سياسة عربية

مصر.. وفاة "أيقونة يناير" بسرطان سجون الانقلاب (فيديو)

مهند-انقلاب
نعى مئات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، الشاب المصري، مهند إيهاب، أحد أيقونات ثورة يناير، الذي توفي في ساعة متأخرة مساء الأحد، بمدينة نيويورك، بعد صراع طويل مع سرطان الدم "اللوكيميا"، الذي أصيب به، داخل سجون الانقلاب، وأخفقت رحلة علاجه بالولايات المتحدة، نتيجة التأخير المتعمد في علاجه داخل السجن، حتى بلغت الإصابة بجسده نسبة 93 بالمئة.

وتقام صلاة الجنازة على مهند في "بروكلين"، الاثنين، حسبما أفاد الشيخ محمد البني على صفحته، راجيا من الثوار بمصر، أن يقيموا صلاة الغائب على روحه، فيما نعاه والده، إيهاب حسن، على حسابه بموقع "فيسبوك"، قائلا: "اصطفى الله ابني مهند إلى جواره الآن".

وتصدر هاشتاغ "مهند مات" قائمة "تويتر" بعد ساعات من وفاته. واتهم المغردون السلطات المصرية بالتسبب في وفاته، قائلين إن روحه قد انتقلت إلي بارئها، وهي تلعن الظالمين، ومن أيدهم، وسكت عنهم، تاركا وراءه حقه ودمه في رقاب الجميع.

وشارك مهند في ثورة 25 يناير عام 2011، وعمره قرابة 15 عاما، وبعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، ألقي القبض عليه بتهمة تصوير المظاهرات، وتعرض في السجن للإصابة بسرطان الدم، وإهمال العلاج.

وقد تباطأت إدارة السجن في إطلاق سراحه أو السماح له بالعلاج، ثم أُطلق سراحه بعد أن تمكن المرض منه، وخاض رحلة علاج صعبة في الولايات المتحدة، إذ تبرع لتجربة علاجات جديدة، بعد ثبات عجز العلاجات القائمة عن التعامل مع حالته، قبل أن يتوفاه الله.
  
وقال الإعلامي زين العابدين توفيق، على صفحته بموقع "فيسبوك": "مهند إيهاب مات.. قابل ربه راضيا مرضيا. شارك في ثورة يناير طفلا، ووقف ضد الانقلاب المدمر لمصر، فدخل السجن طفلا. رفضوا علاجه فخرج مصابا بسرطان الدم بنسبة 93%‏".

وأضاف توفيق: "باع والداه كل ما يملكان لعلاجه في أمريكا لكنه مات اليوم، وعمره 19 عاما. اللهم إنا نحتسبه عندك شهيدا، ونشهد أنه وأبواه أدوا الأمانة، فأجزل لهم العطاء، وأنزل عليهم رحماتك، وعطاءك".

وقال الإعلامي والناشط السياسي، سامي كمال الدين: "مهند مات.. قتله سرطان الألم، بعدما قضى عليه سرطان العسكر في سجونه.. 19 سنة منهم عام في المعتقل خرج منه بسرطان الدم.. سلام يا مهند".

كما نعته الإعلامية آيات عرابي، مطالبة الثوار "الأحرار"، بأداء "صلاة الغائب" على روحه الطاهرة التي ارتقت إلى رحاب الله تشكو ظلم زبانية "السيسي"، على حد وصفها.

وكتبت عرابي، عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، تدوينة مطولة، قالت فيها: "مهند مات.. ابن التسعة عشر عاما مات بعد أن قتله العسكر الذين يقتلون الورود".

وروت عرابي قصة "مهند" فقالت انه اعتقل ثلاث مرات، وأصيب بسرطان الدم بنسبة 90%، مردفة: "أصيب بمرض لا شفاء منه بسبب ما يسمونه بالإهمال الطبي".

وتابعت أنه "قتل متعمد بخطة ممنهجة يتعامل بها العسكر المتحصنون بسلاحهم"، مؤكدة أن "مهند" لم يمت ميتة عادية، وقالت: "نعم هو أجله .. ندرك هذا، ولكنهم قتلوه، قتلوه بالأسر، وبحبس روحه، دونما جريرة، قتلوه عمدا بمنع العلاج عنه، قتلوا "مهند" ليعيش الانقلاب".

وتساءلت: "ألا تستحق الزهور الراحلة, أن نستمر في المقاومة لأجلهم، ألا يستحق حكم هؤلاء العسكر أن نزيله من الوجود، وأن ندفنه في مقالب القمامة؟".

