ملفات وتقارير

لماذا تسحب تركيا قواتها من العراق قبل اقتحام تلعفر؟

مئات الجنود الأتراك يتواجدون في معسكر بعشيقة قرب الموصل- أرشيفية
فتح تصريح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن قرب سحب تركيا لقواتها من معسكر بعشيقة قرب الموصل، باب التساؤل واسعا عن المستجدات التي استدعت أنقرة لاتخاذ هذا القرار، في وقت يحاصر فيه الحشد الشعبي قضاء تلعفر استعدادا لاقتحامها.

وكان العبادي قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء الماضي، بعد برقية تعزية أرسلتها لأنقرة على اثر التفجير الأخير، وعدوا لأول مرة بسحب قواتهم من بعشيقة في إطار تحسين العلاقات بين البلدين ونحن نرحب بذلك.

وفي بيان لمكتب رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، من أعرب سفير أنقرة في بغداد فاروق قايماقجي عن احترام تركيا لسيادة العراق وسلامة أراضيه وعدم تدخل في شؤونه الداخلية، معلنا قرب سحب قوات بلاده المتواجدة داخل الأراضي العراقية.

ولمعرفة أسباب القرار التركي وتوقيت إعلانه، تواصلت "عربي21" مع عدد من المختصين في الشأن التركي، حيث توقع بعضهم أن يكون الاجتماع الثلاثي بين روسيا وتركيا وإيران، قد ذهب إلى أبعد من حلب في مباحثاته.

وقال المحلل السياسي التركي عبد الوهاب إكنجي، إن "سياسة تركيا الإستراتيجية هو الحفاظ على وحدة سوريا والعراق، وهذا السبب الرئيس الذي تسبب بمشاكل بين تركيا وأمريكا وبعض دول أوروبا، لذلك فإن كان هناك انسحاب للقوات، فقد يكون حصل اتفاق بين تركيا وحكومة العبادي بشأن بقاء تلك المناطق آمنة".

وأضاف في حديث لـ"عربي21": "إذا لم يكن هناك اتفاق فإن تركيا لن تتخلى عن إستراتيجيتها وأمنها، وما تقوم به هو من أجل الحفاظ على الأمن وليس لسبب آخر فردي التي يتهمها البعض بأنها تريد التدخل في شؤون الدول المجاورة".

وعن تصريحات أردوغان السابقة بأن وجود قواته في بعشيقة يحول دون وقوع مجازر قد ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي في تلعفر والموصل، أعرب إكنجي، عن اعتقاده بأن يكون الاجتماع الثلاثي بين تركيا وروسيا وإيران قد بحث ذلك.

وقال إن "من المؤكد أن يكون خطر المليشيات العراقية على تلك المناطق من ضمن النقاط التي طرحت على طاولة النقاشات"، مخمنا أن "تكون تركيا قد أخذت وعدا من بقية الأطراف من أجل الحفاظ على أهل السنة في العراق".

ولفت إكنجي إلى أن الحشد الشعبي وما ارتكبه من مجازر سابقة في الفلوجة وغيرها، لا يمكن أن تقوم بها جهة ما أو مجموعة أو تنظيم ما لم بكن مسنودا من بعض الدول سواء كانت إيران أو روسيا أو غيرهم.

وهذا يشير، بحسب المحلل السياسي التركي، إلى حصول اتفاق بين روسيا وإيران وتركيا على عدم تكرار هذا المجازر في الموصل وتلعفر، وإلا فإنه ليس من المعقول أن تسحب تركيا قواتها المدنيين والأطفال إلى منظمات إرهابية بأي شكل من الأشكال.

وكان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف قال، الثلاثاء الماضي، إن كلا من روسيا وإيران وتركيا توافقوا على بيان مشترك "إعلان موسكو،" لإحياء العملية السياسية ووقف الأزمة السورية.

وتحاصر مليشيات الحشد الشعبي تحاصر مدينة تلعفر غربي الموصل، وفيما أعلن بعض قادتها أنهم ينتظرون الأوامر لاقتحامها، فقد أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في وقت سابق أن الحشد لن يشارك في اقتحام المدينة.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد حذر في وقت سابق مليشيات الحشد الشعبي، من مغبة ترهيب التركمان من خلال هجومها على مدينة تلعفر التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
   
وقال أردوغان إن مدينة تلعفر ذات الغالبية التركمانية قضية حساسة بالنسبة لتركيا، وأكد أن بلاده تعتزم تعزيز قواتها المنتشرة في بلدة سيلوبي على الحدود مع العراق، لافتا إلى أنه "سيكون هناك رد مختلف إذا أشاعت الفصائل المسلحة الشيعية الخوف في مدينة تلعفر".

ومنذ بدء الهجوم على الموصل، أكدت تركيا معارضتها لمشاركة أي ميليشيات شيعية في العمليات العسكرية، محذرة من خطر اندلاع حرب طائفية.

وواجهت هذه الميليشيات في السابق اتهامات بارتكاب فظائع عندما دخلت مدنا عراقية تسكنها مجموعات سنية، غير أنها أكدت أنها لا تنوي الدخول إلى الموصل ذات الغالبية السنية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في تصريح سابق إن "تقدم الحشد الشعبي نحو مدينة تلعفر في شمال العراق قد يشكل تهديدا لتركيا والمجموعات التركمانية في العراق، ما سيجبر تركيا على اتخاذ التدابير المناسبة".

ويتمركز مئات من الجنود الأتراك في قاعدة بعشيقة في منطقة الموصل رغم معارضة بغداد التي تعتبرهم "قوة احتلال".