تواصل طهران ضغوطها على الولايات المتحدة من أجل التوسط لحل أزمة الثقة التي تقطع الطريق أمام
إيران وتعزلها عن النظام المصرفي الدولي وبث مزيد من الثقة إلى القطاع المصرفي العالمي، خاصة مع تسبب تلك الأزمة في أزمات متوالية أخرى تعوق حدوث تقدم اقتصادي فارق في إيران عقب رفع
العقوبات عنها مطلع العام الجاري.
وبعد أسبوعين من إعلان شركة "إيرباص" الأوروبية عن وجود معوقات تحول دون إتمام صفقة مع طهران لتوريد طائرات مدنية تقدر بمليارات الدولارات، يبدو أن البوصلة الإيرانية اتجهت للتركيز على الجانب الأمريكي بصورة أكبر في هذه الجهة، إذ أعلن وزير إيراني أمس أن بلاده توصلت إلى اتفاق لشراء طائرات من "بوينغ" الأمريكية.
ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية، عن عباس أخوندي وزير الطرق وبناء المدن، قوله إن إيران توصلت إلى اتفاق جديد مع "بوينغ" لشراء طائرات، مشيرا إلى أنه سيتم إعلان تفاصيل الاتفاق خلال الأيام المقبلة.
وتأتي تلك الخطوة متزامنة مع زيادة الإحجام الأوروبي عن التعامل البنكي مع إيران، وذلك وفقاً لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية.
وفي بداية الشهر الجاري، قال جون ليهي، الرئيس التنفيذي للعمليات لقسم العملاء في "إيرباص": "علينا أن نجد السبيل أولا لضمان الحصول على المال من إيران من خلال النظام المصرفي". وصرح ليهي أن القضية المصرفية هي واحدة من أكبر العقبات أمام إتمام صفقة الطائرات مع طهران، وأضاف أنه في حين تم إحراز تقدم فإنه كان أبطأ مما كان متوقعا.
ويعزز كلام ليهي تصريح آخر لمسؤول إيراني بارز في الطيران المدني نهاية الأسبوع الماضي، أكد فيه أن هناك عقبات كبيرة تعترض صفقتي الطائرات مع "بوينغ" و"إيرباص"، حيث أشار فرهاد برورش، رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الإيرانية "إيران إير"، إلى أن الناقلة الوطنية تناقش صفقة تاريخية لشراء طائرات من "بوينغ" قد تماثل طلبية لشراء ما يزيد عن مائة طائرة من إيرباص.. لكن هناك تعقيدات.
وكانت إيران قد أعلنت عزمها عقد صفقة شراء 118 طائرة مدنية من شركة إيرباص الأوروبية بقيمة 27 مليار دولار. وتشمل الصفقة التي لم تكتمل بعد كل أنواع طائرات إيرباص ذات الممر الواحد إلى 12 من "سوبر جامبو A380" الرائدة، والتي يبلغ سعرها أكثر من 432.6 مليون دولار.
وفي تقديرات سابقة، أعلن مسؤولون في صناعة الطيران بإيران والغرب أن طهران التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، بحاجة إلى 400 طائرة أو أكثر في العقد القادم لتجديد أسطولها المتقادم الذي عانى من عدة حوادث تحطم مميتة في السنوات القليلة الماضية. ولا تزال البنوك تحجم عن إبرام صفقات مع إيران بعد أن أحجمت حكومات الولايات المتحدة والدول الأوروبية عن تعزيز المعاملات.
وتتجاوز المشكلة المصرفية صفقة الطائرات، حيث كافحت شركات النفط أيضا لتحصل على دعم البنوك الكبيرة لإتمام الصفقات أو إقراضها لتغطية الديون. وفي بعض الحالات كان عليهم اللجوء إلى مقايضة ترتيبات أو استخدام البنوك الصغيرة. وكشف عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني في مايو (أيار) الماضي عن أن "البنوك الأوروبية الكبرى ترفض التعامل مع البنوك داخل إيران"، وأرجع ذلك إلى "تأثير اللوبيات المعارضة لإيران داخل الولايات المتحدة"، وكذلك "ضعف بنية البنوك الإيرانية فيما يخص الانضباط المالي".
وقال عراقجي إن البنوك الأوروبية الكبرى لم تبدأ بعد تعاملها مع البنوك داخل البلاد، إلا أن بعض البنوك المتوسطة والصغيرة كان لها تعامل وافتتحت اعتمادات مستندية للبنوك الإيرانية.
وبالأمس أبلغ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مؤتمرا صحافيا في النرويج أنه ينبغي على الولايات المتحدة بذل المزيد لتشجيع البنوك على العمل مع إيران بعد رفع العقوبات قائلا: "أعتقد أن الولايات المتحدة رفعت كل العقوبات على الورق".
وأضاف ظريف أنه فيما يتعلق بالبنوك، أعتقد أنه من المهم للجميع أن يدركوا أن الاتفاق سيكون قابلا للاستمرار إذا شعر الجميع بأنهم يحققون مكاسب منه.. تطبيقه ينبغي أن يصب في صالح الجميع أيضا بحيث يشعر كل طرف بأن هناك منافع وبأن هناك مكاسب.
وتسعى الولايات المتحدة وعدة أطراف دولية إلى رفع معدلات الثقة من أجل عودة التعامل الدولي مع إيران. وأمس قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن الاتحاد يتواصل مع شركات وبنوك لتشجيعهم على تنفيذ أنشطة في إيران. وقالت إنه في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام زاد حجم التجارة بين الاتحاد وإيران بنسبة 22 في المائة، ونتواصل بنشاط جدا مع مجتمع الأعمال والبنوك في أوروبا وأماكن أخرى لتشجيع العمل في إيران.
وتجري شركة الطيران مباحثات مع بنوك وشركات تأجير قد تتدخل لتمويل صفقات الطائرات بالكامل أو جزء منها، إذ ينبغي أن تتجنب الصفقات النظام المالي الأمريكي في ظل بقاء بعض العقوبات.