وأختتمت تدوينتها قائلة: "الله يرحمك يا مهند يا ابني.. أنا عندي ابن وبنت في مثل عمرك، أعلم أن مصاب والديه كبير.. اللهم أفرغ عليهما صبرا، واربط على قلبيهما، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم تغمده بواسع رحمتك، وأنزله منزلة الشهداء".

وكان مهند (20 عاما)، قد اعتقل للمرة الأولى، بعد مذبحة الفض الدموي لاعتصام ميدان رابعة العدوية في آب/ أغسطس 2013، لكنه خرج بعد أيام عدة بسبب حداثة سنه.

وفي عام 2014 قبض عليه للمرة الثانية، واتهمته النيابة اتهامات ملفقة بقتل 15 جنديا، وخطف مدرعتين، وظل في سجن الأحداث لمدة 3 أشهر خرج بعدها على ذمة القضية، ليعتقل للمرة الثالثة في كانون الثاني/ يناير 2015، في سجن برج العرب بالإسكندرية، حيث أصيب هناك بمرض سرطان الدم.

وقالت أسرة مهند إن تعنت إدارة السجن في علاجه قد أدى إلى تدهور حالته بشكل كبير، قبل الإفراج عنه في آب/ أغسطس 2015، ليسافر بعدها إلى نيويورك لتلقي العلاج الكيماوي، لكن الأطباء أخبروه بأن الحالة متأخرة، وأن جلسات العلاج لن تؤدي إلى نتيجة.

وظلت رحلة علاج مهند محط اهتمام واسع بصفحات مواقع التواصل، التي أبرزت صموده، ومتابعته للأحداث بمصر.

وتحول حسابه على "فيسبوك"، إلى ما يشبه اليوميات، التي يمر بها في معاناته مع المرض، وكيف يواجهه، وما هي مشاعره؟

إلا أنه توقف عن ذلك قبل قرابة شهر، على إثر تدهور حالته، حتى توفي ليل الأحد، بعد أقل من أسبوع من إتمامه 20 عاما.

وروى الناشط حسين الراوي، على صفحته، أن "مهند" نزل يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 2013، في مظاهرات بالإسكندرية، حيث ألقي القبض عليه، وهو يصور المظاهرات، وكان عمره وقتها 17 سنة، وتم حبسه في إصلاحية الأحداث بكوم الدكة، ثم صدر الحكم بسجنه خمس سنين، ولكن تم تخفيفها في الاستئناف للحبس 3 شهور.

وفي يوم 21 كانون الثاني/ يناير 2015، تم سجنه مرة تانية للسبب نفسه، "تصوير مظاهرات"، حيث تم سجنه بمديرية الأمن، ثم نقلوه إلى سجن برج العرب في شهر آذار/ مارس، وهناك بدأت مشكلته في أيار/ مايو 2015، إذ أصيب في السجن بسرطان الدم، حيث تم علاجه بأدوية خاطئة، وبعد تدهور صحته، وكثرة الشكاوى من أهله وأصدقائه؛ أُخلوا سبيله.

وبعدها سافر إلى أمريكا للعلاج، حيث خاض رحلة طويلة مع العلاج. وفي 14 آب/ أغسطس 2016 نشر صورة كوب وضع فيه شعر رأسه، الذي سقط نتيجة العلاج الكيمياوي، قائلا: "إنه شعري، وذلك ليس اختياري، آمل أن أقصه المرة القادمة.. السرطان مؤلم".

وعلق الراوي بالقول: "النهارده في 3 أكتوبر 2016 مات مهند، وماخدش حاجة، ومافيش ثورة، ومافيش حق رجع، ومافيش دولة، ومافيش كرامة، ومافيش إنسانية، ومافيش شرف، ومافيش مصر.. سلام يا صاحبي.. سلام".

وروت الناشطة، غادة محسن، على صفحتها، أن الشهيد "مهند إيهاب محمد حسن"، إبن الإسكندرية، لم يتمكن من الالتحاق بكلية التجارة بعد تعرضه للإصابة، وأنه وحيد والديه، وأنه شارك والده في ثورة يناير، ونزل إلى ميدان سيدي جابر، ثم شارك في اعتصام "رابعة" لاحقا.

وأشارت إلى أنه أصيب بخرطوش في الرقبة في مجزرة سيدي جابر، ثم ضربة مطواة من بلطجي، في أثناء عملية اعتقاله في مجزرة سموحة، ثم أصيب بسرطان الدم في المعتقل، نتيجة الإهمال الطبي، الذي أدي الي تدهور حالته بسبب بقائه شهرين بعد الإصابة بدون تلقي أي علاج أو توقيع الكشف عليه، وتم نقله إلى المستشفي الأميري (الحكومي)، وتلقي العلاج الكيماوي، وهو مقيد بالكلابشات، وفق وصفها.