حول العالم

عادات تونسية في الاحتفال بعيد الفطر

يستحوذ الأطفال على الاهتمام الأكبر بحصولهم على ملابس جديدة واصطحابهم للتّرفيه ومدن الملاهي.
يمثل عيد الفطر مناسبة سنوية تحيي خلالها العائلات التونسية موروثا دسما من العادات الغذائية المختلفة من جهة إلى أخرى، بالإضافة لعادات أخرى يعود بعضها إلى قرون مضت، مُشكّلة بذلك جزءا من هويّة البلاد الثقافية، المتميّزة بتنوّع روافدها.
 
ويشترك التونسيون، عموما، في أكل المرطبات والحلويات خلال اليوم الأول لعيد الفطر، إلا أن لكل جهة طقوسا خاصة بها في الاحتفال والطبخ.
 
مأكولات متنوّعة خاصّة بكل مُحافظة
 
وتطبخ الحلالم والملوخية في اليوم الأول في تونس العاصمة، وتستهلك مع الحلويّات التّقليدية والمشروبات. وغير بعيد عن العاصمة، يحتفل أهالي مدينة نابل (الشمال الشرقي) بطبخ العصيدة البيضاء، وتكون مصحوبة بمرق اللحم.
 
وفي مُحافظة بنزرت السّاحليّة، تحتفل العائلات بعيد الفطر عبر إعداد أسماك القاروص والوراطة والمرجان (أنواع سمك) غداء لأول أيام العيد.
 
أما في مُحافظة صفاقس (الجنوب التونسي)، فيتناول السكان صباح يوم العيد، وقبل الانطلاق في المعايدة، طبق "الشرمولة" الشهير، الذي يتكون من البصل والزبيب، ويرجعه مؤرخون إلى العهد الروماني، فيما ينسبه آخرون إلى الأتراك، ويتم استهلاكه مع السمك المملح، الذي يكون عادة من الأسماك كبيرة الحجم، مثل المناني والبوري والكرشو والغزال.
 
ويتم غالبا شراء هذه الأسماك طازجة، ويتم تشريحها وتمليحها خلال شهر رمضان، على أن يزال عنها الملح ليلة العيد، لتطبخ في اليوم الموالي مغلاة في الماء.
 
وتنفرد معتمدية بن قردان التابعة لولاية مدنين (الجنوب الشرقي) بإعداد أكلة "عصيدة الفارينه"، وهي مرق بالقرع الأحمر واللحم. وتقوم مناطق أخرى بطهو الملوخية والكسكسي وطبق الفول أيضا.
 
"مهبة العيد" فرحة الأطفال
 
ويشهد الاحتفال بعيد الفطر في تونس أو "العيد الصغير" -كما يُطلق عليه في اللهجة العامّية- احتفاء مخصوصا بالأطفال، حيث يستحوذون على الاهتمام الأكبر، من خلال حصولهم على ملابس جديدة، واصطحابهم للمساحات التّرفيهية ومدن الملاهي.
 
ويقوم الكهول بتقديم هدية العيد للأطفال، التي تُسمّى "المهبة"، وتتمثّل في مبلغ مالي يُقدّم، كل حسب مقدرته، سواء من عند الأب والأم أو الإخوة أو الأخوال والأعمام.
 
وعادة ما يستثمر الأطفال عائدات "المهبة" لشراء الألعاب النّاريّة، التي لا تغيب عن السوق السّوداء مهما تم التّضييق عليها من طرف مصالح الدّولة.
 
حق الملح.. تقدير لمجهودات الزّوجة
 
وإلى جانب الأطفال، تحظى المرأة التونسية بتقدير خاص جزاء جهدها المبذول طيلة شهر رمضان. وتبرز في عديد المناطق التونسية عادة "حق الملح"، وتتمثّل في إهداء الزوج لزوجته صبيحة العيد قطعة ذهبية أو فضية.
 
وتعود تسمية الهدية بحق الملح إلى ما تعيشه الزوجة يوميا طيلة شهر رمضان، بتذوّق الأطعمة دون ابتلاعها، حرصا على جودة المأكولات المطبوخة ولذّتها، تلبية لرغبات أفراد الأسرة.
 
ومع تقهقر المقدرة الشرائية للعائلات التونسية، وارتفاع أسعار الذّهب والفضّة، شهدت هذه العادة تعديلا على مُستوى طبيعة الهدية، ليستبدل به بعض الهدايا البسيطة في قيمتها المادّية، مع المحافظة على رمزيّة تكريم الزوجة، التي تُمضي جزءا هاما من وقتها داخل المطبخ.