* إغلاق مقراتنا جاء كجردة حساب مع الإخوان
* الجماعة مرخصة منذ سبعين عاما ولدينا وثائق وقرارات من المحاكم
* لا نريد أن نجعل من إغلاق المقرات قصة كبيرة ولن نساعد في توتير الأجواء
* انتخاباتنا غير سرية وستجري كما هو مخطط لها
* شكلنا فريقا قانونيا للطعن بإغلاق المقرات
* الحكومة الأردنية رفضت الإصلاح أو إقرار تعديلات دستورية
قال الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، بادي الرفايعة، إن إغلاق الحكومة الأردنية مقرات الجماعة "يأتي كجردة حساب مع الإخوان لحضورهم في الحراك الشعبي في الأردن، ومطالبتهم بمكافحة الفساد وتحقيق
الإصلاح، وإقرار قانون انتخاب حقيقي وإجراء تعديلات دستورية حقيقية".
وكشف الرفايعة، في حوار مع "عربي21"، أن الجماعة "تلقت عروضا من شخصيات وطنية وعشائرية لفتح منازلها كمقرات للجماعة، بعد إغلاق النظام الأردني مقرات الجماعة في العاصمة عمان والمحافظات الأردنية" بحجة عدم الترخيص، كما قال.
وعن خطوات الجماعة القادمة بعد إغلاق المقرات، ذكر الرفايعة أن "فريقا قانونيا من المحامين يقوم بمتابعة قضية إغلاق المقرات"، مؤكدا "استكمال الانتخابات الداخلية للجماعة رغم إغلاق المقرات".
وفيما يلي نص الحوار:
* هل توقعتم أن تصل الأزمة مع النظام الأردني لإغلاق المقرات؟
- هو تصرف مفاجئ وغير متوقع من الدولة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة المعروفة في الأردن، تصرف ليس في مكانه.. تصرف خارج القانون، ويبدو أنه كان تصرفا عصبيا من الحكومة تجاه الإخوان. الذرائع القانونية التي تم الحديث عنها غير حقيقية وغير صحيحة، المسألة سياسية بحته ليست متعلقة بقانون أو بترخيص، ولا يمكن أن تكون الجماعة عبر 70 عاما تعيش وموجودة في الأردن، وحاضرة ولها فعل سياسي واجتماعي وخيري أن تكون خارج دائرة القانون.
الموضوع سياسي متعلق بالموقف من الجماعة.. هناك خطوات تصعيدية ضد الجماعة في الفترة الأخيرة. أتصور أن هذا يأتي ضمن السياق الإقليمي الذي يواجه حركات الإسلام السياسي، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، في معظم الدول العربية. واضح أن هناك موقفا بعد الردة والنكوص عن ثورات الربيع العربي، وخوف الأنظمة العربية المستبدة التي تحكمها الأجهزة الأمنية أو العسكر في بعض الدول العربية.. هناك تخوف من جماعة الإخوان المسلمين، هذه الجماعة المعروفة والمعتدلة التي جربها الناس وتلقى قبولا عند الناس، وفازت في انتخابات كثيرة هنا وهناك.
كما أن هذه الجماعة لديها برنامج، ولديها حديث عن مكافحة الفساد، قياداتها معروفة وسيرها الذاتية معروفة، أتصور أن النظام الرسمي العربي لا يرغب في أن تتقدم هذه الجماعة للمشاركة في الحكم أو الوجود في مجالس النواب أو حتى المواقع النقابية والطلابية، لذلك هناك حرب موجهة تجاه هذه الجماعة وحركات الإسلام السياسي بشكل عام في المنطقة.
الأردن تعامل بطريقة ليست عنيفة كما يجري في بعض البلدان العربية، إنما لا شك أن هنالك تدرجا في الخطوات التصعيدية تجاه الجماعة.. الجماعة تقدر هذا الشيء وتعرف أن هنالك مخططا تجاهها وتتصرف بحكمة وبطريقة ذكية في التعامل مع هذه الخطوات.. لا تريد التوتير مع الأنظمة العربية ولا تريد التصعيد أجهزتها الأمنية.. متأكدة أن هذا ليس في مصلحة البلد. الإخوان بشكل عام يتصرفون انطلاقا من مصلحة بقاء الجماعة وبقاء البلد دون توتير، وبطريقة لا تفتح الذرائع للتعامل معها بطريقة عنيفة وغير معهودة في الأردن. أتصور أن تصرف الحكومة كان خارج القانون وعرفيا، ولا يليق بالتعامل مع الإخوان رغم السيرة الذاتية للجماعة وما عهده الناس ويعرفونه عن الإخوان المسلمين في الأردن.
