وسط كم الأزمات التي يعيشها
المصريون؛ بدت أزمة نقص حاد في السلع التموينية، واختفاء السكر من الأسواق، ليرتفع سعره عقب ذلك إلى 10 جنيهات، بينما يدور حديث بين النشطاء عن اختفاء مئات الأطنان من المخزون الاستراتيجي للبلاد.
وبحسب مراقبين؛ فإن عجز حكومات الانقلاب المتتالية عن حل أزمات البلاد الاقتصادية؛ أشعل أسعار السلع جميعها، وبينما حذرت الغرفة التجارية من نقص حاد في السلع التموينية، واختفاء السكر والأرز؛ فقد توقع صندوق النقد الدولي قفزة جديدة فى الأسعار، وزيادة التضخم لـ18.2 في المئة عام 2017.
أزمة وقود
وطال نقص مخزون السلع وارتفاع أسعارها في الأسواق؛ الوقود "البنزين والسولار وأسطوانات الغاز"، ما دفع الهيئة العامة للبترول إلى زيادة مناقصاتها من الوقود، وهي الأزمة ذاتها التي اتخذت ذريعة للتحريض على الرئيس الشرعي محمد مرسي، ومهدت لانقلاب قادة الجيش عليه في منتصف 2013.
ورصد المحلل الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، ارتفاع وتيرة الأزمات الاقتصادية خلال أسبوع واحد، وأشار في حديث لـ"
عربي21" إلى تجاوز الدولار 14 جنيها لأول مرة في سوق الصرف، ووصول أسعار الذهب إلى مستويات قياسية في تاريخ مصر، حيث تخطى الـ500 جنيه، وارتفاع سعر زجاجة الزيت إلى 12 جنيها، وزيادة سعر طن الحديد أربعة في المئة، وسط توقعات بوصوله إلى سبعة آلاف جنيه، إلى جانب زيادة مرتقبة في أسعار الأدوية.
ثورة جياع
ويقابل تلك الأزمات ترويج وسائل الإعلام الموالية للانقلاب، خبرا مفاده أن الأسعار ستتراجع خلال شهرين؛ مع تنفيذ اتفاق صندوق النقد الدولي بمنح مصر 12 مليار دولار.
وانتشرت دعوات يقودها نشطاء ومعارضون؛ تطالب بثورة للجياع، بعد تفاقم أسعار السلع والخدمات، وفرض ضريبة القيمة المضافة، وحالة الفوضى التي تعيشها الأسواق، بينما حذر أعضاء في البرلمان من ثورة شعبية بسبب موجة الغلاء.
نقص السلع التموينية
من جهته؛ أقر المتحدث باسم النقابة العامة لبقالي التموين، ماجد نادي، بأن "هناك عجزا في السلع التموينية، وخاصة في محافظات الصعيد وبني سويف والمنيا والأقصر وأسوان".
وأضاف في تصريحات صحفية، أن نسبة العجز وصلت الشهر الماضي إلى 80 في المئة للسكر، و50 في المئة للأرز، و15 في المئة للزيت، مشيرا إلى أنه "لم يتم صرف أي مخصصات تموينية هذا الشهر حتى الأربعاء الماضي".
لماذا اختفى السكر؟
وتسبت أزمة نقص السكر في الأسواق، واختفائه من محلات التجزئة والسوبرماركت، بارتباك حكومة الانقلاب التي يرأسها شريف إسماعيل، والتي وجهت في اجتماعها الثلاثاء الماضي إلى استيراد 400 ألف طن من السكر.
ويأتي نقص السكر "السلعة الاستراتيجية في مصر" قبل شهرين من ذكرى مولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي يحتفل فيه المصريون بشراء الحلوى التي تستهلك أطنانا من السكر، ما يشير إلى أن الأزمة إلى تصاعد، وليس إلى انتهاء، بحسب مختصين.
وكان وزير التموين المصري، اللواء محمد علي الشيخ، الذي أمضى شهره الأول في الوزراة بعد إقالة الوزير السابق خالد حنفي على خلفية قضايا فساد متعلقة منظومة القمح، قد اعترف بعجزه حيال الأزمة، عندما صرح أمام أعضاء البرلمان الأربعاء الماضي، بأن "تجارة السكر أكثر ربحا من تجارة المخدرات"، وأن "الموقف أصبح لا يحتمل"، وأن "البلاد لن تتحمل ثورات أخرى" على حد تعبيره.
وعزا خبراء أسباب
اختفاء السكر إلى انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، حيث بلغ 14 جنيها، وهو ما يعني "عدم قدرة الدولة ولا المستوردين على توفير السيولة اللازمة لاستيراد السكر وباقي السلع الاستراتيجية".
وقال رئيس شعبة السكر باتحاد الصناعات، رأفت أبو رزيقة، إن أزمة السكر ترجع إلى تأخر الحكومة في استيراد 800 ألف طن سكر تستوردها سنويا، ما تسبب في نقص المعروض وزيادة الأسعار.
وأضاف أبو رزيقة في تصريحات صحفية: "كان يجب على الحكومة تكوين مخزون استراتيجي من السكر يكفينا لستة أشهر، لكن الحكومة تركت كبار التجار والمستوردين يتحكمون بالسوق".
تفاعل نشطاء "التواصل"
وشغلت أزمة السكر مواقع التواصل الاجتماعي، وتساءل المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام عن اختفاء السكر عبر صفحته في "فيسبوك": "هل هذه الأزمة مقدمة لشيء ما؛ على غرار ما حدث في أزمة حليب الأطفال؟".
وقال الكاتب الصحفي قطب العربي: "هناك كلام ينتشر في مصر حاليا؛ أن الجيش يجمع كميات كبيرة من السكر من الأسواق؛ بهدف صناعة أزمة مثل أزمة الألبان، ثم يتدخل لإنهائها، ما مدى صحة هذا الكلام؟".
وتحدث الناشط أحمد براء عن عجز وزير التموين الجديد تجاه الأزمات المتلاحقة، قائلا: "وزير تموين الجيش؛ بمجرد أن استلم الوزارة من خالد حنفي؛ ظهرت أزمات الزيت والسكر والأرز، ولكن للأسف؛ لو أصبحت الوزارة خرابا في عهده فلا يمكن أن يتركها؛ لأن
السيسي لن يسمح أن يقال إن فرد من الجيش فشل في العمل المدني؟".