واصل رئيس تحرير صحيفة "البشاير" الإلكترونية، حسن عامر، مسلسل الأوصاف التي يطلقها بحق رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، إذ وصفه في مقاله الأخير بالجريدة، الاثنين، بأنه آخر الأنبياء، وكرر هذا الوصف مرتين، في المقال نفسه، تحت عنوان "ورطوك يا آخر الأنبياء في مذلة صندوق النقد الدولي"، ما أثار غضبا عارما في الأوساط الإعلامية والشعبية بمصر.
وادعى عامر في مقاله أن الوزراء والمسؤولين قد ورطوا السيسي في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى وجود العديد من "الأقزام" حوله، أوصلوه إلى هذه المرحلة.
ويأتي المقال استكمالا لمقال كتبه الصحفي ذاته بالعنوان نفسه: "أهانوك يا آخر الأنبياء"، يوم 5 أيار/ مايو 2016، كرر فيه إطلاق الوصف ذاته، على السيسي، أربع مرات، مضيفا إليه وصفه للسيسي، خمس مرات، بأنه "نبي الحرية"، كما وصفه بما وصف الله تعالى به نفسه من أنه "يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف".
ويُذكر أن الشاعر نزار قباني استخدم تعبير "آخر الأنبياء" في وصف الرئيس
المصري الراحل جمال
عبد الناصر، في قصيدة له بعنوان "قتلناك يا آخر الأنبياء"، افتتحها بقوله: "ليس جديدا علينا اغتيال الصحابة والأولياء".
ووصف غير واحد من أنصار السيسي، إياه، بأنه رسول ونبي، لعل أشهرهم رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، الذي قال في كلمته بحفل وزارة الداخلية لتكريم أسر ضحايا الشرطة والمصابين، في شباط/ فبراير 2014، إن الله بعث المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، واللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، "رسولين" لحماية الدين.
وقال الهلالي: "ابتعث الله رجلين، وكما ابتعث الله موسى وهارون أرسل وابتعث رجلين.. ما كان لأحد من المصريين أن يتخيل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل، وما يعلم جنود ربك إلا هو، خرج السيسي ومحمد إبراهيم، لتحقيق قول الله: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله".
انتقد وزراء السيسي وامتدح حكمته لتبقى حيا
وحقق المقال الجديد لحسن عامر، معدل قراءات مرتفعا، تجاوز الستين ألف قراءة، في قرابة ساعتين من نشره، وعلق عليه المئات من القراء، متهمين الصحفي المغمور بنفاق السيسي، إلى درجة الخروج عن الإسلام، ووصف السيسي بما وصف الله به نبيه محمدا، صلى الله عليه وسلم، من أنه "خاتم النبيين"، وهو أمر معلوم بالضرورة لكل مسلم، بحسب وصفهم.
وعلى الرغم من أن إعلاميين قالوا إن المقال ينتقد بصفة عامة توجه السيسي نحو الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لحل الأزمة الاقتصادية في مصر، ويدعو السيسي إلى الاستعانة بالكفاءات في المناصب الحكومية، والاعتماد على الموارد الذاتية الوطنية، إلا أنهم أخذوا عليه بشدة إطلاق الوصف المذكور على السيسي.
وعللوا ذلك بالقول إن الصحفي يلجأ، في النظام الشمولي البوليسي الحالي بمصر، إلى القاعدة التي تقول: "انتقد وزراء السيسي، لكن امتدح حكمته، كي تُبقي على رقبتك، وتستطيع تمرير كتابتك"، لكنه طبقها بشكل مبالغ فيه، وصادم لأبعد الحدود.
وفي المقال خاطب الصحفي المغمور، السيسي، بقوله: "كما أهانوك في شق صفوف 30 يونيو، ورطوك اليوم في مذلة صندوق النقد الدولي.. الذين أهانوك، وورطوك، هم أنصاف الرجال وأنصاف الموهوبين، الذين تختارهم لمناصب الوزراء والمحافظين ومن في مستواهم".
وأضاف "عامر": "أهانوك يوم شتتوا تحالف 30 يونيو بين سجن واعتقال وإهانة وصدامات في الشارع والنقابات والجامعات والأندية.. لم يبق في التحالف عضو غير مجروح، أو في قلبه غصة".
واتهم الصحفي وزارة الداخلية (في حكم السيسي) بأنها لا تحمي المواطنين بل تقتلهم، كما اتهم "أقزام المجموعة الاقتصادية"، بالتواطؤ "لإذلالك أمام صندوق النقد الدولي".
وقال: "أقزامك جاءوا من الحديقة الخلفية لأجهزة الأمن: فئران وعرس وكائنات موبوءة، والنتيجة ما نراه الآن: فوضي شاملة، وفضائح فاجرة بالعار والمهانة، وأخيرا: التسول من صندوق النقد الدولي".
وخاطب "حسن عامر" السيسي بقوله: "قم يا رجل: ثيابك فطهر، وإلى ربك فارغب. توجه إلى شعبك.. أحن عليه كما وعدت أن تحنو عليه، اطرد الفئران والعرس والكائنات الموبوءة التي جاءت بها الأجهزة الأمنية، عد إلى تحالف 30 يونيو.. اسأل شعبك العظيم: هل تقبلون مذلة صندوق النقد الدولي؟".