الأهم من ذلك أن المقرات ليست شيئا جوهريا ورئيسيا، ولا نريد أن نجعل منها حربا أو قصة كبيرة، هذه محاولات ستكون بائسة وفاشلة، ولا تؤتي ثمارها، والجماعة معروفة وحضورها ووجودها القانوني والشرعي والشعبي معروف.. لدينا متابعات قانونية مع المحافظين الذين أغلقوا المقرات.
* ماذا بالنسبة لتوقيت إغلاق المقرات وربطها بالانتخابات الداخلية؟ وهل أجريت فعلا بسرية؟
الجماعة معروفة، وحضورها معروف، وقيادتها معلنة، وما يجري من انتخابات يجري في العلن. فكيف عُرف أن لدى الإخوان انتخابات؟ تحدثنا عن ذلك في الإعلام، سواء في هذه المرة أو المرات السابقة. والمعروف أن هناك قانونا أساسيا ونظاما داخليا للجماعة، وهو ليس سريا، وتجري بموجبه الانتخابات. وكل مرة عندما تجرى هذه الانتخابات يتم الإعلان عن نتائج هذه الانتخابات من خلال تشكيل مجلس الشورى الذي يختار القيادات والمراقب العام، أيضا يتم الإعلان عن ذلك في الصحف والإعلام.. فليس (الأمر) خافيا وليس سريا، وليس عند الإخوان شيء سري.
هل يكون لإجراء الانتخابات علاقة بإغلاق المقرات؟ قد يكون ذلك.. قد يكون إجراء الانتخابات ذريعة وقتية إن جاز التعبير، لكن في العموم هي خطوة من خطوات أخرى.. هذه المرة اتخذت هذه الذريعة، بأن هناك انتخابات واختيار قيادة جديدة، وهذا لا تريده الدولة.
* الانتخابات الداخلية مستمرة؟ وأين ستجرى في ظل إغلاق المقرات؟
- الانتخابات الداخلية جارية.. لا توجد مشكلة في إغلاق المقرات الأمر ليس متعلقا بالمقرات. الإخوان حاولوا أن يجروا الانتخابات بحيث لا تكون مثيرة للأجهزة والدولة أو فيها تحدٍ.
* هل عضضتم على الجراح وسكتم؟ ما هي الإجراءات القادمة لمواجهة إغلاق المقرات؟
- في الجانب القانوني لدينا متابعة وفريق محامين يقوم بالمتابعة.. لدينا فريق محامين يتابع قانونيا مع القضاء ومراكز حقوق الإنسان.. كل هذا خطأ وغير صحيح.. ونحن نحاول أن نؤكد ذلك.
أما في الجانب السياسي، فنحن موجودن وحاضرون وفعلنا لن يتغير ودورنا لن يتغير، وسنحافظ على هذا الدور الراشد والحكيم لناسنا ومجتمعنا المحلي. سنقول للناس والدولة إن المقرات ليست شيئا أساسيا.. يمكن أن تكون بيوتنا مقرات.. وبيوت الأردنيين مقرات، وهناك تأييد لنا من شخصيات وطنية وعشائرية.. الكل يقول لنا بيوتنا ستكون مقرات لكم لا توجد مشكلة.
المسألة ليست عض جراح بقدر ما هو تصرف حكيم وراشد مع أطراف في الدولة تريد توتير الأجواء وخلق مشكلة داخل البلد مع جماعة معروفة. فقبل سنة أرادت هذه الأطراف فتح معركة مع الإخوان عندما أردنا الاحتفال بـ(مرور) سبعين سنة على تأسيس الجماعة، وكان هناك تحشيد وتعئبة وتحريض على الجماعة. نحن في لحظة ما وجدنا أن هذا ليس في مصلحة البلد، ولسنا في صدام مع الحكومة والأجهزة الأمنية والشرطة ووكلائهم. وجدنا من الأصلح أن نلغي هذا النشاط أو نؤجله، كذلك في هذه اللحظة أيضا لن نساعد من يرغب في توتير الأجواء وخلق إشكالية مع الجماعة.. ولن نساعدهم في ذلك وسنتصرف بحكمة وطريقة راشدة وأبعد من ذلك، وهذه سيرة الجماعة عبر سبعين عاما في الأردن. في كثير من المراحل والمحطات التي كان يمر بها الأردن، تصرف الإخوان بحكمة وعمق أكثر من الآخرين. حتى ما جرى في السبعينيات عندما كان هنالك اقتتال داخلي بين الفصائل الفلسطينة والحكومة الأردنية؛ الإخوان ابتعدوا عن ذلك ولم يريدوا الدخول بهذا الشيء واعتبروه خطا أحمر، وهكذا في كل مرة. لكن كجماعة لدينا موقف سياسي.. قد نختلف مع الحكومات، وهذا قد يكون سبب الخلاف والتويتر في العلاقات.
