شكّل السقوط والانهيار السريع لنظام بشار الأسد وحزب البعث في
سوريا التطور
الأبرز خلال الأيام الماضية، وقد تطورت الأوضاع بسرعة حيث نجحت قوى المعارضة الإسلامية
بقيادة هيئة تحرير الشام في السيطرة على معظم المدن السورية وصولا للعاصمة دمشق
خلال أيام قليلة، فيما فر بشار الأسد وعائلته إلى موسكو.
هذه التطورات المتسارعة تركت تأثيرها على كل المشهد السوري والعربي والإقليمي
والدولي، والملفت أن هذه التطورات المتسارعة حصلت بعد ساعات قليلة على انتهاء
الاجتماع الرباعي في الدوحة والذي جمع مسؤولين إيرانيين وروسا وأتراكا وقطريين، وإطلاق
مواقف روسية وإيرانية تشير إلى تخلي البلدين عن دعم الأسد.
وبانتظار وضوح الصورة الداخلية في سوريا وتشكيل حكومة انتقالية تدير الأوضاع
السورية الداخلية، فإن الجانب الأخطر في المشهد تمثل بالدخول
الإسرائيلي السريع
على خط التطورات في سوريا واستغلال المرحلة الانتقالية في سوريا لفرض وقائع جديدة
وخطيرة، عبر استهداف القدرات العسكرية السورية واحتلال أراض سورية في منطقة
الجولان وشن غارات إسرائيلية على كافة الأراضي السورية والقواعد العسكرية السورية
ومؤسسات سورية متعددة.
مع أهمية ما قام به الشعب السوري من ثورة شعبية للقضاء على النظام السابق وأحقية مطالب الشعب السوري في إقامة حكم يقوم على العدل واحترام حقوق الإنسان وتحقيق مطالب هذا الشعب على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، فإنه ينبغي عدم إغفال خطر المشروع الصهيوني على سوريا وشعبها وعلى كل القضية الفلسطينية وقوى المقاومة
وقد ذكرت القناة
"14" العبرية ومصادر إسرائيلية وسورية أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم
عشرات الأهداف التابعة للجيش السوري ودمر عشرات المقاتلات في مطاراتها، كما تم استهداف القاعدة البحرية في مدينة اللاذقية.
وأشارت المصادر
الإسرائيلية إلى أن الأسلحة التي دمرها الجيش الإسرائيلي خلال هجومه
تضمنت عشرات الطائرات من طراز "ميغ 29" التي تعتبر أحد الأصول
المهمة في سلاح الطيران السوري.
وبحسب المصادر الإسرائيلية
فإن أهداف الهجمات كانت أنظمة صواريخ مضادة للطائرات، وورش إنتاج للصواريخ
الباليستية ومستودعات لتخزينها، وأنظمة دفاع جوي، مشيرة إلى أن هذه الضربات تهدف
إلى ضمان استمرار حرية العمل لإسرائيل في سماء سوريا.
وأفادت القناة
"12" العبرية بأن الطائرات الإسرائيلية قصفت عدة مستودعات
للأسلحة في محيط مطار دمشق الدولي، ومطاري المزة وخلخلة العسكريين.
وذكرت صحيفة
"يديعوت أحرونوت" نقلا عن مصادر إسرائيلية أن "الجيش الإسرائيلي
يسعى حاليا لإنشاء منطقة عازلة لحماية المستوطنات في الجولان، لتعزيز أمن الكيان
الصهيوني".
كل هذه التطورات
التي أتت بعد توقف القتال في لبنان بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله وفقا للاتفاق
الذي تم التوصل إليه برعاية أمريكية وفرنسية بين الحكومة اللبنانية والكيان
الصهيوني، وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، تؤكد
الترابط الكبير بين كل هذه الأحداث والسعي الصهيوني لاستغلال ما يجري لفرض وقائع
جديدة في كل المنطقة من أجل القضاء على قوى المقاومة.
