تسبب قرار منع آلاف الموظفين، المدنيين والعسكريين، العاملين في قطاع
غزة؛ من تقاضي رواتبهم عبر
المنحة القطرية، بحالة من الغضب الشديد في صفوف هؤلاء الموظفين، حيث أكد العديد منهم لـ
"عربي21"، أن القرار "مجحف"، ويشكل "تجويعا" للفلسطينيين.
وكان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد وجّه في 21 تموز/ يوليو الماضي، بدفع راتب شهر لموظفي قطاع غزة الذين عينتهم الحكومة السابقة التي قادتها
حركة حماس، بمبلغ 113 مليون ريال قطري.
لكن وكيل وزارة المالية بغزة، يوسف الكيالي، ذكر أن جميع الموظفين العسكريين وعددهم 18600 موظف، لم يتقاضوا رواتبهم من خلال المنحة القطرية، موضحا أنه "يجري فحص عدد الموظفين المدنيين الذين حُرموا من دفع رواتبهم"، فيما تحدثت مصادر في وزارة المالية عن أن عددهم نحو 2900 موظف.
وأكد لـ"
عربي21"، أن جميع الموظفين المدنيين الذين تم حرمانهم من المنحة القطرية، وكذلك العسكريين "سيتم صرف راتب كامل لهم بداية الأسبوع القادم".
وأرجع مراقبون
فلسطينيون قرار حجب الراتب عن كل الموظفين العسكريين، وبعض الموظفين المدنيين؛ إلى وصول تقارير أمنية من الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية؛ للجنة التابعة للأمم المتحدة المشرفة على صرف المنحة القطرية، حيث تزعم تلك التقارير -بحسب المراقبين- أن هؤلاء الموظفين يعملون لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
قرار مجحف
وقال الموظف صهيب الكحلوت (35 عاما)، الإمام والخطيب لدى وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، إن قرار منع آلاف الموظفين من تقاضي رواتبهم، هو "قرار مجحف؛ لأنه يفرّق بين الموظفين ويعاقبهم على الانتماء والرأي والتوجه، ويدل على العقلية الإقصائية والتفرد في اتخاذ القرارات"، بحسب تعبيره.
وأكد الكحلوت لـ"
عربي21"، أن هدف القرار هو "
تجويع الشعب الفلسطيني، تمهيدا لمرحلة غسل الأدمغة، وكي الوعي، والتيئيس من المقاومة، والإيحاء بأنها سبب المصائب". وأضاف: "لن نغير أو نبدل أو نبيع مبادئنا وثوابتنا مقابل مبلغ من المال"، وفق تشديده.
روح اليأس
وأوضح الموظف الذي تراكمت عليه الديون، أن الاستمرار في سياسية "قطع
الرواتب"؛ سيؤدي إلى "انفجار كبير في وجه المحاصرين للشعب الفلسطيني، والأيام كفيلة بكشف حقيقة من يحاصر قطاع غزة، والمؤامرة التي يخططون لها"، كما قال.
من جانبه، أكد وسام الرملاوي (41 عاما)، الذي يعمل محاضرا في كلية الشرطة الحكومية، أن من يقف خلف قرار المنع هم "أطراف متعددة؛ بالدرجة الأولى دولة الكيان الصهيوني، وتليها السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية"، معتبرا أن "قطر بانصياعها للتعليمات الإسرائيلية"، مشاركة أيضا في القرار، وفق قوله.
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "قرار المنع يهدف لبث روح اليأس والفرقة بين قطاع الموظفين؛ المدنيين والعسكريين على حد سواء"، مؤكدا في رسالته "لكل الأطراف المحاربة لقطاع غزة، أننا لن نتنحى عن خدمة أبناء شعبنا؛ حتى لو كان على حساب قوت أولادنا وأهلنا، وننتظر البشرى الإلهية لنصرنا على هذا الظلم".
وطالب الرملاوي؛ ما أسماها "لجنة إدارة حكومة غزة، وفي ظل عدم قيام حكومة التوافق برئاسة رأمي الحمد الله بالتزاماتها تجاه الموظفين وأبناء شعبنا، بأن تضع حد للمال السياسي والابتزازات حتى وإن كانت مقدمه على أنها مساعدات". وقال: "نريد أن تضع ثابتا مفاده أن لا للتنازل أو الابتزاز مقابل الراتب".
فيتو دولي
وتعليقا على قرار المنع، قال الكاتب والمحلل السياسي فهمي شراب؛ إن "أي جهد أو دعم عربي أو إقليمي أو دولي؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو محل ترحيب فلسطيني، وذلك لما تعانيه المناطق الفلسطينية وخاصة قطاع غزة من حصار، ومنع الاحتلال الفلسطينيين من بناء اقتصاد قوي وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم".
واعتبر في حديثه لـ"
عربي21"، أن "حرمان الموظفين العسكريين وجزء من الموظفين المدنيين؛ يأتي في إطار تعزيز الانقسام الداخلي، وهو مرفوض".
وشدد شراب على أن على السلطة الفلسطينية "أن تكون طوق نجاة لأهلنا المحاصرين في غزة، وتعمل على رفع الحصار عنهم، وتعزيز الجهود الرامية إلى توحيد الصف لا تمزيقه، وتوحيد الكادر الوظيفي؛ لا تعزيز الانقسام بين صفوف الموظفين الفلسطينيين".
وأضاف الكاتب: "لا أعلم أي هدف نبيل وراء منع هذه المنحة من الوصول لأكبر عدد من الموظفين الفلسطينيين"، مؤكدا أن "دعم هؤلاء الموظفين ودفع رواتبهم؛ هو دعم لمقومات الصمود الفلسطيني الذي يعتبر ركيزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي".
وكشف شراب أن وثيقة جنيف الأخيرة الصادرة في بتاريخ 31 أيار/ مايو 2016، أكدت "موافقة الأمم المتحدة واللجنة الرباعية والاتحاد الأوروبي؛ على توحيد جميع الموظفين ودمجهم ومنحهم رواتبهم"، مؤكدا أنه "لا يوجد فيتو دولي أو اقليمي حول منح الجميع رواتب، ومن بينهم موظفو الحكومة العاشرة الذين عينتهم حركة حماس".