* لذلك ألغيتم الاعتصام الشبابي أمام المقر الرئيسي للجماعة؟
- الجماعة كجماعة لم نعلن أي نشاط، ولم أسمع عنه، فالجماعة لم تتخذ أي قرار بهذا الشأن. أما الآخرون، لا أعرف (إن كانوا) شباب إخوان أو غير إخوان، لكن ما علمته شباب الإخوان، إذا كانوا فعلا شباب الإخوان، هم أيضا تراجعوا عن النشاط من باب تغليب المصلحة العامة وعدم خلق إشكال معين.
* ما هي أشكال التصعيد التي ستتخذها الجماعة؟
- الجماعة من حقها أن تستخدم أساليبها السلمية في مواجهة هذا الموقف، لكننا مع ذلك نقدر كل خطوة نعملها، ونتصرف بحكمة.
* هل سيناريو لجوء الإخوان لحزب جبهة العمل الإسلامي كبديل للجماعة أمر وارد؟
- لا.. نحن جماعة دعوة شاملة؛ عندما نشأت لم تنشأ كحزب سياسي ولم تنشأ كجمعية خيرية أو مؤسسة اقتصادية، هي نشات كجماعة لديها أهداف واسعة ودعوة شاملة.. تعمل في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومساعدة الفقراء، وفي العمل الطلابي، وما زالت على هذا النهج في العمل.
الآن في الفترة الأخيرة، لا شك أصبح هناك حزب جبهة العمل الإسلامي، وأصبح إلى حد ما هو الذي يدير العملية السياسية، أو لنقل يشارك في العمل السياسي. وفعلا، الإخوان منذ فترة ليست قصيرة يتحدثون عن ترك العمل السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي. لكن الاندماج بالحزب ليس واردا؛ لأننا لسنا جمعية خيرية، ولا يمكن أن نقبل بأن نُحصر بجمعية خيرية؛ بالطريقة التي تريدها الحكومة. وقد يكون هذا هدفا رئيسيا.. الحكومة تريد حصرنا بمكان صغير أو ضغطنا بطريقة نعمل على هواها وطريقتها.. قد يكون هذا إشكالا رئيسيا مع الحكومة والدولة والأجهزة.. كجماعة مستقلة لا يعجبهم ذلك.. الحكومة تريد التدخل في كل شيء، وأن تضع نفسها في كل الدوائر وتصنع قيادات بطريقتها المناسبة، وتساعد في اختيار القيادات وتتفاهم في اخيتار المعارضين.. نحن لسنا جماعة ديكورية، وصعب عليهم هذا الشيء.. يمكن (أن يكون) هذا صعبا على الحكومة.. يمكن (أن يكون) هذا من أسباب الإشكال مع الحكومة.. أننا جماعة مستقلة.
* تحدثت عن السياق الإقليمي.. لماذا تطرق المراقب العام في رسالته عقب إغلاق المقرات إلى القضية الفلسطينية؟
- هو تحدث عن المواجهة مع الإسلام السياسي في المنطقة بشكل عام.. الآن أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة العدو الصهيوني، ولا أحد يشك بذلك، وهو يدفع بضغوطات منه ومن أمريكا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. بشكل مباشر أو غير مباشر، للضغط على حركات الإسلام السياسي.