ومع أهمية ما قام
به الشعب السوري من ثورة شعبية للقضاء على النظام السابق وأحقية مطالب الشعب السوري
في إقامة حكم يقوم على العدل واحترام حقوق الإنسان وتحقيق مطالب هذا الشعب على
الصعد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، فإنه ينبغي عدم إغفال خطر المشروع
الصهيوني على سوريا وشعبها وعلى كل القضية
الفلسطينية وقوى المقاومة.
فالعدو الصهيوني
يحاول استغلال كل هذه التطورات من أجل إنهاء محور المقاومة وتصفية القضية
الفلسطينية، واحتلال أراض جديدة في سوريا ولبنان وضم الضفة الغربية والجولان، وإقامة
مناطق عازلة في غزة وجنوب لبنان وسوريا.
كما تهدف
التطورات لضرب كل منجزات معركة طوفان الأقصى، وخصوصا ما تحقق من أجواء وحدوية إسلامية
وتحول القضية الفلسطينية إلى القضية الأبرز على الصعيد العربي والإسلامي والدولي.
ومن هنا أهمية أن
تعي قوى المعارضة السورية اليوم وخصوصا القوى الإسلامية خطورة ما يجري، وأن لا
تسمح بانجرار الأوضاع إلى صراعات جديدة جانبية تخدم المشروع الصهيوني المدعوم من أمريكا
ودول الغرب.
وقد يكون الموقف
الإيراني الإيجابي من التطورات السورية وعدم المشاركة في القتال مجددا إلى جانب
النظام السوري، وكذلك التعاون التركي- الروسي- الإيراني- القطري في منع حصول
مواجهات داخل سوريا، وتأمين الغطاء الإقليمي والدولي للتغيير الذي حصل، ونأي
العراق عن الأحداث، وبقاء حزب الله خارج الصراع، كل هذه التطورات ينبغي أن تساعد
في فتح آفاق جديدة في العلاقات بين القوى العربية والإسلامية، وكذلك بين السلطات
السورية الجديدة وبقية القوى الفاعلة في المنطقة، وخصوصا إيران والعراق وحزب الله
وقوى المقاومة في فلسطين.
هل ستستطيع الثورة الشعبية الجديدة في سوريا تجاوز كل العقبات والتحديات وإعادة بناء سوريا على أسس جديدة ودعم الوحدة السورية، ومواجهة الخطر الصهيوني وإعطاء الاهتمام الكافي لدعم القضية الفلسطينية؟ أم سينجح الأعداء لجر المنطقة إلى صراعات جديدة يستفيد منها المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا؟
طبعا لا يمكن الإنكار
أن السلطات الجديدة في سوريا أمامها مهام وتحديات كبيرة داخلية وخارجية، ولكن مواجهة
الخطر الصهيوني والاهتمام بالقضية الفلسطينية والحفاظ على الوحدة الإسلامية
والوطنية ينبغي أن يشكّل أحد أبرز الاهتمامات أمام هذه السلطات.
والأداء الجديد
للسلطات الجديدة على صعيد العلاقات الداخلية وضبط الأوضاع الأمنية وعدم حصول
تجاوزات داخلية، كل ذلك يشكّل مؤشرا إيجابيا في المرحلة المقبلة.
فهل ستستطيع
الثورة الشعبية الجديدة في سوريا تجاوز كل العقبات والتحديات وإعادة بناء سوريا
على أسس جديدة ودعم الوحدة السورية، ومواجهة الخطر الصهيوني وإعطاء الاهتمام
الكافي لدعم القضية الفلسطينية؟ أم سينجح الأعداء لجر المنطقة إلى صراعات جديدة
يستفيد منها المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا؟
نحن أمام مرحلة
صعبة وخطرة بعد الزلزال السوري وفي ظل التطورات الجارية في لبنان وفلسطين وكل
المنطقة، فإلى ماذا ستنتهي الأوضاع في الأيام القادمة؟ وأي دور للقوى الإسلامية
والوطنية والقومية في منع العودة إلى ما قبل معركة طوفان الأقصى وفي كيفية حماية
المقاومة والقضية الفلسطينية من المخاطر القادمة؟
وتبقى فلسطين هي
محور كل التطورات في المنطقة والعالم.
x.com/kassirkassem