعد مرحلة من التصريحات المتشنجة المتبادلة بين قيادات البلدين".

وأكد لـ"عربي21" أن الزيارة لم تنته إلى اتفاقات تفصيلية، لا في ما يتعلق بتنظيم حزب العمال "بي كاكا" ورعاية العراق لهذا التنظيم وهو ما يضر بمصلحة الشعب التركي وأمنه، ولا حلت أيضا مسألة معسكر بعشيقة مع أن تركيا مع وحدة العراق وسيادته.

وأعرب العاني عن اعتقاده بأن تشهد الأيام المقبلة المزيد من الزيارات واللقاءات بين قيادات البلدين واللجان المختصة لحسم هذه الملفات، لافتا إلى أن زيارة تركيا وغيرها من الدول تعبر عن قناعة العالم بأن تنظيم الدولة يلفظ أنفاسه وبأننا نشهد آخر فصول مسرحية الإرهاب في العراق.

السنة يضحون نيابة عن إخوانهم

وعلى صعيد انعكاس الزيارة على المكون السني في العراق ومحافظاته المدمرة، قال العاني إن "جزءا من العنف والإرهاب في العراق أسبابه إقليمية"، وإن "العراق أصبح جاذبا لهذه الصراعات وساحة للحروب بالنيابة".

وأضاف أن "هناك تسوية سياسية واضحة في البيئة الإقليمية بين تركيا وإيران، وتركيا ودمشق وروسيا وحتى التغير القادم في أمريكا، ولدينا قناعة بأن تحسن الأجواء الإقليمية سينعكس على الوضع في العراق".  
 
وأردف بأن "جزءا مهما من الثمن والتضحية اللذين دفعهما أبناء المحافظات السنية كان سببهما التصفيات الإقليمية مابين إيران وتركيا، وإيران والعرب، ونحن ندفع الثمن بالنيابة عن إخواننا، فكلما تحسنت العلاقات كان ذلك أفضل لنا".

ارتباط الأمن بين تركيا والعراق 

من جهته، قال حبيب الطريفي النائب عن التحالف الوطني (الممثل للشيعة) لـ"عربي21" إن "الزيارات بين البلدين مهمة جدا وذلك بعد التراشق الكلامي بين قيادات البلدين التي لم تكن في المسار المطلوب، والوضع الحساس الذي تعيشه المنطقة".

ولعل أمن كل من تركيا والعراق مرتبط ببعضه البعض، بحسب الطريفي، وإن أي مشكلة في أي بلد تنساب على البلد الآخر، وبالتالي فإن وجود وئام بين هذه الدول واتفاق على الأقل في محاربة الإرهاب من الأمور التي يجب أن تناقش في هذه الزيارة.

ولفت الطريفي إلى أن هذه الزيارة هي خطوة بالاتجاه الصحيح لمد جسور المودة بين البلدين، وبالتأكيد ستشهد الأيام المقبلة تعضدا ميدانيا لهذه العلاقة، لأن الأمن التركي أصبح مهددا من تنظيم الدولة في سوريا والعراق.

بعشيقة و"بي كاكا" أسخن ملفين

وفي ما يخص ملفي الجنود الأتراك في بعشيقة، و انتشار "بي كاكا" في شمال العراق، قال الطريفي إن "هذين الملفين كانا ساخنين في النقاش بين الجانبين، والطرفان لهما الحق، لأن تركيا تريد معالجة الجهة التي تعتبرها إرهابية، والعراق يريد ضمان أمنه وعدم الاعتداء على سيادته".

ولفت إلى أن "الموقف التركي كان إيجابيا بخصوص بعشيقة، حيث إنها أبدت استعدادها لسحب قواتها، لكن يبدو أن هناك شرطا معينا بخصوص حزب العمال الكردستاني". 

وأشار الطريفي إلى أن "الوصول إلى مشتركات بين البلدين أصبح وشيكا لأنه من غير الممكن أن يكون الأمن بين هذين البلدين الجارين قد تعكر نتيجة سوء فهم لبعضهما البعض، وبالتالي فإن هذه الزيارة أذابت الجليد".

هل بددت الزيارة تخوفات تركيا حيال تلعفر؟

وبشأن تخوفات تركيا من حدوث حرب طائفية في قضاء تلعفر إذا دخلت قوات الحشد الشعبي إليه، قال النائب عن التحالف الوطني إن "تلعفر قضاء عراقي والسكان التركمان هم عراقيون، وبالتالي فإن المطالبة بحقوق عراقي ساكن على أراضيه أمر غير منطقي".

وبحسب الطريفي، فإن المطالبة التركية إذا كانت من الجانب الإنساني والحفاظ على الأقليات في العراق، فإنها أمر إيجابي، أما إذا كانت الدعوة بأنه لا يجوز دخولها لأن فيها تركمانا، فإنهم يعدّون عراقيين والأرض المحتلة هي أرض عراقية وتحريرها من مسؤولية الحكومة.

ولم يستبعد النائب العراقي في حديثه لـ"عربي21" أن يكون التحول التركي في سياسته حيال العراق، قد جاء في إطار التغيرات الإقليمية، وذهاب تركيا إلى الجانب الروسي والابتعاد عن أمريكا، لأن تركيا دولة "براغماتية" وتبحث عن مصالحها.

والتقى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يومي السبت والأحد، المسؤولين العراقيين في العاصمة بغداد، والإقليم الكردي شمالي العراق، خاتما جولته، بزيارة مشتركة مع رئيس الإقليم مسعود بارزاني، إلى جبهة "جبل زردك"، حيث تقاتل قوات البيشمركة تنظيم الدولة، في سهل نينوى شمال العراق.

وأوضح البيان الختامي للاجتماع الثالث لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا والعراق، الذي عقد السبت، برئاسة كل من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ونظيره التركي بن علي يلدريم، أن "بعشيقة معسكر عراقي، وموقف بغداد ثابت بحقه". وشدد على "ضرورة بدء الجانب التركي المرحلة المتعلقة بسحب قواته، ووضع نهاية لهذه القضية".