أكدت مدعي عام المحكمة
الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أنها تقدمت بطلب لاستصدار أوامر جديدة باعتقال من وصفتهم بـ"مرتكبي جرائم الحرب في
ليبيا" في أقرب وقت ممكن، وأن "تنفيذ الأحكام في الوقت المناسب على المستصدر بحقهم مذكرات اعتقال جديدة سيكون حاسمًا". جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد الخميس الماضي في لاهاي.
وجددت بنسودا طلب المحكمة من السلطات الليبية بشأن تسليمها سيف الإسلام القذافي، المطلوب من قبلها منذ عام 2011، والمعتقل في إحدى سجون مدينة الزنتان غرب البلاد، مؤكدة أنها ستضع ليبيا "أولوية" العام المقبل، وذلك "بسبب حالة العنف وانعدام القانون وغياب المحاسبة من العقاب المنتشرة حاليا"، بحسب كلامها.
من جهتها، رحبت منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا"، غير الحكومية، ببيان المحكمة الدولية، موضحة أن "ما صدر عن المدعي العام يمثّل أملا متجددا لإمكانية العمل على وضع حدّ للحصانة المطلقة التي ينعم بها مرتكبو الفظائع الماضية والحالية التي تقترف في ليبيا"، مشددة على "ضرورة دعم مكتب المدعي العام من قبل المجتمع الدولي ومن الدولة الليبية، لكي يتمكن من أداء مهامه بفعالية"، بحسب بيان للمنظمة.
وبحسب مراقبين، فإن قرارات المحكمة الجنائية تظل حبرًا على ورق، وتكون فقط بمثابة أوراق مساومة وضغط على أطراف النزاع، متهمين المحكمة بالتحيز لبعض الأطراف وبأنها تكيل بمكيالين، لأن قرارها تجنب الحديث عن خليفة
حفتر وجرائمه في الشرق الليبي.
قرار ذو شقين
وقال المحلل السياسي الليبي، أحمد الروياتي، إن "تصريحات مدعي المحكمة الدولية يجب أن يفهم من شقين: الأول سياسي، كون المحكمة ذات أبعاد وصناعة سياسية في الأصل، والتهديد بإصدار مذكرات اعتقال جديدة هدفه تهديد الأطراف المعرقلة للمشهد التوافقي، وخاصة حفتر الذي ربما لم تذكره بالاسم، لكنها أشارت إليه بخصوص مرتكبي جرائم الحرب، وكذلك شخصيات من الجهات المقابلة لحفتر".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الشق الثاني قانوني؛ فخروج أي مذكرة اعتقال هو أمر خطير في مسيرة هذا الشخص الذي يصبح ملاحقا قانونيًا ومن قبل شرطة الإنتربول الدولي، وهذا يقودنا لقضية سيف القذافي الذي يعد تكرار المطالبة بتسليمه تكرارا لأقصى ما لدى هذه المحكمة من سلطة في هذا الأمر، وسيظل طلبا مرتبطا تنفيذه بموافقة السلطات الليبية".
حفتر "مجرم حرب"
العقيد في رئاسة الأركان الليبية بطرابلس، عادل عبد الكافي، رأى من جانبه أن "الجنائية الدولية تعتبر كل من يقوم بتوجيه ضربات عسكرية ضد المدنيين باستخدام أسلحة وقذائف عشوائية مخالفا للقوانين الدولية بموجب المادة الخامسة والثالثة من اتفاقية جنيف التي تتعلق بالنزاعات المسلحة، وكل هذه الجرائم قام بها حفتر وقواته مجتمعة".
وأوضح خلال تصريحاته لـ"
عربي21" أنه "تم توثيق جرائم حفتر، وتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية، ولهذا فإن حفتر وقياداته، ومن قبلهم سيف القذافي وقيادات القذافي هم أيضًا تحت محاكمات الجنائية الدولية لما فعلوه من جرائم حرب إبان ثورة 17 فبراير".
معيار دولي
من جهته، رأى عضو المؤتمر الوطني العام السابق؛ فوزي العقاب أن "محكمة الجنايات الدولية جادة في قراراتها، لكن لا توجد آليات للتنفيذ حتى الآن إلا الإنتربول الذي لا يستطيع تخطي سيادات الدول إلا بتعاون الدولة نفسها ويلزمها إن كانت موقعة على ميثاق المحكمة، وليبيا غير موقعة، وتظل الشخصيات المدانة هي التي تقرر تعاون الدولة".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "بخصوص موقف ليبيا فسيكون على حسب الشخصية، فإن كان نافذًا في السلطة أو يمتلك قوة عسكرية أو له نفوذ سياسي قوي، فأعتقد بأن الدولة الليبية لن تستطيع التعاون وربما سترفض حتى تسليمه".
وقال الكاتب الصحفي الليبي، عبد الله الكبير، إنه "لا بد أن يصدر هذا القرار وبشكل عاجل، فلا بد من رادع بحجم مذكرات إيقاف وجلب من الجنائية الدولية".
وأوضح لـ"
عربي21" أنه "بخصوص خليفة حفتر، فبالطبع سوف يشمله القرار، لأن تقارير حقوقية دولية رصدت ارتكاب قواته لعدة جرائم ترقى لأن تكون جرائم حرب، ومن ثم سيكون لهذا الإجراء فاعلية وتأثير على المشهد السياسي والعسكري إذ إنه سيحطم الكثير من المستقبل السياسي للمجرمين".