واختتم مقاله بالقول: "من يرفض المذلة عليه أن يدفع الثمن"، مستطردا: "ما زال لدينا أمل يا آخر الأنبياء" (!).
مقال سابق للكاتب يؤله السيسي
وفي مقال سابق له، نشره في الخامس من أيار/ مايو الماضي، بالعنوان نفسه: "أهانوك يا آخر الأنبياء"، افتتح "حسن عامر" المقال بالقول: "نعم عبد الفتاح السيسي آخر أنبياء الحرية والكرامة الإنسانية.. هكذا كان وعدا من السماء.. شق الأفق.. وحوم حولنا.. وطلّ علينا بكلماته النورانية.. مصر أم الدنيا .. وهتبقى قد الدنيا".
وتابع حديثه عن السيسي: "أقسم أن يكون فارسا يحمى جموع المصريين من التعسف والبطش والإذلال والقهر والاستعباد بكل أشكاله.. أقسم على ذلك عندما أذن للثورة في 30 يونيو، وجهر برسالته عندما طالب الجماهير بمساندته في معركة 24 يوليو.. وتعهد للجميع بالحرية عندما رشحه المصريون رئيسا.. أقام صلاة الحرية أمام الدستور.. واخترق قلوب الملايين.. يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف".
وأضاف الكاتب المغمور: "وما زال آخر الأنبياء على عهده.. وما زالت جموع المصريين على عهدهم.. ما حدث اليوم إهانة بالغة للسيسي.. أهانوك.. عندما حاصرت الشرطة التي تتولى رئاستها نقابة الصحفيين بكل أسلحة التعسف والقهر والإذلال والبطش.. هل تعرف يا نبي الحرية قاموس ضباط الداخلية ورجالها في قذف المحصنات؟ أهانوك يا نبي الحرية عندما وصف المخبرين صحفيو مصر بالخونة والمستأجرين والعملاء والجواسيس.. شركاؤك في ثورة 30 يونيو، اليوم خونة وعملاء وجواسيس ومستأجرون.. الإهانة منحطة لأبعد الحدود".
وتابع الصحفي مقالته: "أهانوك يا نبي الحرية؛ عندما يتواطأ وزير داخليتك مع قوى الشر لتلويث سمعتك وتمزيق تاريخك وتلطيخ أيامك بالعار.. أهانوك يا نبي الحرية؛ عندما تلتصق صورة واحدة لكل شاشات العالم وكل اللوحات الإلكترونية في العالم اليوم بعبارة "نظام السيسي يقتل الصحافة والصحفيين.. ويطعن الحرية في مقتل".. هل أنت كذلك يا نبي الحرية؟".
وتابع: "أهانوك يا آخر الأنبياء.. سوف تبكي طويلا لأنك سمحت لأكلة السحت بإهانتك على هذا النحو.. انتفض يا رجل، وانفض عنك أكلة السحت المزورين المتواطئين الملفقين، ومصدر كل الخراب في مصر"، على حد قوله.
غضب عارم في الوسط الصحفي
وأثار الوصف الذي أطلقه رئيس تحرير "البشاير" على السيسي، من كونه "آخر الأنبياء"، غضبا عارما في الوسط الصحفي المصري، وفي دوائر المصريين العاديين، بعد أن مرَّر مقاله الأول دون انتباه، أو محاسبة في الوسط الصحفي.
ووصفت مواقع إخبارية المقال بأنه فضيحة إعلامية، و"سابقة لم تشهدها الصحافة الحرة في العالم"، وبأنه يمثل "ثمالة في النفاق"، و"مستفز لمشاعر المصريين، إلى أقصى درجة".
ووصفت الصحفي بأنه "تدنى في بئر النفاق"، مشيرة إلى أن مقالته متدنية المستوى، فقيرة المحتوى، هشة البنيان، وتعتبر وصلة مديح وتمجيد وتقديس في قائد الانقلاب، إذ يصفه بأنه بآخر الأنبياء، متعديا على ثوابت الدين، ومتخطيا حدود الأدب مع نبينا المصطفى آخر الأنبياء، إذ ساوى بينه وبين المجرم السفاح السيسي، وأقدم على إلغاء نبوة سيدنا محمد حين وصف المجرم السيسي بأنه آخر الأنبياء، الأمر الذي عده الكثيرون ردة وتجرأ على الدين الحنيف، ورموزه وثوابته، وفق تلك المواقع.
وغير بعيد،، وصف الصحفي المسيحي، المناهض للانقلاب، رامي جان، "حسن عامر" بأنه "صحفي زبالة"، سائلا متابعيه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الاثنين: "شوفتو (رأيتم) سفالة، وتعريصا أكثر من كده؟".
وعلق شريف حسن على المقال، بالجريدة نفسها (البشاير)، قائلا: "تعريص لا يقدر بثمن.. استمروا يا ولاد.. ورا فرعونكم السفاح المنقلب الخائن المنزه عن الخطأ".
وقال أحمد زاك: "العبيد بيولولوا.. وبينطوا (يقفزون) من السفينة".
وأخيرا، تساءل عبدالحميد رياض: "آخر الأنبياء.. هو التعريص وصل لدرجة ادعاء النبوه.. الجاي إيه يا.. هتقولوا عليه.. إله؟".