يبدو أن العلاقات الخليجية
المصرية بدأت تأخذ منحى أشد تصعيدا بعد اتهام مصر دولة قطر بالضلوع في تفجير الكنيسة الأخير، الذي أعلن تنظيم الدولة أنه يقف وراءه.
وأدان
مجلس التعاون الخليجي الزج باسم قطر في قضية التفجير، وعبر عن انزعاج الدول الأعضاء من التصريحات المصرية التي اتهمت دولة عضوا في المجلس بالضلوع في التفجير.
وعلى عكس المرات السابقة في العلاقات المصرية القطرية، والعلاقات المصرية
السعودية التي كانت تأخذ منحى فرديا، فقد جاء بيان المجلس ليدلل على انزعاج مشترك هذه المرة.
وكانت السعودية خفضت من دعمها لمصر بعد خلافات على صعيد السياسة الخارجية، أما العلاقة مع قطر فهي متوترة منذ اليوم الأول للانقلاب على أول رئيس مدني منتخب، محمد مرسي، حيث اتهمت السلطات قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين، رغم استقبال
السيسي لأمير قطر شخصيا في زيارته لشرم الشيخ المصرية.
وتتهم السلطات المصرية مرسي بالتخابر مع دولة قطر، في قضية قرر القضاء إعادة المحاكمة فيها.
الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، أبدى انزعاجا من الزج باسم قطر في جريمة تفجير الكاتدرائية في القاهرة، مؤكدا موقف دول مجلس التعاون جميعها من الإرهاب، "وقد أدانت جريمة تفجير الكاتدرائية المرقسية في القاهرة بتاريخ، مؤكدة تضامنها ووقوفها مع الشقيقة مصر في جهودها لمكافحة التنظيمات الإرهابية"، بحسب ما جاء في البيان.
وتابع: "الزج باسم دولة قطر في تفاصيل هذه الجريمة البشعة، أمر مرفوض، وإن التسرع في إطلاق التصريحات دون التأكد منها، يؤثر على صفاء العلاقات المتينة بين مجلس التعاون وجمهورية مصر العربية".
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، قال لـ"
عربي21" إن التباين بين مصر وبعض دول الخليج كالسعودية وقطر كبير جدا وواضح.
ولفت إلى أن بيان مجلس التعاون الخليجي لا يعني بالضرورة إجماعا خليجيا على إدانة التصرفات المصرية، التي لا تراها السعودية متوافقة مع سياساتها الخارجية.
وأشار إلى أن صدور البيان عن دول الخليج مجتمعة، قد يكون نوعا من المجاملة السياسية لكون البيان لن يكون له أي تأثير أو إجراءات على الأرض.
وأشار إلى أن مصر لا تتصرف بناء على المصالح الخليجية، كما في الملف اليمني والسوري، والخليج أيضا لا يتصرف بناء على المصالح المصرية كما في ملف أثيوبيا وليبيا.
والاثنين الماضي اتهمت وزارة الداخلية المصرية قادة الإخوان المسلمين في قطر بتدريب وتمويل منفذي الاعتداء، الذي أوقع 25 قتيلا في الكنيسة البطرسية.
وكانت الوزارة ذكرت أن المشتبه به مهاب مصطفى قاسم زار قطر في 2015، وأن قادة في الإخوان المسلمين هناك، قدموا له دعما لوجستيا وماليا لشن هجمات إرهابية في مصر.
لكن قطر رفضت هذه الاتهامات معتبرة إياها "ادعاءات" عارية عن الصحة.
الباحث والأكاديمي القطري، جاسم سلطان، قال إن التوترات في المنطقة واضحة جدا، وإن الزج باسم قطر في القضية لا يخدم أحدا على مستوى القادة والشعوب على حد سواء.
ولفت في حديث لـ"
عربي21" إلى أن بيان مجلس التعاون الخليجي، يعكس رأيا عاما يرى أن مصر لم تعد في الخندق نفسه مع دول الخليح العربي.
وقال إن كل قطري في بلاده يأمل بأن ينتهي التوتر والأزمة مع مصر، وإن على القادة الجلوس معا للاتفاق على المصالح العربية في ظل ما يجري في المنطقة.
الإعلامي والمحامي المصري، خالد أبو بكر، طالب بلاده بالرد على بيان مجلس التعاون الخليجي، وتساءل في تغريدة له على موقع "تويتر": "ألم ينزعج (أمين عام مجلس التعاون الخليجي) من التدخل السافر من هذه الدويلة في شؤوننا؟ سنوات ومجلس التعاون يري أموالا وأجهزة استخبارات قطرية تتآمر على مصر، سنوات وقنوات فضائيه تتجرأ علينا ماذا فعل لنا العربي أمين مجلس التعاون؟".
وتابع: "أدعو الخارجية المصرية للرد بقوة على تصريحات أو بيان أمين عام مجلس التعاون الخليجي".
النائب الكويتي السابق، مبارك الدويلة، قال متحدثا لـ"
عربي21" إن البيان الأخير دليل واضح على أن دول الخليج ترى أن مصر بدأت تنتهج سياسة متباعدة عن الخط السياسي لها، وبدأت بدعم خصومها "وهي إغاظة متعمدة لدول الخليج".
وأشار إلى أن أحد أسباب الإجماع الخليجي الأخير، هو ما رآه الخليج من إساءات للرموز الخليجية وأبرزها العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في الإعلام المصري.
ونفى الدويلة أن تكون دول الخليج بدورها تنتهج نهجا يخالف السياسيات الخارجية المصرية في ليبيا على سبيل المثال، مشيرا إلى أن الإمارات تدعم هناك خليفة حفتر الذي يتساوق مع السياسية المصرية هناك.
وختم بأنه حتى لو انزعجت مصر من سياسات الخليج في بعض المناطق، فإن ذلك لا يبرر إهانات الإعلام المصري لدول الخليج ورموزها.