اقرأ ايضا: إخوان الأردن والنظام.. كيف أضحى حلفاء الأمس أعداء اليوم؟
* هل الجماعة مرخصة قانونيا أم لا؟
- دعني أوضح بعض الأمور في الجانب القانوني.. أولا الجماعة بعيدا عن قصة الشعبية والحضور السياسي والتعامل الذي يجري مع الجماعة منذ سبعين عاما من قبل كل أطراف الدولة الأردنية، سواء الملك أو النظام بشكل عام أو الحكومات، سأتكلم بالموضوع القانوني. أولا: عندما بدأت الجماعة عام 1945 كان هنالك قرار مجلس وزراء باسم جمعية الإخوان المسلمين استنادا للقانون التركي الذي كان يطلق اسم جمعية على كل شيء، وفي سنة 1953 تم تعديل الاسم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ثم بعد ذلك أصبح لها حضور قانوني موجود ومركز قانوني صحيح 100 في المئة، والدليل على ذلك أنه تم تسجيل عقارات وأملاك باسم الجماعة طول هذه السنوات، فلو كانت هذه الجماعة غير موجودة أو وهمية أو منظمة غير موجودة على الورق؛ لا يمكن تسجيل أراض وعقارات باسم هذه الجماعة.
ثانيا: الجماعة لديها وثائق وأوراق وقرارات محاكم تعاملت مع الجماعة ومع نظامها الداخلي، وفصلت هذه المحاكم في خلافات داخلية عند الإخوان، لدرجة أنه لدينا قرار تمييزي بين أخوين مختلفين، فالمحكمة التمييزية ارتكزت على النظام الداخلي للجماعة وتعاملت معها كجماعة موجودة وحقيقية، وتم إصدار القرار في الخلاف. هذا دليل على الشخصية القانونية للجماعة.
وفي عام 2009، حديثا، تمت خطابات من وزير المالية إلى مجلس الوزراء إلى الإخوان المسلمين بشكل واضح لتسجيل عقار وأملاك للإخوان، واتخذ قرار مجلس الوزراء بتسجيل العقار، وبالتالي الجماعة بقيت شرعية وقانونية حتى اللحظة. فالمسألة ليست مسألة قانونية.. الحديث حول الترخيص والوجود القانوني عمره سنة فقط من 71 سنة من عمر جماعة الإخوان المسلمين.
* هل القيادة الحالية للجماعة هي سبب الأزمة مع الحكومة؟ وهل انتخاب قيادة جديدة يمكن أن يحل هذه الأزمة؟
- لا أتصور أن المسألة (مسألة) أشخاص أو قيادي معين، المسألة متعلقة بالإخوان وبرنامجهم وحضورهم وشعبيتهم.. يمكن (أن تكون) هناك جردة حساب مع الإخوان بالنسبة للنظام الأردني أو حتى الأنظمة العربية بشكل عام؛ لأن الإخوان كان لهم حضور في الحراك الشعبي في الأردن، وكان لديهم مطالب واضحة في مكافحة الفساد وتحقيق إصلاح حقيقي في الأردن، وإقرار قانون انتخاب حقيقي، وإجراء تعديلات دستورية.. يطالب بها الإخوان ومعهم كل طبقات الشعب الأردني. هذا جزء من الإشكال، كأنه يراد محاسبة جماعة الإخوان المسلمين لماذا كانت تطرح هذا الطرح، بالرغم من أنه طرح راشد ومختلف عن كل ساحات العمل العربي.. في كل دولة عربية تم طرح إسقاط النظام، وفي الأردن طُرح إصلاح النظام؛ تقديرا من الجماعة أن هذا في الأردن مناسب وكاف ولا داعي للذهاب أبعد من ذلك. ومع أن هذا الطرح راشد وحكيم، وفيه إصلاح متدرج للعملية السياسية وللنظام السياسي الأردني وبنية العمل السياسي، لم يقبل النظام ذلك؛ لأن النظام الأردني هو جزء من الأنظمة العربية.. وبكل صراحة، النظام الأردني، كأي نظام عربي تحكمه الأجهزة الأمنية والمخابرات وأجهزة العسكر في بعض الدول، وتريد (الأجهزة) إبقاء طريقة الحكم الفردي المستبد الذي يرتكز على العطايا والمكرمات التي توزع بعيدا عن الشعب، (مع) بقاء الشعب وكأنه ليس له علاقة لا بالحكم أو بإفراز مجالس نيابية ولا بحكومات شعبية.. فقط يُراد هذا القائم.
الإخوان طرحوا شعارات مكافحة الفساد، وكف اليد الأمنية عن العملية السياسية، وعمل قانون سياسي، وعمل تعديلات دستورية مناسبة.. كل هذا، بالرغم من أنه (طُرح) بمنتهى الحكمة والرشد لم تقبله هذه الأنظمة؛ لأنها لا تريد إعطاء الشعوب العربية أي مجال للحكم.
اقرأ ايضا: "عربي21" تفتح مع مراقب إخوان الأردن ملفات الجماعة والمحيط