تتسارع التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية، وتستمر الجهود الروسية – الأمربكية المشتركة من أجل ترتيب
التسويات في بعض الساحات الساخنة وخصوصا في
سوريا واليمن والعراق، فيما لا تزال إيران تعيش تحت تأثير تفاعلات الاتفاق حول الملف النووي مع الدول الكبرى إن على مستوى الوضع الداخلي أو السياسات الخارجية، وكل هذه التطورات سيكون لها تأثير كبير على مواقف وسياسات
حزب الله في لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تعاظم دور الحزب الإقليمي بسبب نشاطاته العسكرية أو الاستشارية أو التدريبية أو السياسية والاعلامية في عدد من الدول العربية.
فأي دور وأي مستقبل لحزب الله في حال نجاح التسويات السياسية ولاسيما في سوريا واليمن؟ وهل سيعود الحزب إلى دوره اللبناني السياسي إو إعادة الأولوية لدوره المقاوم ومواجهة العدو الصهيوني؟ وما هي تأثيرات تعاظم دور الحزب على موقعه وعلاقاته الداخلية والخارجية؟
من المعروف أن قيادة ومؤسسات حزب الله تتميز بالمتابعة الدقيقة للتطورات الدولية والإقليمية، وهي تجري دائما تقييما لكل التطورات وتضع الاستراتيجيات المناسبة مع هذه المتغيرات وتتضمن هذه الاستراتيجيات الخيارات المتعددة وكل الاحتمالات المتوقعة.
وفي ظل ما يجري من تطورات إقليمية ودولية فإن المسؤولين في حزب الله يتابعون
الأحداث بشكل يومي، وخصوصا التطورات الميدانية والسياسية في سوريا والعراق واليمن، وما يجري من متغيرات على صعيد الوضع الداخلي في إيران منذ الاتفاق حول الملف النووي، ويشير هؤلاء المسؤولين في بعض اللقاءات الخاصة إلى أن قيادة الحزب تعتبر أن مرحلة التسويات الشاملة لم تأت بعد رغم كل الجهود الروسية – الأمريكية التي تبذل على أكثر من صعيد، وأن الأشهر المقبلة ستشهد متغيرات مهمة ميدانية وسياسية سيكون لها تداعياتها على كل الأوضاع في المنطقة وعلى دور القوى الإقليمية والمحلية.
ويعبر هؤلاء المسؤولون عن ارتياحهم الكبير لمجريات الأوضاع الميدانية والعسكرية في العراق وسوريا واليمن وهم يؤكدون أن التسويات القادمة لن تكون على حساب محور المقاومة والممانعة، بل إن هذه التسويات ستكون لصالح هذه القوى رغم تقديم بعض التنازلات على الصعيد السياسي في سوريا والعراق أو حصول بعض التطورات الميدانية لصالح السعودية وحلفائها في اليمن، لكن التسويات إذا حصلت لن تكون على حساب المحور الإيراني – السوري – الروسي حسبما يقول المسؤولون في الحزب.
وعن مستقبل ودور الحزب في المرحلة المقبلة وإمكانية عودته إلى الداخل اللبناني والمترتبات السياسية والعملية والشعبية على هذه العودة؟ يوضح بعض المسؤولين في الحزب: أنه من السابق لأوانه الحديث عن هذا الموضوع قبل نضوج التسويات في المنطقة، وأن تدخل حزب الله في بعض الساحات العربية ولا سيما في سوريا فقد كان اضطراريا ولأسباب ضرورية، وأما في العراق فدور الحزب محدود وفي اليمن له دور استشاري وإعلامي، وأن الحزب لم يتراجع عن إعطاء الأولوية للصراع مع العدو الصهيوني طيلة السنوات الماضية وقد زاد من تسلحه وتدريباته وامكانياته، كما أن مشاركة مقاتليه في الصراع في سوريا ساعدت في امتلاكهم قدرات وخبرات جديدة مميزة.
لكن هل سيعود حزب الله إلى الداخل اللبناني في المستقبل؟ وهل سيتراجع عن ادواره الاقليمية والخارجية؟ واي مشروع سيطرحه الحزب في المرحلة المقبلة؟
ليس لدى المسؤولين في حزب الله إجابات واضحة وصريحة حول هذه الأسئلة مع أنهم يؤكدون على التزامهم بخيار الدولة اللبنانية واتفاق الطائف وأنهم ليسوا الوحيدين الذين قاموا بادوار خارجية لاسيما في سوريا وأن المطلوب الحوار بين جميع الاطراف للتوصل إلى تسويات داخلية وخصوصا ملف الانتخابات الرئاسية وانهم ليسوا الطرف الوحيد المؤثر في هذا الملف وأن التيار الوطني الحر والعماد ميشال عون هم الطرف الاساسي في هذه المعركة.
من يستمع إلى مواقف وقيادات حزب الله سواء على الصعيد العلني أو في اللقاءات الخاصة يدرك تعاظم وحجم الدور الكبير الذي وصله الحزب داخليا وخارجيا واطمئنان قيادته إلى مستقبل الحزب ودوره، لكن ذلك لا يلغي أن الحزب سيكون امام تحديات كبيرة وأسئلة مصيرية في المرحلة المقبلة ولا سيما إذا وصلت التسويات في المنطقة إلى نهاياتها السعيدة.