ربما تكون الهزيمة مآل حملة بيرني ساندرز، في انتخابات
الرئاسة الأمريكية، لكن أهدافه في تقييد وول ستريت وإنهاء دور التبرعات الضخمة في الحياة السياسية والقضاء على تفاوت الدخل، كانت من أسباب استمراره في السباق الديمقراطي.
فقد تسبب ساندرز الذي بدأ خوض السباق مرشحا مغمورا فرصته في النجاح ضعيفة في دفع الحزب وهيلاري كلينتون متصدرة سباق الترشح إلى اليسار بشدة خلال معركة تمهيدية طويلة.
وخلال السباق أثار ساندرز (74 عاما) عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، حماس الناخبين من الشبان والتقدميين، ومهد لما يقول حلفاؤه إنه سيكون حركة باقية لها نفوذ في الحزب.
وقد انتزعت كلينتون أحد أبرز الوجوه السياسية في الولايات المتحدة ترشيح الحزب الديمقراطي، في جولة أخيرة من السباقات التمهيدية يوم الثلاثاء. لكن حتى قبل هذا النصر، فقد بدأ ساندرز باتخاذ خطوات لتحويل نفوذه السياسي إلى حركة تقدمية راسخة.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، قدم ساندرز بما له من نفوذ وقدرة في جمع التبرعات، الدعم لمرشحين تقدميين للكونغرس والمجالس التشريعية، على مستوى الولايات ممن يتفقون في الرأي مع برنامجه، وحث أنصاره في مختلف أنحاء البلاد على تقديم التبرعات لحملاتهم الانتخابية.
وعين ساندرز نشطاء بارزين في اللجنة التي تتولى صياغة برنامج القضايا الذي سيطرح في مؤتمر الحزب الديمقراطي في تموز/ يوليو، ليضمن بذلك صوتا قويا في تلك العملية.
وسينادي مندوبوه في المؤتمر الحزبي بتغييرات في قواعد الانتخابات التمهيدية على مستوى الحزب، بما في ذلك السماح للمستقلين بالتصويت في الانتخابات التمهيدية وتقليص نفوذ كبار المندوبين، وهم مئات من كبار مسؤولي الحزب يمكنهم التصويت لصالح أي مرشح بغض النظر عن تصويت الناخبين في دوائرهم.
وقال تشارلز تشامبرلين، المدير التنفيذي لجماعة الديمقراطية من أجل أمريكا: "أظن أننا سنشهد تغييرات حقيقية في الحزب الديمقراطي فيما بعد بفضل بيرني. فمستقبل الحزب مع من يؤيدون ساندرز".
وجماعة الديمقراطية من أجل أمريكا حركة ليبرالية في فيرمونت، ظهرت إلى الوجود من خلال محاولة هوارد دين الفاشلة الترشح للرئاسة، وقد أقرت هذه الحركة ساندرز في ذلك الوقت.
وقال تشامبرلين: "لقد برهن على قوة هذه الرسالة".
وخلال الحملة الانتخابية اضطر ساندرز كلينتون إلى التحرك صوب اليسار مرارا في قضايا تتراوح من دعمها لزيادة الحد الأدنى للأجور إلى معارضتها لاتفاق التجارة الآسيوي ولخط أنابيب النفط "كيستون".
وقال حلفاء ساندرز التقدميون إن هذه التحولات من جانب كلينتون ستكون مفيدة في الانتخابات التي تجرى في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر، أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي روج لبرنامج اقتصادي يقوم على مناهضة التجارة ودعم الوظائف، وهي مفيدة كذلك للديمقراطيين في مساعيهم لاسترداد الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وقال آدم غرين الذي شارك في تأسيس لجنة حملة التغيير التقدمي: "عندما تروى حكاية انتخابات 2016، فإنه سيكون جزء كبير منها أن بيرني ساندرز ساعد الحزب الديمقراطي في رفع صوت القضايا الاقتصادية الشعبوية".
خوض المعارك الملائمة
وإذا استعاد الديمقراطيون مجلس الشيوخ في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، فسيكون ساندرز مرشحا لتولي رئاسة لجنة الميزانية أو لجنة الصحة والتعليم والعمل ومعاشات التقاعد، وكلاهما منبران لهما نفوذ كبير سيسهمان في نشر أفكاره.
وقال تشامبرلين، إن ساندرز سيشكل قوة هائلة في مجلس الشيوخ مع إليزابيث وارين عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس التي تتزعم الجناح التقدمي في الحزب.
وأضاف: "بيرني ساندرز سيخوض كل المعارك الملائمة. وفي وجود بيرني ساندرز وإليزابيث وارين، فإننا سنشهد فريقا في غاية القوة في مجلس الشيوخ".
من ناحية أخرى، يهدف استثمار ساندرز في الجيل التالي من الساسة التقدميين إلى إيجاد جيل جديد من الليبراليين الذين يؤيدون برنامجه.
وقد بعث برسائل بالبريد الإلكتروني إلى قائمة المتبرعين له على المستوى الشعبي، يحثهم فيها على دعم ستة مرشحين متمردين للكونغرس وثمانية مرشحين لمجلس الولاية يرددون رسالته الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى سيل من التبرعات لحملاتهم الانتخابية. ومن المتوقع أن يتزايد هذا الاتجاه.
وطلب ساندرز من أنصاره في رسالة بالبريد الإلكتروني يوم الثلاثاء، دعم اثنين آخرين من المرشحين لعضوية الكونغرس هما إيريك كينغسون في نيويورك وبول كليمنتس في ميتشيغان.
وقال في الرسالة: "حركتنا قوية للغاية بحيث تتيح لنا تغيير انتخابات الكونغرس بين عشية وضحاها. فلنواصلها".
وقال جاستين بامبرج العضو بمجلس نواب الولاية في ساوث كارولاينا، إنه حصل على حوالي 70 ألف دولار من خلال التبرعات بعدما أرسل ساندرز رسالة بالبريد الإلكتروني لأنصاره أيد فيها بامبرج الذي قال إنه جمع في حملته الانتخابية السابقة تبرعات قدرها 21 ألف دولار فقط.
وقال بامبرج: "لا يعرفون فرقا بيني وبين آدم، لكنهم يؤمنون بالسيناتور ساندرز ويؤمنون بالتالي بالناس الذين يؤيدهم ساندرز".
وقال تيري ألكسندر ممثل ساوث كارولاينا الذي يدعمه ساندرز، إنه تلقى أيضا تبرعات قدرها 70 ألف دولار بعد رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها ساندرز. وأضاف أن هذه الأموال حررته من القلق على جمع التبرعات ومنحته المزيد من الوقت للتركيز على الالتقاء بالناخبين.